مقال: الفهلوي وملف الموظفين

ابراهيم المدهون
ابراهيم المدهون

إبراهيم المدهون

حتى اللحظة لا يوجد اعتراف رسمي ولو بكلمةٍ واحدة بموظفي غزة من الرئيس عباس أو حكومة الحمد الله، وتوجد ضبابية بملفهم ويتم التعامل بحذر عبر الناطق باسم الحكومة أو حتى رئيس الحكومة مع ما يتعلق باستحقاقهم الوظيفي، وكأنهم كيانٌ منفصل وهنا الخطورة التي تهدد بارتكاسةٍ قد تكون أدهى وأمر.

ما تقوم به حكومة الحمد الله من تمييع لقضية الموظفين الأمر الذي يعتبر جريمةً وطنية تصب في صالح الاحتلال وحصاره لقطاع غزة، بالإضافة لما تعتريه من تفسخ للقضية والجسد الفلسطيني، كما أنه تنكر لجميع التفاهمات الحقيقية والجوهرية لروح المصالحة، وهو جُرم سيبقى سُبة في جبين "حكومة التوافق" إن لم تسارع لحل هذه القضية بأسرع وقت ممكن، وإلا ما فائدة المصالحة إن لم تندمج الحكومتان في جهازٍ إداري وسياسي موحد ومسؤول؟! وما فائدة الاتفاقات والاحتفالات إن لم تفكك جميع المعيقات وأزمات الناس في الضفة بوقف الملاحقات الأمنية السمجة واعتداء قوات الأمن على أهالي الأسرى، وفي قطاع وغزة برفع الحصار ودفع الرواتب لمستحقيها ممن يعملون على خدمة الناس وحفظ أمنهم وأمانهم.

لا معنى للمصالحة إن لم يتقاض موظفو قطاع غزة رواتبهم كاملةً أسوة بنظرائهم، وإلا فالانقسام باق كأن لم يكن شيء بشأنه، ومحاولة تسويف وتخذيل الموظفين لن يضر حماس بقدر ما سيضر مستقبل السلطة الفلسطينية التي ستثبت لأهالي قطاع غزة أنها غير حريصة على مستقبلهم ولا تهتم لأوضاعهم ومستعدة للتضحية بهم.

لن ألوم غضبة الموظفين ومنعهم غيرهم من تقاضي رواتبهم، ولن استهجن أو أستنكر إقفالهم البنوك طالما أن أمنهم الوظيفي مهدد وفي مهب الريح، وفي حال استمرت الحكومة الفلسطينية في صمتها وتضييعها لحقوق جزء كبير من الموظفين ولم تخرج بتصريح واضح يشرح حقيقة الموقف وتحملها لكامل المسؤولية، فأعتقد أننا أمام بدائل خطيرة قد تعصف بنا. ومن يتساءل لماذا الآن جاءت هذه الغضبة وهذا المنع وقد حرم الموظفون منذ عام من حقوقهم، ولماذا لم يثر الموظف في السابق؟ نقول إن هذا السؤال يتجاهل المستجد الأهم وهو حدوث المصالحة وتوحد الجهاز الإداري في كيان سياسي واحد، ففي السابق كان الموظف يدفع فاتورة الانقسام راضياً محتسباً قانعاً، أما أن يدفع وحده فاتورة المصالحة فهذا شيء عجاب لا يقبله منطق أو دين.

موظفو غزة ليسوا عبئاً وبطالين، ولا هم متسولون على أعتاب فخامته ودولته ومعاليه، إنهم يريدون حقوقهم التي كفلتها الشرائع والقوانين الإنسانية، وهم الأكثر انضباطاً وعملاً وتفانياً في خدمة شعبهم، وأي تقصير في حقوقهم هو لعب بالنار التي إن اشتعلت لن يطفئها أحد ولا يعلم مداها إلا الله، وأي ابتزاز أو خداع سيعتبر لعبا وعبثا بأرزاق العباد وهذا هو الخط الأحمر الكبير، فهذه الفهلوة والفزلكة لن تضر حماس إلا أذى وسيحتم عليها أن تقف وتفكر وتلتف وتتعاضد وسيحصر خيارها بمواجهة الاحتلال وإعادة الأمور للمربع المشتعل.

البث المباشر