قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: من صاحب الشرعية ..؟

(صورة أرشيفية)
(صورة أرشيفية)

جمال أبو عامر

بغض النظر عن بنود اتفاق المصالحة بين فتح وحماس وهل غبنت حماس في اتفاق المصالحة أم ﻻ و هل نصّت المصالحة بالنص القاطع الدلالة على وضع موظفي غزة أم ﻻ ... ﻻ بد من إجابة بسيطة و بدون سفسطة للأمور!.

حيث حاول بعض الموتورين من فتح و حكومة رام الله حصر مفهوم الشرعية بهم فقط ﻻ غير .. و أن موظفي غزة ليسوا شرعيين و ﻻ بد من إعادة تقييمهم بحسب بعض البنود .. ؟

هنا يبرز سؤال منطقي هل يعقل أن تتشكل حكومة على أنقاض حكومتين سابقتين متناقضتين و متصارعتين في وحدتين جغرافيتين و تعترف بواحدة و تتنكر للأخرى ..؟

و حتى لو افترضنا جدلا قيام وحدة بين شطري الوطن كما حصل في ألمانيا و اليمن ...هل يعقل ترك موظفي أي شطر في الشارع و الاعتراف بالآخرين ...؟

و هنا ﻻ بد من الإشارة إلى تصريح الحمد لله رئيس الوزراء يقول فيه : إن ألمانيا بعد خمسة وعشرين عاما ﻻ زالت تعالج آثار الوحدة ،إنها محاولة للتهرب من مسؤولياته اتجاه غزة .. فإن ألمانيا تقوم بإزالة آثار الوحدة من خلال زيادة معدل التنمية و البنية التحتية في الشرق و لم تكن في تبني موظفي الدولة في مجالات الشرطة و الصحة و التعليم، فنحن مازلنا أحياءً وشهودًا على توحيد الألمانيتين فلم يحدث شيئا مما يحدث الآن مع أبناء غزة ، لذلك ﻻ يحاولن أحد المغالطة في التاريخ ليدلس و يشوش على عقول الناس .... ثم إن ما تطرحه حكومة رام الله يشير بمضمونه على أن حكومة الحمد لله هي وريثة حكومة عباس و كأن غزة كانت مجرد كيان متمرد و هو أمر خطير وله ما بعده و هو ينقض مفهوم المصالحة من أساسه .

إن المنطق الذي يتحدث به مدعو الشرعية ( رام الله ) ليس له أي معنى و ﻻ أي نصيب من الصحة و المصداقية بحسب كل مفاهيم العلم السياسي القديم و المعاصر .. و حتى الاحتلال (الإسرائيلي) في عام 67 عندما احتل قطاع غزة و الضفة الغربية كان عقلانيا بدرجة سمحت له تسيير البلاد بسرعة ، فقد اعترف بالشرطة القائمة في غزة والضفة وتكفل بكل موظفي التعليم والصحة في المناطق التي احتلها و لم يقل أنه سيقوم بتقييم موظفي الإدارات السابقة للمناطق المحتلة ..!!

فكيف يستقيم ما تقوم به حكومة الحمد لله ...؟

ثم إذا ما أردنا فتح باب الجدل حول من هو الشرعي و من هو غير الشرعي ، فإنه باب يطول الكلام فيه و بلا جدوى و سيكون الجدال فيه أشبه بالجدل البيزنطي .. رغم قناعاتي اليقينية بأن وضع حكومة غزة كانت هي الأكثر شرعية و لكنها ظروف الجيوبوليتيك لغزة فرضت نفسها على عليها ... وعلى كل حال إن الشرعية ليست رداء أو مظلة نحملها بأيدينا نعطيها هذا تارة و نسلبها منه تارة أخرى وفق أهوائنا ...!!

فكل طرف قد يكون فيه ما يكفيه من العوار القانوني و الدستوري ، و أمر كهذا يحتاج لمحكمة دستورية عليا و نزيهة و ﻻ تكون محسوبة على طرف دون آخر كما هو الحال اليوم في البلاد العربية المجاورة ، نحن نريد محاكم دستورية على شاكلة المحاكم الدستورية في البلاد الديمقراطية الحقيقية كما في بريطانيا و فرنسا و ألمانيا أو يمكن اللجوء لهيئة تحكيم دولية مختصة .

نقول لكم : يا حكومة التوافق اعتبروا غزة قد احتلتها رام الله و عليها التكفل بكل موظفيها ... طبعا سيغضب الغاضبون و لا يقبلوا بهذا التشبيه، لكن الجواب ببساطة عندما تتصرف جهة ما بطريقة أسوأ من الاحتلال ، حينها يصبح تشبيههم بالاحتلال منطقيا و مقبوﻻ ..!

في الختام لا يسعنا إﻻ أن نقول لكم :

إن قطع الأرزاق من قطع الأعناق.!

البث المباشر