خيمة الأسرى تشتكي قلة المتضامنين

خيمة الأسرى تشتكي قلة المتضامنين
خيمة الأسرى تشتكي قلة المتضامنين

الرسالة نت - عبدالرحمن الخالدي

ما أن تقترب من إحدى مداخل تلك الخيمة الزرقاء، حتى تجدها خاويةً على عروشها، إلا من بعض من وضعوا على عاتقهم حمل همّ الأسرى ونقل رسالتهم، تنسدل على صدورهم بطاقات كُتب فيها بالخط العريض "مضرب عن الطعام".

تلوح بناظريك يمينًا ويسارًا، فتلفتك أعين الأسرى البرّاقة في صورهم التي غطّت كل شبرٍ من جوانب الخيمة، وكأنهم يعاتبونك قائلين "أين أنت من نصرتنا ودعم قضيتنا !".

المار بقربها من بعيد، يظن للوهلة الأولى أنها بيت عزاء لأحد الأشخاص، غير مدركٍ أنها احتوت ما يقارب 30 شخصًا أعلنوا إضرابهم الجزئي عن الطعام تضامنًا مع الأسرى الإداريين في سجون الاحتلال (الإسرائيلي).

في إحدى زوايا الخيمة التي أقامتها لجنة القوى الوطنية والاسلامية، يجلس الخمسيني مصباح عبدربه على سريره الأبيض، تارة يقرأ آياتٍ من كتاب الله، وتارة يتأمل بدقة ملامح ابنه الأسير "راجي" في صورته التي علّقها فوق سريره.

تبدو على عبدربه ملامح التعب الإرهاق، ويقول: "أعلنت إضرابي عن الطعام منذ أكثر من 21 يومًا، ولن أتراجع عن خطوتي إلا عند إعلان الأسرى الإداريين فك إضرابهم وتحقق مطالبهم الشرعية".

وأضاف لـ"الرسالة نت": "نعتصم هنا يوميًا من الثامنة صباحًا وحتى الثامنة مساءً، وهذا أقل ما يُمكن أن نقدمه لأبنائنا الأسرى في السجون، وخاصة الإداريين منهم والمضربين عن الطعام منذ عشرات الأيام".

إقبال ضعيف

وحين سؤال عبدربه عن إقبال الجمهور على خيمة اعتصامهم على بوابة مقر الصليب الأحمر بغزة، أجاب دون تردد: "الإقبال ضعيف جدًا ولا يرقى لمستوى تضحيات الأسرى وإضرابهم الأسطوري".

وتابع بحسرة: "للأسف الكثير من الناس لا يعلمون أصلاً بوجود خيمة اعتصام بغزة وبها ما يقارب 30 شخصًا يخوضون إضرابًا جزئيًا عن الطعام، أو أن هناك أصلاً أسرى إداريون مضربون عن الطعام لأكثر من 50 يومًا في سجون الاحتلال".

ويرى عبدربه أن الحل الأمثل لزيادة رقعة التضامن مع الأسرى الإداريين يكمن في نقل خيمة الاعتصام لمكانٍ أكثر مركزيةً وجذباً لأنظار الجمهور، مٌقترحًا ساحة الجندي المجهول أو السرايا، ومُستذكرًا وقع وصدى الخيمة التي شهدتها ساحة الجندي المجهول أثناء إضراب الكرامة في مايو 2012م.

إضراب شامل

يُغادر عبدربه منزله من شمال القطاع صباح كل يوم، متوجهًا لخيمة الاعتصام التي يلتقي فيها زميله والد الأسير "علي الصرفيتي"، الذي يُشاركه إضرابه عن الطعام، وتشاهدهما في كلّ فعالية أو وقفة تُساند الأسرى الفلسطينيين.

يشتكي نضال الصرفيتي –والد أسير وشهيدين- كسابقه ضعف مشاركة الجمهور، فيقول: "لو أن كل واحدٍ منا خصص من وقته عشر دقائق يوميًا من أجل نصرة قضية الأسرى ودعم ثباتهم وصمودهم، لشهدنا جذبًا لأنظار العالم نحوهم".

وحول إضرابه عن الطعام يتحدث الصرفيتي: "أعلنّا إضرابنا عن الطعام منذ أكثر من 20 يومًا، ولا نتناول إلا بعض المياه والألبان، مصممين عدم فك إضرابنا إلا بعد فكّ الأسرى الإداريين لإضرابهم".

وأضاف: "أعداد المتضامنين في خيمة الاعتصام وزائريها مؤسفة وغالبًا نشعر بالوحدة، ونشهد حضورًا بين الحين والآخر من مختلف الجهات التي تقوم بإلقاء الكلمات والتقاط الصور لدقائق معدودة ثم ترحل".

ويُصرّ الصرفيتي أنه من الواجب أن تُعلن الحكومة الفلسطينية أو فصائل المقاومة، يوم إضرابٍ تجاريٍ شاملٍ في القطاع، يجذب أنظار الصغار قبل الكبار نحو إضراب الأسرى الإداريين الذين كتبوا وصاياهم وساءت أوضاعهم الصحية بشكل كبير.

وتابع: "قضية الأسرى قضية وطنية وإنسانية بحتة، ولا حزبية فيها، ووجب على الجميع القيام بواجبهم تجاه هذه القضية مهما اختلف انتمائهم أو أهوائهم، كلٌ حسب نهجه وطريقه".

كلا الجنسين

لم يقتصر الاعتصام والإضراب عن الطعام في الخيمة على الرجال فقط، فما أن تزور الخيمة حتى تسرق نظرك من بين الإناث فيه، تلك الحاجة السبعينية التي تجوب الخيمة من حين لآخر تحمل صورًا لبعض الأسرى، للوهلة الأولى تظنها صورًا لأبنائها الأسرى.

فاجأتنا المحررة خديجة الشافعي بالقول: "مليش أولاد في السجون، بس كل الأسرى أولادي، وما بفوّت فعالية أو خيمة اعتصام وتضامن مع الأسرى المظلومين إلا بكون أول الناس فيها، وأنا مضربة عن الطعام معهم".

ويُجمع أهالي الأسرى والمعتصمين في الخيمة على ضرورة التحرك الشعبي والمشاركة في فعاليات نصرة الأسرى كافة، داعين أهالي الأسرى أن يكونوا في الصف الأول من أجل إبراز قضية أبنائهم ونصرتهم.

ويتابع الشارع الفلسطيني باهتمام كبير حادثة اختفاء الجنود "الإسرائيليين" الثلاث في مدينة الخليل المحتلة، متمنيين أن تشهد الأيام المقبلة صفقات تبادلٍ تًبيّض سجون الاحتلال من الأسرى الفلسطينيين.

 

البث المباشر