الرسالة نت - باسم عبد الله أبو عطايا
"احذروا، عميل لمنظمة التحرير الفلسطينية في البيت الأبيض" ، "يجب القول بصورة واضحة وبسيطة إنه يوجد رئيس معاد للسامية في أميركا، للأسف" ، "«أوباما لم يتصرف مع إسرائيل كقائد ذي إستراتيجية، بل كولد فلسطيني يقذف رجال الشرطة الإسرائيليين بالحجارة في القدس".
هذه بعض ردود الفعل في " إسرائيل " على الأزمة التي نشبت مؤخرا مع الولايات المتحدة ، وبغض النظر عن حقيقة هذه الأزمة التي يراها البعض سحابة صيف ، ويراها آخرون سواء خلاف بين الحليفتين من أكثر من 35 عاما ، إلا أن هناك جذور للازمة وأرضية مسبقة تم تجاوزها لكن لم تزال أثارها .
منذ اليوم الأول لدخول الرئيس الامريكى باراك أوباما للبيت الأبيض ، أصبح الحديث عن خلاف في وجهات النظر بين الحليفين الاستراتيجيين يمكن الحديث عنه على صفحات الجرائد وعبر الفضائيات وهذا ما كان ليحصل في السابق .
للازمة جذور
فالعلاقة بين حكومة باراك أوباما نتنياهو مرت بمنعطفات كثيرة وشهدت مستويات منخفضة جدا في بعض الأوقات ، فعلى سبيل المثال لا الحصر قبل عقد اللقاء الأول بين رئيس الحكومة الإسرائيلية والرئيس الأميركي ، ماطل البيت الأبيض في إقرار ذلك اللقاء، وهذا ما تكرر قبل اللقاء الأخير الذي جمعهما سويا في واشنطن وجرى بعيدا عن أعين الإعلام وفى ساعات متأخرة من الليل.
يتمحور الخلاف الامريكى الاسرائيلى حول عدة نقاط تراها إدارة أوباما ضرورية جدا للسير في عملية السلام في الشرق الأوسط أولها في ملف العملية السلمية مع الفلسطينيين ويتمحور الخلاف حول تجميد الاستيطان ، والاعتراف بحل الدولتين وتقديم تسهيلات للفلسطينيين تضمن العودة إلى طاولة المفاوضات وهذا ما ترفضه " إسرائيل" .
أما نقطة الأخرى في الخلاف الملف الإيراني الذي ترى إدارة أوباما انه لا ذالك هناك متسع من الوقت للحديث عن الدبلوماسية في حين ترى إسرائيل أن الحل يكمن في العمل العسكري .
كل هذه الخلافات تم السيطرة عليها تارة وتجاوزها وغض الطرف عن بعضها تارة أخرى حتى جاءت زيارة نائب الرئيس الامريكى جو بايدن والتي فجرت من جديد الأزمة ، وأعادت إلى الواجهة الخلاف بين واشنطن وتل أبيب ، الأزمة أشعلت تصريحات اتهامات شديدة اللهجة بين الطرفين أحاديث توبيخ ، وأحاديث ولى ذراع ، وأخرى تتحدث عن تحقير ، وهناك من تحدث عن أزمة لم يسبق لها مثيل .
الهجوم على أوباما
تصريحات كلينتون وبإيدن حول نية" إسرائيل " بناء 1600 وحدة سكنية جديدة في القدس اغضب المتطرفين اليهود فأعلنوا الحرب على أوباما وإدارته واتهموه بمعادة السامية ، وأكثر من شن هجوما لاذعا على أوباما كان بن أرتسي، وهو شقيق زوجة نتنياهو، الذي قال في حديث لإذاعة الجيش في وقت سابق إنه «يجب القول بصورة واضحة وبسيطة إنه يوجد رئيس معاد للسامية في أميركا، للأسف».
وأضاف أن «أوباما ليس فقط لا يحب رئيس الحكومة وإنما هو لا يحب شعب إسرائيل، وطوال 20 عاما جلس الرئيس أوباما لدى الراهب غرميا رايت وهو معاد للسامية ولإسرائيل واليهود...
وتابع ابن أرتسي متطرقا إلى الأزمة بين إسرائيل والولايات المتحدة على خلفية البناء الاستيطاني في القدس الشرقية: «عندما يصل رئيس معاد للسامية إلى أميركا فإن هذا هو امتحاننا بأن نقول نحن لن نتنازل فنحن شعب منذ 4000 عام وأنت (أوباما) ستذهب بعد عام أو عامين وستغيب ومن سيتذكرك والقدس ستبقى إلى الأبد».
وقال إنه «عندما حاول الأميركيون التدخل بشيء ما يتعلق بالقدس قلنا لهم كلمة واحدة بسيطة: لا... القدس هي عاصمة شعب إسرائيل ودولة إسرائيل وهي كاملة وموحدة ولن نتنازل حتى عن ملليمتر واحد وإذا أردت (أوباما) أن تثير أزمة حول ذلك فافعل ذلك».الهجوم استمر بشراسة من قبل حركة " شاس " التي وصفت صحيفة « ميوم ليوم»، التابعة للحزب ، الرئيس الأميركي،"كما لو أنه ولد فلسطيني يقذف الشرطة الإسرائيلية بالحجارة في القدس".
ففي مقال افتتاحي لرئيس تحرير صحيفة هذا الحزب « إسحاق كاكون، هاجم أوباما بسبب تصريحاته لقناة «فوكس نيوز» التلفزيونية الأميركية، التي حمل فيها رئيس الحزب ووزير الداخلية، إيلي يشاي، مسؤولية الأزمة الناشبة بين حكومة إسرائيل والإدارة الأميركية على خلفية نشر قرار بناء 1600 وحدة سكنية في أراضي شعفاط في القدس الشرقية المحتلة.
وكتب كاكون: «أوباما لم يتصرف مع إسرائيل كقائد ذي استراتيجية، بل كولد فلسطيني يقذف رجال الشرطة الإسرائيليين بالحجارة في القدس. إنه لا يفهم فداحة الخطأ الذي ارتكبه، ولكنه في نهاية المطاف يضر بنفسه وبالولايات المتحدة. صحيح أن أوباما مسلم، لكنه لا يعرف جيراننا العرب.
فاليوم نحن واقعون ضحيتهم، وغدا الولايات المتحدة وأوروبا. كلنا أعداء لهم، واسألوا الرئيس الإيراني أحمدي نجاد».
وواصل هجومه على أوباما، بأنه «رئيس فاشل لم يحقق أي إنجاز. شاطر في الكلام، ولكن ليس بالفعل، وهذا يوقعه في حالة ضغط. شعبيته تتدهور اليوم في الولايات المتحدة، والشعب هناك نادم على انتخابه.
فماذا يفعل وهو في حالة ضغط كهذه؟ يوجه سهامه إلى إسرائيل. إنه لحل خلاق، جلبه من بيت الإسلام المتطرف».
حملة للتشويه
لم يقتصر الأمر على التصريحات العنيفة ضد الرئيس الامريكى بل هناك حملة منظمة أعلنت في " إسرائيل " من تشويه صورة أوباما .
نشطاء اليمين الإسرائيلي ينوون في الأيام القريبة وضع مئات اللافتات ضد الرئيس الأميركي باراك أوباما وتحمل صورته سوية مع العاهل السعودي الملك عبد الله مع كتابة "احذروا، عميل لمنظمة التحرير الفلسطينية في البيت الأبيض". وذكر الموقع الالكتروني لصحيفة هآرتس أن عضو الكنيست اليميني المتطرف ميخائيل بن أري علق صورة للافتة في مكتبه بالكنيست.
ونقلت هآرتس عن ناشط اليمين المتطرف إيتمار بن غفير، وهو المساعد البرلماني لبن أري، قوله إن "الإعلان يأتي في الإطار العام لحرية التعبير المتبع في الدولة. ونحن نشفق على الذين صفقوا خلال خطاب بايدن (في جامعة تل أبيب عندما انتقد البناء الاستيطاني) وهم وأشكالهم متأكدون من أن أقواله كانت تحريضا لكننا على ثقة بأنه حتى نهاية ولاية بن أري سنعلم اليساريين درسا في الديمقراطية".
وأضاف بن غفير أن "أوباما هو شخص معادي للسامية ومؤيد للعرب وعميل لمنظمة التحرير الفلسطينية".
العيار اللي ما بصيب
بالرغم من أن الحديث عن زوبعة في فنجان إلا أن الخلاف بين إدارة أوباما والحكومة الإسرائيلية اوجد حالة من التجاذب بين اليهود أنفسهم في أمريكا قبل إسرائيل فقد طالبت منظمة "جي ستريت" -التي تمثل اللوبي اليهودي اليساري في الولايات المتحدة- الإدارة الأمريكية بممارسة مزيد من الضغوط على الحكومة الإسرائيلية للقبول بالدخول مباشرة في مفوضات سلام مع الفلسطينيين, وذلك في وقت تطالب فيه منظمة "إيباك" –أكبر جماعات الضغط اليهودي في ولايات المتحدة- الإدارة الأمريكية بتخفيف حدة لهجتها تجاه إسرائيل.
وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن المنظمة التي تتماها مع اليسار السياسي في الولايات المتحدة قامت بجمع توقيعات 20 ألف يهودي أمريكي على عريضة يطالبون فيها الإدارة الأمريكية أن تتعامل مع الحكومة الإسرائيلية بشدة وبل إجبار حكومة إسرائيل على دخول مفاوضات سلام مع السلطة الفلسطينية.
وأشارت الإذاعة إلى أن العريضة تم إرسالها لمسئولين رفيعين في البيت الأبيض وفي نفس الوقت يعمل أعضاء منظمة جي ستريت بكل عزيمة في أروقة الكونغرس من اجل إقناع السياسيين تبني فكرة العريضة.
وأشادت المنظمة بتصرفات الإدارة الأمريكية مع إسرائيل خلال الأزمة الحالية, وأكدت في بيان لها أن تأنيب نتنياهو أمر يدل على مدى اتزان الإدارة الأمريكية.
وقال "جرمي بن عامي" مدير منظمة جي ستريت "نحن ندعو الولايات المتحدة لتحديد سقف زمني للمفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية وفضح الطرف الذي يقوم بخطوات تضر بالعملية السلمية على الملأ وأمام الجميع".
يشار إلى أن منظمة جي ستريت تحظى بتأثير على الإدارة الأمريكية, وهي تحظى أيضا بدعم كبير لدى فئات واسعة في الجالية اليهودية في الولايات المتحدة.
برغم ما يقال فان هناك خلاف يطفو إلى السطح تارة ويخبوا تارة أخرى إلا أن الحقيقة تقول أن لأمريكا كما "لإسرائيل" مصالح تريد أمريكا الحفاظ عليها ولا تسمح لأحد بالاقتراب منها حتى ولو كانت " إسرائيل"