الحديث عن وساطة مصرية للعودة إلى حالة الهدوء التي تم التوصل إليه عقب عدوان 2012 والتي لم يلتزم بها الاحتلال الإسرائيلي والتي أيضا لم يطالبه الجانب المصري بالالتزام بها ، هذا الحديث ليس حديثا جادا وربما هي رسالة نقلتها المخابرات المصرية إلى المقاومة بأن الجانب الإسرائيلي يدعو إلى الهدوء من قبل المقاومة مقابل أن يوقف الاحتلال قصفه لقطاع غزة.
معادلة الهدوء يقابله هدوء هي المعادلة التي أرستها المقاومة في أعقاب عدوان 2012 ولكن لا الاحتلال التزم بها بل كان أول من خرقها بعد أيام قليلة من التوقيع عليها من خلال أعماله الحربية على حدود قطاع غزة من توغلات وقصف مدفعي بل وصل الأمر حد التصفيات لشباب المقاومة وقتل المواطنين سواء في الشمال أو غزة والجنوب ، والأمر الثاني أن الجانب المصري راعي اتفاق الهدوء لم يتحرك مطالبا الاحتلال بالالتزام بما توافق عليه الأمر الذي يضعف أي محاولة قد تقوم بها المخابرات المصرية للتوصل الى حالة هدوء بين المقاومة والاحتلال، ناهيك عن عدم تحرك الجانب المصري أيضا عندما اخترقت قوات الاحتلال صفقة وفاء الأحرار وأعادت اعتقال الأسرى المحررين وتقديمهم للمحاكمة الأمر الذي اضعف الثقة بالجانب المصري.
الحديث عن هدوء في ظل استمرار عمليات القصف على قطاع غزة والاعتداء على المواطنين في الضفة الغربية وقمع الفلسطينيين من أبناء فلسطين المحتلة من عام 48 هو حديث عقيم لا طائل منه إلا منح العدو الإسرائيلي فرصة لترتيب أوراقه في الضفة الغربية والعمل فيها من أجل إنهاكها حتى لا تتحرك الجماهير تجاه تحويل الغضب القائم اليوم عقب اغتيال الشهيد محمد أبو خضير إلى انتفاضة ثالثة وهذا ما تخشاه إسرائيل والسلطة الفلسطينية والقيام بعدوان جديد على غزة يعزز فرص اندلاع هذه الانتفاضة لذلك العدو يريد تبريد جبهة قطاع غزة وبعد أن يقضي على الحراك الجماهيري في الضفة سيعاود النظر في عدوانه على القطاع.
إسرائيل تسعى إلى تأجيل تنفيذ قرارها القاضي بالعدوان على قطاع وهي دفعت بالمخابرات المصرية للحديث عن العودة لحالة الهدوء ليس من باب إلغاء قرار العدوان ولكن من أجل تحسين الظروف المصاحبة للعدوان وتحييد جبهة الضفة الغربية وغيرها من الجبهات الداخلية التي قد تشكل عامل كبح لأي عدوان على القطاع، ولعل ما حدث في مدن وقرى فلسطين المحتلة من عام 48 يحمل رسالة قوية بإمكانية التحرك ، لأن هذه التحركات جاءت بالتزامن من التحرك الحادث في القدس ومحيطها بعد عملية اغتيال الشهيد أبو خضير.
ومن هنا على المقاومة الفلسطينية أن تستثمر طلب الاحتلال العودة الى حالة الهدوء لفرض بعض شروطها للقبول بها بعد تقدير الموقف وفق الاعتبارات التي ترى فيها المقاومة أنها تخدم مصالح الشعب الفلسطيني ومنها وقف العدوان على الضفة الغربية، اعادة الالتزام بصفقة وفاء الأحرار والإفراج عن الأسرى المحررين، المطالبة رفع الحصار عن قطاع غزة ،إضافة إلى ضرورة التزام العدو بحالة الهدوء مع التأكيد على قاعدة الهدوء يقابله هدوء والتصعيد يقابله رد لأن من حق المقاومة الدفاع عن شعبها.
وفي نفس الوقت على المقاومة أن تبقى أيديها على الزناد وأن تكون في حالة تأهب قصوى لأن طبيعة العدو الغدر والخيانة وهذا جزء من عقيدة يهود وأن لا تستسلم للدعة والراحة لأن العدو يبيت لعدوان كما اشرنا سابقا ولكن المصلحة لديه أن لا يفتح كل الجبهات الفلسطينية مرة واحدة لأنها تفتح عليه جبهات إقليمية وربما دولية أيضا هو في غنى عنها ولا يرغب فيها في الوقت الحالي الذي يعاني من الاحتلال حرجا أمام المجتمع الدولي في عقب عملية الخطف والتعذيب والقتل والحرق للطفل أبو خضير والتي أفشلت ما خطط له الاحتلال في استغلال حادثة اختفاء جنوده وقتلهم في مدينة الخليل وجاءت جريمة أبو خضير لتقلب الطاولة على الاحتلال وتخلط عليه الأوراق.
على المقاومة أن تدرك أن العدو لن ولم يلتزم بالهدوء ما لم تكن هناك قوة تلزمه وتجبره على الالتزام بالهدوء وعليه على المقاومة التي أبدت شيئا من قوتها وحربها النفسية مع العدو أن تواصل في الضغط على العدو وتبقيه دائما تحت عنصر القوة عندها سيلتزم بالهدوء وإلا عليه أن يتحمل غدره وخيانته المجبول عليها.