قائمة الموقع

شيماء اليتمية..هل تعوض حنان الأم"دمية"؟!

2014-07-17T12:13:30+03:00
الطفلة المصابة شيماء ومعها دميتها
غزة - حمزة أبو الطرابيش

أخذت الأم سحر المصري تقص على ابنتها شيماء التي أتمت حديثًا عامها الرابع بعضًا من الروايات القصيرة كـ "ذات الرداء الأحمر"، لعلها تخفف من حدة الرعب التي سيطرت على قلبها الصغير، خلال سيرهما إلى منزل شقيقتها هروبًا من القصف (الإسرائيلي) المستمر الذي شوه معالم منطقة سكناهم في الأطراف الشرقية من بيت حانون شمال القطاع.

فيما يسير خلفهما ابنتها الكبيرة أسيل (18عامًا)، التي عقُد قرانها على ابن عمها  قبل أسبوعين. لم تنقطع عن الحديث لأخيها الصغير محمد (14عامًا) عن مشاهد تدمير البيوت على رؤوس ساكنيها من الأطفال الرضع والنساء الحوامل.

اقتربت العائلة من وصول ذلك المنزل بعد ما أخذ قرص الشمس بالانحدار إلى المغيب، بدأ محمد بالهرولة إلى بوابة منزل خالته، لتنادي عليه أمه أن يرجع ليحمل حقيبة الملابس التي أتعبتها.

لم يستجب الطفل لطلب أمه لأن هدير الطائرات المتلبدة بالسماء أعاق سمعه؛ فيما كانت أمتار قليلة تفصل محمد عن بوابة المنزل، وعلى حين غرة أسقطت طائرة بدون طيار صاروخًا على جسده الصغير، ليصبح كومة من اللحم المتفحم.

هول المنظر أدخل الأم في حالة هستيرية حين شاهدت ابنها يحترق، أخذت بالركض اتجاه جثة فلذة كبدها الممزقة المحروقة.

وحين وصلت الأم لتحتضن محمد كانت هي الأخرى على موعد مع صاروخ "إسرائيلي" آخر قطع جسدها لتصعد روحها إلى السماء.

اختلطت دمائها بدم ابنها ولحمه المحروق بلحمها، فيما كانت الشابة أسيل غارقة في دمها اثر شظايا الصاروخين، وأما شيماء كان وجهها يعانق التراب وتئن كالحمل الرضيع.

 نقلت أسيل وأختها شيماء إلى مجمع الشفاء الطبي بعد تشخيص حالتهما، أدُخلت أسيل إلى غرفة العمليات، ولكن بعد ثلاث ساعات كانت الشابة المخطوبة فارقت الحياة، لتلحق بأمها وأخيها، تاركة أختها الصغيرة وخطيبها.

وضعت الطفلة في إحدى غرف المشفى تحت مراقبة مكثفة من الأطباء هناك، ولكن بعد ساعات تبين أن هناك نزيفًا داخليًا في معدتها الصغيرة بعدما قذفت الدم من فمها عدة مرات، ليتم تحويلها إلى غرف العمليات.

وحتى صياغة هذه القصة، حالة شيماء مستقرة ترقد على سرير المرض تحتضن دمية جلبتها لها عمتها التي تشرف عليها صباح مساء بعدما فقدت أمها وأختها وأخيها, فيما يبقى والدها -المصدوم من الحادثة.

ذهبت الأم سحر، ورحل محمد وصعدت روح المخطوبة إلى السماء, لتبقى شيماء وحيدة تعاني من جراحها على سرر المستشفيات دون حضن أمها الدافئ.

في مشهد آخر تناولت مواقع التواصل الاجتماعي, فيديو مصور للفتى محمد  التقطته أخته الشهيدة أسيل قبل ساعات من استشهادهما؛ كان يجول في أرجاء البيت بصمت كأنه يقول مودعًا " سأرحل إلى الجنان, أنا سعيد سأكون  طائرا من طيور الجنة".

قصة شيماء هي من بين عشرات القصص التي يتكبدها أهالي القطاع المحاصر خلال العدوان المستمر من "إسرائيل" والذي تخطى عشرة أيام، لم يرحم كل من يطأ غزة سواء انسان أو حيوان وحتى الجماد.

أتعب قلوبنا مشهد شيماء عندما كانت تلعب مع دميتها وتأخذها يمينًا ويسارًا في حضنها، فيما كانت تردد: "ماما أنا بحبك، بدي إياكي احضنني(..)"، وفجأة يقطع لهوها بكاءها الشديد على فقدان أمها واخوتها بعدما تستحضر أحداث المجزرة (الإسرائيلية)

تفاصيل مجزرة عائلة المصري نقلتها لنا عمة شيماء الأربعينية "أم أحمد"، تضيف لـ"الرسالة نت": "أحاول بالسبل كافة التخفيف عن ابنة أخي، سأوفر كل ما تحتاجه وتطلبه".

 وتابعت العمة التي تحاول أن تخفي دمعتها أمام الطفلة: "لا نعلم ما سبب استهداف سحر وأولادها، هذه مجزرة حقيقة".

طوال جلوس شيماء على السرير لا تفارق حضنها الدمية التي جاءت بها العمة، لا نعلم ماذا ترى في عيون تلك القطعة البلاستيكية، هل هو حنان أمها أم دفء حضنها؟!

بداخل الغرفة التي تمكث فيها الطفلة، كان بجانبها سرير يرقد عليه طفلًا اجتاحت جسده شظايا ناتجة عن صاروخ ألقته طائرة حربية على أرض زراعية خلف منزلهم في بيت لاهيا, أما في الغرفة التي بجانبها كانت صراخات طفل آخر تعلو تدريجًا من شدة الألم, أيضًا سببه القصف "الإسرائيلي".

 قطع حديثنا مع العمة، دخول الممرضة التي جاءت لتحقن شيماء بالدواء، عند وخزها اعتلى صوت الطفلة منادية على أمها من السماء علها تخفف عنها من أوجاعها.

بكاء شيماء الشديد جاء بوالدها مسرعًا الذي كان يجلس آخر الرواق، لينقل رسالته: "أنا صابر على فقدان عائلتي (..)، مقاومتنا ستحاسب إسرائيل على فعلتها".

على ذلك السرير ستبقى شيماء عدة أشهر مرهونة فيه، بجانبها تلك القطعة البلاستيكية, تستحضر بين الفينة والاخرى ذلك المشهد المفجع الذي حل بأعز ما تملك, لتبقى "إسرائيل" تحقق أهدافها فوق جسد شيماء وغيرها من الأطفال والنساء بغزة.

اخبار ذات صلة