قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: العقلية المصرية وأزمتها في العصف المأكول

بقلم/ إبراهيم المدهون

أخطأ نظام السيسي حينما خلط المواقف الداخلية بالخارجية وزج حماس بأتون التغيرات المصرية وتعقيدات المشهد المصري المعقدة وأزماته المتفاقمة، فسابق لاستعداء حماس وتعزيز خصومتها، فحرض وأغلق المعبر وهدم أنفاق الحياة لغزة، وبث الإشاعات والأكاذيب ولفق القضايا المضحكة بحق الشهداء وأسماء وهمية، وأطلق العنان لألسنة إعلاميه لتشويه وشيطنة المقاومة وحرف الوجدان المصري المحب لنضالات الشعب الفلسطيني، فدنى الخطاب واقترب من سطحية فجة أضرت بصورة النظام، فقزمته وأفقدته رصيدا كبيرا كان في منأى عنه لو تفهم طبيعة حماس وواقع القضية الفلسطينية.

فكان الأولى لهذا النظام الجديد الانتباه لخصوصية حركة حماس كحركة وطنية فلسطينية مقاومة لها تاريخ طويل وباع كبير في العمل الكفاحي ضد المشروع الصهيوني، والأخذ بعين الاعتبار تمرس حماس الميداني والسياسي، وذكائها في التعاطي وتعقيدات التغيرات الإقليمية على قاعدة لا ضرر ولا ضرار، مع عدم التدخل بشئون الدول العربية.

فظهرت مخابرات السيسي كالنعامة التي تدفن رأسها بالرمال لكي لا ترى الحقيقة والواقع، فإغماض العين عن حماس لا يعني أنها غير موجودة، فهي التي تقود اليوم أشرف معركة ضد الاحتلال الإسرائيلي بدعم شعبي فلسطيني واجماع فصائلي، ومساندة شعبية عربية كبيرة، لهذا التعاطي المصري الاخير عبر المبادرة كشف غباء وقلة حيلة نظام السيس الذي ظهر كهاو في ملعب كبير، لهذا إن أراد نظام السيسي دورا حقيقيا وإيجابيا في القضية الفلسطينية فعليه مراجعة مواقفه من حماس وتغيير طريقة التعامل معها، وطالما بقي على هذه الحالة فإننا امام فشل متكرر ومثال ذلك مبادرة التهدئة الاخيرة.

فهذه المبادرة ولدت ميتًة، بعدما قفزت عن الميدان والفعل حيث اللا فعل، فيتم التشاور مع الرئيس عباس الغارق في رام الله يتابع القنوات التلفزيونية كأي مواطن في جيبوتي، ولم تتشاور أو تتحدث مع من يخوض المعركة بأظافره وأنيابه ولحمه الحي!! بل إنها راعت المطلب الإسرائيلي واحتياجهم للأمن وتبنت رؤيتهم ومنطقهم في استخراج الأحداث، وتجاهلت مطالب الشعب الفلسطيني وحقوقه الإنسانية المشروعة، بل استهترت بآمال من يدفع ضريبة هذه الحرب من ابنائه وبيوته وحياته.

فتحولت المبادرة أمام نتنياهو لفرصة و مخرجا مناسبا من الأزمة التي وقع بها في غزة، بعد فشل جيشه في تحقيق أي إنجاز له خلال العدوان، لهذا جاء قبول الإسرائيلي سريعا لما شكلته من حبل نجاة لجيش الاحتلال من هزيمة واضحة المعالم. خيرا فصائل المقاومة فعلت حينما رفضت هذه المؤامرة "المبادرة" جملة وتفصيلا، فقد أريد منها أن تأخذ من حماس ما لم تأخذه إسرائيل في الحرب، لهذا اعتبرتها المقاومة بالفخ وأنها جزء من العدوان ولا تلبي الحد الأدنى من تطلعات شعبنا.

فاليوم يوجد إمكانية كبيرة لتحقيق معظم الشروط الفلسطينية التي تتعلق بإنهاء معاناة سكان قطاع غزة التي تسبب بها الحصار الإسرائيلي المحكم منذ نحو ثمانية سنوات.

 

البث المباشر