مقال: مصر وغزة.. وصاية منقوصة مع رئيسٍ جديد ونظامٍ قديم

كتب رامي خريس

ما أشبه اليوم بالبارحة، مرت السنون ويقيت السياسة على حالها ، جاء الربيع العربي وذهب، عاشت غزة ثلاثة حروب واحدةً قبله وثانيةً أثناءه وثالثة بعده.

 في "الفرقان" كان مبارك وفي "حجارة السجيل" كان محمد مرسي واليوم في "العصف المأكول" عبد الفتاح السيسي.

 تقلبت السياسة في مصر وتبدلت معها أحوال أهل غزة وظروف حروبهم، وعادت مرة أخرى إلى ما كانت عليه مع رئيسٍ جديد ونظامٍ قديم.

من الواضح أن السلطة المصرية اليوم كما كانت في عهد مبارك تنتظر (صفارة الحكم) إيذاناً بـ(نهاية المباراة) لتصفق بعدها ابتهاجاً بتركيع حماس، وهذا ليس غريباً بعد اتهام تلك السلطات رئيسها المسجون محمد مرسي بالتخابر مع الحركة في دلالةٍ أنها أصبحت وفقاً لإجراءات المحاكمة تنظيماً معادياً للدولة المصرية، فنموذج حماس (مزعج كثيراً) على ما يبدو للنظام المصري ولأنظمةٍ عربيةٍ أخرى متحالفةً معه.

ولم يقتصر الدور المصري على انتظار نتائج المعركة فهو يشارك بشكل أو بآخر فيها من خلال إصراره على استمرار الحصار على قطاع غزة حتى في خضم المعركة ولم يراع المتطلبات الانسانية لأهل غزة وبدلاً من مدها بالمساعدات والأدوية منع دخول وفود الاغاثة والتضامن معها في خطوات متقدمة على ما فعله النظام المصري إبان الرئيس المخلوع حسني مبارك الذي فتح معبر رفح في اليوم الثاني للعدوان وسمح بدخول المساعدات والوفود المتضامنة بل وسفر الجرحى إلى أماكن مختلفة من العالم.

ويبدو أن السلطة المصرية تلقت صفعة قوية عندما حاولت استعجال أن تعلن المقاومة "هزيمتها" بموافقتها على مبادرتها للتهدئة فجاءت النتائج عكسية عندما رفضت حركتي حماس والجهاد المبادرة وقدمتا شروطاً للموافقة على التهدئة.

وتتشابه هذه الخطوة مع تلك التي أقدمت عليها المخابرات المصرية إبان معركة "الفرقان" عندما طلبت من حماس ارسال وفد لمصر ، فتوجه الدكتور صلاح البردويل وقادة آخرين من حماس 

وطلب جهاز المخابرات من الحركة حينها وتحت  ضغط كبير بوقف إطلاق النار من جانب واحد، الأمر الذي رفضته حماس حينها.

وإذا كان موقف مخابرات اللواء عمر سليمان جاء بهذا الشكل من "الصفاقة السياسية" لدفع حماس لإعلان استسلامها ، فلم تكن المبادرة التي طرحتها مصر أقل من ذلك حيث شكلت "غارة سياسية" على غزة لا تقل عن المجهود الحربي للعدو أو الغارات الجوية التي ينفذها الاحتلال، وأعطت مزيداً من الاكسجين لقادة الاحتلال الاسرائيلي الذين اقتربوا في الأيام الأولى من العدوان من الاختناق لضيقهم من صمود المقاومة.

وعلى ضوء المعطيات السابقة فإنه من غير المتوقع ان تتحسن علاقات "مصر السيسي" مع غزة ومقاومتها إلا أذا أدركت أنه من ليس ممكناً "تركيع حماس" وأن الاجدى بها التعامل معها –على الأقل- كأمر واقع خاصة إذا أرادت الحفاظ على دورها، وهو أمر مستبعد في هذه المرحلة، فالسلطة المصرية أقصى ما تحاول فعله أن تمارس دور الوصي بمهام محدودة بحيث تعمل على "تأديب حماس" في اللحظة التي "تشذ" فيها عن قواعد العمل للنظام العربي الذي تشكل مرةً أخرى بعد الثورة المضادة للربيع العربي، فهل تنجح أم تهب نسائم الربيع من جديد؟

البث المباشر