في إحدى ليالي الحرب الظلماء، شرع صالح عبد الباري بنقل أفراد أسرته من الغرفة المطلّة على الموت إلى واحدة أكثر أمنًا، تحسبًا للقصف المدفعي العشوائي.
صالح أطفأ أضواء بيته في محاولة لإخفاء أطفاله عن عين المدفعية (الإسرائيلية)، وقضى ليلته في سواد حالك على ضوء شمعة خافت ليخدع ذلك الجندي بأن البيت فارغ فلا يقصف.
ويعيش سكان المناطق الحدودية أوضاعًا صعبة في ظل تواصل قصف المدفعية المتمركزة على الحدود مع غزة، لمنازل المواطنين بصورة عشوائية.
الضحية دومًا
أسرة صالح تعيش حاليًا في بيتها تحت القصف ولا تستطيع الخروج منه، في حين أن جميع مناشداتها التي وجهتها للمؤسسات الدولية وعلى رأسها الصليب الأحمر لا يُستجاب لها.
يأمل صالح بأن تجد المؤسسات الدولية حلًا لأسرته المحجوزة في بيته ولا تستطيع الخروج بفعل القذائف التي لم تتوقف، مشيرًا إلى أن المدفعية تقصف جميع البيوت الحدودية عشوائيًا.
أما راجي العطار ففضّل ترك منزله الواقع في أقصى بلدة بيت لاهيا منذ اليوم الأول للاجتياح البري، تخوفًا من تكرار سيناريو 2008 الذي احتجزه وعائلته أسبوعين في بيته.
واضطر العطار للّجوء إلى إحدى مدارس الأونروا التي فتحتها لإيواء النازحين من المناطق الحدودية، بصحبة آلاف العائلات التي تدافعت على حجز غرف تأويها.
ويعاني العطار وعائلات كثيرة مهجرة من نقص الخدمات التي تُقدمها وكالة الغوث، مشيرًا إلى أن الحاجات المقدّمة لا ترتقي لمستوى إيواء الأسر المنكوبة.
وأكد وجود العديد من العائلات التي قضت لياليها بالنوم على الأرض لساعات طويلة، دون فراش أو غطاء.
معرضين للموت
المواطن خالد البطش الذي يقطن شرق الشجاعية، قال لـ"الرسالة نت" إن سكان المناطق الحدودية يعيشون أوقاتًا عصيبة ممزوجة بالخوف جراء القصف المدفعي الكثيف والعشوائي.
وأضاف البطش: "حتى في أيام التهدئة تجد المناطق الحدودية خالية من السكان بمجرد مغيب الشمس، وبعد صلاة العشاء لا تجد أحدًا خارج بيته إلا لحاجة ضرورية".
ويتساءل عن نظرة سكان الحدود بعد انتهاء الحرب، وهل من الممكن أن يستمروا بالسكن في هذه المناطق؟!
وأكد البطش أنه لا يوجد بيت يقع على مشارف غزة إلا وقد شهد ارتقاء أحد أفراده أو دُمّر أو تضرّر على أقل تقدير.
في حين يرى أبو خالد زقوت الذي يقطن في حي السلام الحدودي شرق مخيم جباليا أنه التشريد والدمار كتب على سكان المناطق الحدودية في كل اجتياح أو حرب تتعرض له غزة.
ويأمل زقوت في ايجاد آلية معينة لحماية سكان الحدود، مؤكدًا أنهم ما كانوا سيقطنون في تلك المناطق لولا رُخص أسعارها وعجزهم عن شراء بيوت تقع في قلب المدينة.