قائد الطوفان قائد الطوفان

في رمضان ومع بداية العام الدراسي

في الضفة..عوائل المعتقلين السياسيين بلا معيل

الضفة الغربية - لمراسلنا

تضج سجون أجهزة السلطة بالمئات من المعتقلين السياسيين دون محاكمة أو تهمة، أو حتى اعتراف بهم كمعتقلين لهم حقوق.

خلف كل معتقل من هؤلاء حكاية عائلة فقدت معيلها.. عوائل تعيش بانتظار المجهول ظروفا غاية في الصعوبة خاصة وانهم يعيشون في شهر رمضان وعلى ابواب العام الدراسي الجديد في الضفة.

حرب الأرزاق

فعدا عن غياب المعيل للأسرة والذي يشكل عامل الضغط الأول، فإن مصادرة أجهزة السلطة الأموال الشخصية للمعتقل وإغلاق مصدر الرزق الخاصة به، تمثل سيفا مسلطا على رقاب مئات العائلات، إضافة إلى مصادرة عقارات البعض منهم كالمنازل أو الأراضي أو السيارات، وشملت هذه المصادرات محلات صياغة ذهب ومخازن للخياطة ومطابع وغيرها.

زوجة احد المعتقلين الذي مرّ على اعتقاله أكثر من ثمانية شهور تقول:"تم إغلاق محل زوجي ومصادرة كافة محتوياته، مما كبدنا خسائر كبيرة، ومنع ابني من الاستمرار في مهنة والده فترة اعتقاله علما بأن هذا المحل يعيل أسرتين مكونتين من عشر أفراد".

وأمام هذا الواقع الصعب، تقف نساء المعتقلين موقف الباحث عن لقمة العيش لأسرهن، فتراهن يبحثن عن عمل هنا أو هناك، أملا في قليل يعوض فقدان المعيل، وحتى هذا الباب سد في وجوههن أمام ورقة توظيف من الجهات الأمنية (حسن سلوك) والتي بطبيعة الحال تحرمهن من الوظيفة.

 زوجة احد المعتقلين والذي مضى على اعتقاله عشر شهور وتعيل أربعة من الأبناء تعبر عن رغبتها في العمل قائله:"أريد العمل.. أي عمل حتى اطعم أبنائي فإخوتي معتقلون أيضا ووالدي توفي رحمه الله وليس لنا أحد، توجهت لإصدار ورقة حسن سلوك لأتقدم لوظيفة معينة، لكن طلبي قوبل بالرفض.. فحسبي الله ونعم الوكيل على الظالم".

تكافل أسري

ويقع جانب من حمل إعالة هذه الأسر على أقارب المعتقل، والذين في كثير من الأحيان يقدمون المساعدة وهم في أمس الحاجة إليها، وتشرح زوجة معتقل أمضى إلى الآن سنة ونصف في سجن الجنيد ما ألم بالعائلة بعد حملة اعتقالات طالت رجالها فتقول:"لم يبق من رجال العائلة إلا واحد من أشقاء زوجي _والمريض بمرض في القلب_ والذي أصبح يعيل أربعة أسر مكونة من 15 فردا فزوجي معتقل عند أجهزة السلطة وشقيقه الثاني في سجون الاحتلال وشقيقه الثالث توفي منذ سنوات.

فصل تعسفي

عوائل كثيرة بات لديها عمل الزوجة الذي كان مساندا لعمل الزوج قبل اعتقاله هو المصدر الأول لإعالة الأسرة مما ضاعف المسؤوليات عليها.

لكن الأشد والأقسى هو حملات الفصل التعسفية من الوظائف والتي طالت الكثير من زوجات المعتقلين، ومن قبلهن فصل أزواجهن بعد الاعتقال، حيث شكّل هذا الفصل الشعرة التي قسمت ظهر البعير، وقطعت الطريق أمام تأمين لقمة العيش لهذه الأسر، خاصة في شهر رمضان المبارك، وعلى أبواب المدارس والعيد.

ورغم مئات المعتقلين في سجون السلطة منذ أشهر طويلة فلا اعتراف رسمي بهم كمعتقلين لهم ما للمعتقل من حقوق، فبين إنكار لوجود معتقلين سياسيين أصلا، وتعامي واضح عن معاناتهم يقضون هذه الأيام.

ففي الوقت الذي يحق للأسير في سجون الاحتلال الحصول على مستحقات تسد جزءا ولو بسيطا من احتياجاته وأسرته يحرم المعتقل السياسي في سجون السلطة حتى من الاعتراف بوجوده فكيف بحقوقه الأخرى؟؟

حتى أن التضييق على هذه الأسر امتد ليصل كل يد تتقدم لهم بالمساعدة الشخصية حتى وان كانت هذه المساعدات البسيطة هي من أموال الزكاة الخاصة بالأفراد فإن من يقدمها يكون عرضة للاعتقال ومصادرة الأموال.

مواسم ومسؤوليات

ومع استقبال مئات العائلات لشهر رمضان واقتراب بدء العام الدراسي الجديد، تتضاعف المسؤوليات والمتطلبات على هذه الأسر، فعدا عن المسؤولية النفسية والتي  تتمثل في محاولة تعويض الأبناء عن شعورهم بفقدان بهجة هذه الأيام الفضيلة بغياب والدهم، فإن المسؤولية المادية هي التحدي الأصعب، خاصة أمام متطلبات هذه الفترة الموسمية الحرجة والغلاء المعيشي.

ابنة معتقل مرّ على اعتقاله سبعة أشهر تكلمت بلوعة عن هذه الأيام قائلة:"الكثير من المناسبات التي مرت وتمر كل يوم بصعوبة علينا كعائلة وشهر رمضان كان أصعبها بغياب والدي وها هي المدارس ستبدأ وهو في السجن".

وتضيف:"في اليوم الأول لرمضان لم نستطع الجلوس على مائة الإفطار دون أبي.. أمي بدأت بالبكاء ونحن أيضا.. كان أبي يحرص على الإفطار معنا كل يوم رغم أعماله ومسئولياته، وكان يرفض دعوات كثيرة للإفطار خارج البيت حتى لا يضيع يوما معنا، لكنه الآن أبعد عنا قصرا، وحُرمنا حتى من زيارته منذ بداية رمضان للاطمئنان عليه وعلى صحته خلال الصوم".

اعتقالات يومية مستمرة ومتتالية.. عقاب دون ذنب للمئات من الشباب والعائلات ضاقت بهم سبل العيش وحرمتهم من حقوقهم كبشر في حياة مستقرة ولكن الأقسى بأن حرمانهم ومعاناتهم هذه لونت بلون فلسطيني مما زاد ألمها أضعافا.

 

البث المباشر