أسِرّةٌ قلبت على أعقابها، وفتحاتٌ خلّفتها آلة الحرب (الإسرائيلية) في جدران ما يُفترض أن يكون ملاذًا آمنًا لكل من يشتكي علّةً أو تداعى جسده بسهرٍ أو حُمّى.
قصفٌ مباشر لا خطأ فيه، استهدف مركزًا صحيًا تكفلت حمايته القوانين الدولية كافة، والتي ضربت بها (إسرائيل) عرض الحائط، وتعمّدت أن تقتل من فيه بحججٍ حفظها الفلسطيني الصغير قبل الكبير، أولها أنها احتوت بعض من أسمتهم "إرهابيين".
تلك صورة مبسّطة لما تعرض له مستشفى بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، بعد أن انهالت عليه الآليات العسكرية المتمركزة على طول الحدود الشمالية بقذائفها الثقيلة صوب مبناه والمنطقة المحيطة به.
الإداري في المستشفى عبدالعزيز قاسم، أكد أن المستشفى تعرض لقصف مدفعي عنيف فجر السبت، مبينًا أن أكثر من 60 شخصًا من الطواقم الطبية والمرضى تحصنوا فيه لحظة استهدافه.
قاسم -الذي كانت "الرسالة نت" على تواصل معه طوال أوقات القصف- قال: "تفاجأنا بقصف عنيف للمستشفى ومحيطه خاصة للطابق العلوي، حتى لم يجرؤ أحد منا على الصعود للأعلى طوال لحظات القصف".
إحدى المتواجدات في المستشفى لحظة القصف أيضًا، أوضحت أن غرفتي العناية بالأطفال والعناية بالنساء في الطابق العلوي تعرضتا لقصف مباشر، فيما تضررت باقي الأقسام والغرف وكُسرت غالبية نوافذ وأبواب المستشفى.
وقالت إخلاص الكفارنة لـ "الرسالة نت": "تجمّع المرضى والممرضين وبعض النازحين في ممر ضيق عند غرفة الأشعة في الطابق السفلي على اعتبار أنه المكان الأكثر أمنًا، وبقينا في حالة الخوف حتى دخول وقت التهدئة الإنسانية عند الثامنة صباحًا".
ولفتت الكفارنة أن قوات الاحتلال أطلقت قنابل دخانية قبل عمليات القصف المباشر، أدّت لاختناق العشرات من الموجودين في المستشفى، والذين تجاوز عددهم 200 شخص.
القصفٌ العنيف والمتتالي دمّر المنتزه التابع للمستشفى والمنازل المجاورة له بشكل كامل، وأحدث ضررًا في أقسام المستشفى الحيوية وبواباته وباحته.
مناشداتٌ عدّة أطلقتها إدارة المستشفى لإجلاء من فيه من إصابات جراء القصف، وما وصله إثر قصف المنازل المجاورة، إلا أن أحدًا لم يستجب لهم حتى دخول وقت التهدئة صباحًا، لا سيما الصليب الأحمر.
صباحًا.. أخلي المستشفى وأخرج منه أكثر من 10 حالات متوسطة تم تحويلها إلى مستشفى كمال عدوان، منهم اثنان من الأجانب الذين شهدوا وقائع الجريمة لحظة بلحظة.
وزارة الصحة بدورها استنكرت بشدة الاستهداف المباشر لمستشفى بيت حانون، مجددةً مطالبتها للجهات المعنية وخاصة اللجنة الدولية للصليب الاحمر بالتدخل الفوري لحماية المؤسسات الطبية وكوادرها.
كما ناشدت كافة المؤسسات الدولية بضرورة التدخل العاجل وانقاذ منظومة العمل الصحي والطواقم الطبية والاسعافية، جراء استمرار "اسرائيل" استهداف الطواقم الاسعافية والطبية والتي تؤدي دورها الانساني في المناطق المنكوبة.
جريمة خالفت كل المواثيق والقوانين الدولية، التي لم تحمِ المستشفيات من الوحشية (الإسرائيلية)، بعدما لم تجد سوى منازل المئات من الآمنين هدفًا سهلا لإفراغ حمولة طائراته المدمِّرة، فهل ستحرك في ضمير الأمة قيد أُنملة !.