قائد الطوفان قائد الطوفان

"أم الدنيا" تُفرّق بين الأشقاء

مظاهرة تضامنية مع غزة في الدار البيضاء بالمغرب
مظاهرة تضامنية مع غزة في الدار البيضاء بالمغرب

الرسالة نت- محمد الشيخ

حين نقول أن أخا تخاصم مع أخيه ووقف في صفّ عدوه اللدود ضده. سنستغرب حتما من ذلك، فكيف إن قسى قلب أم على ابنتها وتبرّت منها في أحلك الظروف وأصعبها. هنا باختصار حديثنا عن الأم "مصر" والابنة "غزة".

مصر "أم الدنيا"، "الشقيقة"، سمّها ما شئت، لطالما تغنّى الشعب الفلسطيني بها وبإرثها التاريخي المشترك مع فلسطين، هي نفسها من تحاصر هذا الشعب وخاصة أهل غزة الذين أحبوها حب الابن لأمه، وفرضت حصارا مشددا عليهم، بدأ بهدم الأنفاق وانتهى بإغلاق المعبر بشكل كامل أمام المسافرين، وفتحه فقط بين الحين والآخر للمعتمرين.

ولكن للأسف لم تكتف "أم الدنيا" بذلك، بل تعدى الأمر إلى منع دخول أي وفود عربية متضامنة مع قطاع غزة إلى أراضيها، والاكتفاء بإدخال وفدين إمارتيين منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، وبهذا تكون الأم فرقت بين الأشقاء!!

وتقف نور عز الدين حائرة أمام الرفض المصري الغريب تجاه رغبتها ومن معها من متضامين عرب في الدخول إلى الأراضي المصرية ومنها إلى قطاع غزة.

نور التي قطعت المسافات قادمة من جنوب لبنان للوصول إلى غزة في آخر يوم من عدوان عام 2012، الذي استمر لثمانية أيام، تؤكد أن فلسطين قضيتها الأولى وغزة جوهرها.

وتمر غزة حاليا بنفس الأجواء بل أشد قسوة وحصارا من عام 2012، تتمثل في حصار شديد من إسرائيل ومصر، وقصف ودمار وشهداء وجرحى، خلف أكثر من 1850 شهيدا وأكثر من 9500 جريح.

وجاءت الشابة الصحفية إلى غزة مرة واحدة، لكنها تشعر أنها جزء من هذه الأرض. وخلال حديثها لـ"الرسالة نت"، لم تستطع حبس دموعها حين وصفت شعورها، عندما وطأت قدمها أرض غزة لأول مرة في حياتها، وأمسكت بترابها وتمرغت على أرضها، وظلت تبكي طوال سيرها في الطريق من معبر رفح إلى داخل غزة.

وعن سبب رغبتها في العودة إلى غزة حتى في ظل العدوان الحالي، تقول نور: "العدوان ما بيخوفنا، أساسا احنا تربينا تحت الصواريخ، يعني زينا زي أهل غزة، ومش قادرة أشوف شعبي هناك وحده وانا مكتفة، هذا نفس الشي الي جعلني اجي في 2012".

الرغبة في المجيء إلى غزة موجودة، لكن ما يقف عائقا أمامها هو رفض إعطائها والمتضامنين الآخرين من لبنان فيزا على مصر، وتضيف "حتى لو تحصلنا على الفيز، المعبر مغلق، ومن قبل الحرب كنت أحاول، وما زلنا عازمين النية للمجيء لغزة، وبنحاول نلاقي حل".

وفي ظل عدم مقدرتها وصول غزة في الوقت الحالي، تسعى الصحفية إلى دعم غزة بـ"أضعف الإيمان" من خلال تنظيم المظاهرات والمشاركة في الفعاليات الداعمة لغزة ، التي تفضح جرائم الاحتلال التي يرتكبها بحق أبناء القطاع.

وفي رسالة وجهتها إلى أصدقائها الذين عرفتهم في غزة، "بقول للي وعدتهم ارجع وما وفيت، أنا بعتذر، وخاصة رفيقتي شهد الي علمتني لعبة لعبناها رغم قصف الصواريخ، وبشكل عام ما في حكي يقال أمام جبروت وعظمة أهل غزة من مقاومين لشعب لكل شخص واجه الاحتلال".

وترى بأن غزة استثنائية وهي مراية جنوب لبنان، الجنوب الصامد المحرر، غزة قدمت دما ودفع فاتورة تكالب الدول العربية على المال والنفوذ الذي جعلهم يبيعون فلسطين. وفق نور.

ومن آسيا إلى أفريقيا، إلى بلد المليون ونصف مليون شهيد، يحلم الشاب الجزائري خالد عماري بزيارة غزة، ويراها في منامه، متمنيا أن تمشي قدماه على أرضها قبل أن يموت.

ويعبر العشريني عن امتعاضه الشديد من جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق أطفال ونساء غزة، مبديا تضامنه الشديد مع أهالي القطاع.

وما يمنع الشاب المهندس من تحقيق حلم عمره، الحدود المصرية، التي يرى أنها سبب عدم مقدرة أي متضامن من دخول غزة، مضيفا "طالما لا تريد فتح المعبر وإدخالنا، أقل شيء إدخال الأطباء والمتبرعين ومساعداتنا من تبرعات الشعب والدولة لغزة".

ويرى خالد أن مصر تعلم أنها لو فتحت المعبر لأصبحت كارثة على إسرائيل، ويتعمدون (الجانب المصري) سياسة الكذب في تصريحاتهم بأن المعبر مفتوح دائما، لكن الكل يعرف الحقيقة.

الدعاء لأهل غزة والتحلي بالصبر والثقة بالمقاومة هي أقصى ما يمكن أن يقدمه الشعب الجزائري لأهل غزة في ظل عدم مقدرته الوصول إلى أرض القطاع.

ووجه الجزائري رسالة للحكومة المصرية يقول فيها: "عيب وعار عليكِ أن تساهمين في حصار دولة تحت قصف لا يكاد ينتهي، (...)، وأدعو الشعب المصري الطاهر والحر، أن يخرج إلی معبر رفح بأعداد هائلة والاعتصام هناك إلى أن يتم فتح المعبر نهائيا.

وبالعودة إلى الأراضي اللبنانية مجددا، ينتظر محمد مواس كما سابقيه، الفرصة التي يفتح معبر رفح ويتمكن من دخول قطاع غزة.

وكما يرى مواس منسق لبنان في حملة الشباب القومي العربي لنصرة غزة 2012، بأن فلسطين هي البوصلة ومقصد حج المجاهدين.

وجاء المهندس برفقة شباب من الوطن العربي بعد عدوان الأيام الثمانية على غزة للتضامن معها، ووضعوا أنفسهم تحت صرف أهل غزة بأي مهمة تتطلب منهم، وفق مواس

وما دفعه للمجيء إلى غزة مرة ثانية، "الواجب القومي العربي بأن نضع خبرتنا وأجسادنا وأرواحنا في تصرف المقاومة وأهل غزة املين ايصال ما يمكن ايصاله لغزة".

والذي يمنع شباب الحملة العربي من الوصول إلى أرض غزة، هو أن معبر رفح مغلق تماماً أمامهم وأمام الجميع، "ونحن على اتصال دائم بمصر للاطلاع على أي جديد بخصوص المعبر"، يضيف دواس لـ"الرسالة نت".

ورفض الشاب، الذي يعمل في مجال إغاثة اللاجئين بلبنان، أن يقال عنه متضامن مع أهالي القطاع، قائلا: "قلناها بس جينا غزة، نحن لسنا حملة تضامن، لا أحد يتضامن مع نفسه.. نحن هنا أمام (نحن ونحن). وجزء من المعركة وان كنا بعيدين جغرافيا نسبيًا، ولكن الدماء هي نفسها في لبنان وغزة وسوريا ودم المقاوم على المقاوم دين".

ويتابع بحرقة مع عدم تمكنه من وصول غزة:"أهل غزة استثنائيين، والجميل فيهم أنهم جميعًا مقاومة.. حتى من لا يحمل السلاح فهو مقاوم إما بقلم أو بعدسة كاميرا أو يد تضمد جراح"، هكذا يرى مواس غزة وأهلها.

ويثق محمد بالمقاومة ثقة عمياء بكامل أطيافها، مؤكدا أن الحرب ستنتهي على انتصار جديد للفلسطينيين، "وما النصر الا صبر ساعة".

وبعد الاتفاق على تهدئة بين المقاومة وإسرائيل برعاية مصرية لمدة 72 ساعة على أن يتم بحث وقف إطلاق نار شامل في غزة، يبقى السؤال الذي يجول في خاطر كل حر، إلى متى ستبقى مصر تحاصر غزة وتفرق الأشقاء بالتجمع من خلال حضنها؟

البث المباشر