انقشع الليل وبزغت الشمس على غزة، لتكشف ما خلفه العدوان (الإسرائيلي) على غزة بعد ثلاثين يومًا.
دخلت التهدئة الإنسانية حيز التنفيذ عند الثامنة من صباح الثلاثاء الماضي، وبدأت معها مدارس الأونروا تفرغ من النازحين الذين آوتهم خلال أيام العدوان.
"مراسل الرسالة" ذهب مع مئات المواطنين الذين توافدوا للوقوف على حجم الدمار الذي لحق بمدينة بيت حانون شمال قطاع غزة.
معالم المدينة تغيرت تمامًا بعد دمار كامل لحق بمنازلها وشوارعها جراء القصف العشوائي لطائرات (إسرائيل) ومدافعها.
فوق ركام منزله جلس المواطن محمد المصري برفقة أولاده، ينظرون إلى ما تبقى من منزلهم المكون من أربعة طوابق، فقد سوّي بالأرض وأصب كومة من الركام.
دمار المنزل لم يمحِ ابتسامة "المصري"، الذي حاول أن يخفي وارءها كثيرا من الآلام والصعاب بعد أن فارق اثنين من أشقائه وفقد بيته.
يروي المصري: "أجبرتنا قذائف المدفعية على ترك المنزل بعد أن سقطت إحدها في الطابق الأعلى. لم أنصدم كثيرا عندما عدت ووجدته مدمرا، لأننا تعودنا على همجية الاحتلال".
وأضاف والأمل بعينية: "هم يريدون تدمير كل ما هو فلسطيني من خلال هدم الحجر والشجر وقتل البشر لذلك لم نكن متفاجئين من عدو مغتصب احتل أرضنا"
وعلى الرغم مما حل بالمصري وآلاف غيره إلا أنه أشاد في في آداء المقاومة وتصديها للعداون على غزة والذي خلّف 1881 شهيدًا وأكثر 8 آلاف جريحًا، وفق إحصائية لوزارة الصحة.
في الجهة المقابلة من منزل المصري تجلس مسنة كانت تلتقط ما تبقى تحت ركام منزلها من ملابس، لعلها تستر أجساد أولادها الذين فقدوا كل شيء.
جميع محاولات المسنة لم تفلح في العثور سوى على قطع قليلة من الملابس التي تصلح للاستخدام، فمنظر بيتها تغيّر وضاع بين منازل جيرانها التي لم يعد لها أثر.
فيما استغل المواطن يحيى محمد إحدى بعض ما تبقى من ماء في خزانات بيته المهدّم في سقاية الأشجار المحيطة في منزله، والتي بقيت رغم القصف. كما يقول.
ويضيف: "نحن نصنع حياة من الموت، وهم يصنعون لنا الدمار". ويكمل والحزن قطع أجزاء وجهه: "شعرت بصدمة عندما عدت إلى بيتي ووجدته مدمرا. حطيت فيه دم قلبي وشقا عمري".
وتتلاشى معاني الحياة بصورة كاملة، كلما أخذتك قدماك واقتربت من الأطراف الشرقية لمدينة بيت حانون الشرقية التي يقطنها أكثر من 40 ألف مواطنًا.
وبلغ عدد المنازل التى دمّرتها (إسرائيل) خلال الحرب أكثر 800 بصورة كلية، ونحو 16000 منزلًا بصورة جزئية وغير صالحة للسكن. كما أجبرت الحرب 135 ألف مواطن على النزوح.
(عدسة: محمد عطا الله)