قائد الطوفان قائد الطوفان

عائلة بلاطة.. بحثت عن الأمان فوجدته باستشهادها

صورة (أرشيفية)
صورة (أرشيفية)

الرسالة نت- أحمد أبو قمر

بحثت الطفلة اسراء بلاطة عن مكان آمن في بيتهم الواقع في مخيم جباليا ليحميها وعائلتها من الشظايا التي تتطاير جراء القصف المتواصل فلم تجد، فسقف منزلهم عبارة عن "اسبست" مهترئ بالكاد يستطيع تغطية أجزاء منزلهم المتواضع.

باتت اسراء ليلتها تحت القصف تبحث عن طريقة آمنة تمنع فيها تكرار السيناريو الذي حدث مع جيرانهم بعد أن اخترقت شظية سقف منزلهم "الاسبستي" أصابت رأس صديقتها وأدت لارتقائها شهيدة.

لم تجد اسراء التي لم تدرك بعد ربيعها السابع الأمان بين جدران بيتها ، فتوجهت لوالدها لتقنعه بالانتقال لبيت عمها القريب من منطقة سكناهم، كونه مسقوف بالإسمنت وبإمكانه منع سقوط الشظايا على جسدها الصغير.

وافق والدها نعيم بلاطة على طلب ابنته بعد أن ألحت عليه، ولم يعلم أن انتقاله إلى بيت أخيه الذي اعتقدت طفلته بأنه أكثر أمان سيكون طريقهما لالتحاق العائلة بأكملها لقوائم الشهداء في غزة في ثاني أيام عيد الفطر.

حكاية ارتقاء العائلة بدأت بعد أن طال القصف (الاسرائيلي) العشوائي منزل لعائلة بلاطة في مخيم جباليا أدى لارتقاء 11 شهيدًا من العائلة، في حين لم يتبقى منها سوى الفتى علاء الذي لم يبلغ بعد ثمانية عشر عامًا.

الصدمة التي تلقاها علاء بعد سماعه خبر استشهاد جميع أفراد عائلته كانت كافية لربط لسانه ليومين متتاليين دون النطق بأية كلمه خاصة وانه شاهد جزءا كبيرا من فصول الحكاية الأليمة، ليبدأ كلامه بعدها بــ "الحمد لله.. إنا لله وإنا إليه راجعون".

ويروي علاء لـ"الرسالة نت " مشاهد القصف الذي طال بيت عمه وأدى لاستشهاد جميع أفراد أسرته قائلًا: " خرجت من البيت قبل القصف بدقيقتين فقط، لم أبتعد عن المنزل سوى أمتار، لتضرب عدة قذائف مدفعية البيت غيّرت جميع تفاصيل حياتي".

ويضيف علاء بكلماته التي تخرج مختلطة بالدموع: "ذهبوا جميعًا وتركوني وحيدًا، ليتني بقيت بالبيت، كنت أتمنى أن أذهب معهم، لا يمكنني العيش وحيدًا بدونهم".

وأوضح أنه لحظة القصف كان أفراد عائلته يجتمعون حول التلفاز لمتابعة الأخبار، مبينًا أن آخر جملة سمعها من والده قبل خروج: "المقاومة أبهرت الجميع بمفاجآتها، وبكل تأكيد لولا أفعالها المشرفة لما بقينا صامدين حتى اللحظة".

لم يتمالك علاء نفسه أثناء وصفه للمشهد الدموي الذي وجد عائلته عليه بعد قصفها، لينخرط في البكاء قبل أن يعتذر عن اكمال الحديث وينسحب بحسرة وأسى تجسدتا على ملامح وجهه.

فيما يقول نظمي بلاطة ابن عم علاء وصهره، والذي فقد طفله الرضيع وزوجته جراء القصف المدفعي على بيتهم: "سمعت أصوات القذائف تنهال على المنطقة، وكنت قريب من البيت، توجهت مسرعًا للبيت بعد مشاهدتي للدخان يتصاعد منها".

وأضاف ن: "لم أصدق تفاصيل المشهد، وجدت زوجتي قد احتضنت طفلي، وكلاهما ممد على الأرض وقد اختلطت دمائهم، رفعت طفلي فوجدت أن الروح ما زالت تدب به بعد أن حمته زوجتي بجسدها ".

وتابع: "احتضنت طفلي وتوجهت لباب المنزل وأنا أنادي اسعاف.. اسعاف، ولكنه فقد حياته سريعًا لأفقد مع نفسه الأخير أغلى ما أملك".

انتهت المحادثة مع علاء ونظمي، ولم تنتهي بعد فصول الألم الذي ألمّ بهما، فالمشاهد التي رأوها والدماء التي سالت ستبقى حاضرة في أذهانهم، بعد أن أفشلت قذائف غادرة خطة الأمان التي وضعتها الطفلة اسراء وبحثت عنها كثيرًا.

البث المباشر