قائد الطوفان قائد الطوفان

الشيخ أبو مراد.. الشهيد الذي شمَّ رائحة مسكه !

الشهيد حازم أبو مراد يمينا
الشهيد حازم أبو مراد يمينا

الرسالة نت-ميرفت عوف

قُبيل صلاة فجر هذا اليوم في مسجد "خالد ابن الوليد" الكائن بمنطقة "الصفطاوي"، قال الشيخ حازم أبو مراد نائب مدير شرطة هندسة المتفجرات بالشرطة الفلسطينية لمجموعة من أصحابه: "شامم رائحة مسك واحد راح يستشهد اليوم"، وقبيل صلاة الظهر في نفس اليوم فاحت رائحة المسك، وكان مصدرها صاحب القول، الذي ارتقى شهيدا أثناء مهمة تفكيك أحد مخلفات الاحتلال في مدينة بيت لاهيا شمال قطاع غزة.

في بيته الكائن بمنطقة الصفطاوي التقت "الرسالة نت" زوجة الشهيد أبو مراد "نيفين" 37 عاما. تقول أم أحمد: "كان زوجي لا يوفر جهدا في خدمة الناس بأي وقت وفي أي ظرف. أثناء القصف كان يذهب لوضع مخلفات الحرب التي لم تنفجر في مدينة عرفات للشرطة المهددة بالقصف، وعندما كنت اسأله: لماذا تعرض نفسك للخطر؟ كان يجيبني: حرام نتركها بين الناس".

نال الشيخ حازم الشهادة. تلك التي كان كثيرًا ما يتمتم بها كأُمنية، فيقول: "طولت"، فتعرف زوجته مراده سريعا وترد عليه: "إن شاء الله بتنالها بعد عمر مديد"، كما كان يردد كما أخبرتنا أم أحمد: "أنا حاجز عند أبويه"، ويقصد مكانا في قبر والده يريد أن يدفن فيه بعد أن يستشهد، إلا أن ابن شقيقه أحمد نبيل أبو مراد الذي استشهد في الخامس والعشرين من رمضان الماضي أخذ المكان في قبر جده، فعقب على ذلك الشيخ حازم بالقول: " أخذ مكاني أحمد"، إلا أن مشروع الشهادة الذي كان دائما يطمح إليه تحقق، وتحققت أمنية حياته التي لم تمنعه من أن يكون مميزًا بعمله وعمله ودعوته.

حصل الشيخ حازم على درجة الماجستير في الفقه المقارن من الجامعة الإسلامية، واستشهد قبل أن يحصل على درجة الدكتوراه في نفس التخصص من إحدى الجامعات التونسية، التي عاد منها في نوفمبر الماضي، حيث منعه إغلاق المعبر من استئناف الدراسة.

عمل الشيخ حازم منذ 20 عاما، أي خلال فترة الحكومتين لم ينقطع عن عمله ولم يتوان عن أداء مهامه على أكمل وجه، حتى مع انقطاع راتبه بسبب الأزمة المالية التي تعيشها غزة.

طوال الحرب والشيخ حازم حاملا روحه على كفّه، لا يترك وفريق العمل في هندسة المتفجرات أي أسلحة من الممكن أن تضر الناس إلا ويفككها، ثم يحملها إلى مركز الشرطة غير آبهٍ بخطورة الوصول إلى المكان المهدد بالقصف، المهم أن تكون بعيدة عن الناس كي لا تنفجر، فمبدأه "أن دفع البلاء عن الناس فيه الأجر العظيم".

كان الشيخ حازم في بيته "رائعا"، بوصف زوجته، فقد تعلق به أبناؤه الخمسة كثيرا، وتأثروا به وأخذوا من شخصيته. تقول الجدة (والدة الأم): "أبناء الشيخ حازم متأثرون كثيرا بشخصية أبيهم، فهو ودود، يحدثهم دائما عن عمله وأهمية المقاومة، حتى أنني تفاجأت بابنه عبد الله البالغ من العمر أربع سنوات، يقول لي عندما سمع صوت صاروخ أطلقته المقاومة "هذا غراد".

كان الطفل عبد الله يطلب من أمه أثناء وجودنا في البيت، أن تسمح له باللعب، ويقول لها: "في هدنة، بدي انزل ألعب"، ولم يكن يدري أن الاحتلال ترك أسلحته لتحرمه من أبيه، وليس من اللعب فقط.

أما طفلته البكر مروى (11 سنة)، فكان أول شيء فعلته حين بلغها نبأ استشهاد والدها، أن ركضت نحو مصحفه لتقرأ القرآن منه. كان الشيخ يحبها كثيرا ويدللها، فهي الصديقة المقرّبة منه، وفق أم أحمد.

رحل الشيخ حازم وأبكى كثيرين على فراقه. يروى أحدهم أنه ما إن دخل مسجد خالد بن الوليد لأداء صلاة الجنازة عليه قبل الظهر، حتى أذهله صوت النحيب يهز أرجاء المسجد، فكان كل من جاء لصلاة الجنازة –كما قال-قد أجهش بالبكاء، فعلمت أن للشيخ حازم محبين كُثر، وهذا من علامات القبول عند الله.

البث المباشر