قائد الطوفان قائد الطوفان

بعد إصابتها

الطفلة لمى تتمنى اللحاق بشقيقتها الشهيدة

الطفلة لمى
الطفلة لمى

الرسالة نت- محمد أبو زايدة

هزّ انفجار صاروخ أرجاء المكان، ثم تلاه اشتعال للنيران، واستشهدت على اثر ذلك طفلة تسمى نور، بعمر الزهور -3 أعوام- وأصيبت شقيقتها لمى صاحبة الثمانية أعوام، وتغيرت بعد ذلك ملامح المكان.

الجميع يركض وكأنّه يوم الحشر، فنادى رب الأسرة أبو صهيب أبو حصيرة على عائلته " اهربوا لقد سقطت القذيفة في بيت الجيران".. لكن طفلتيه خارج المنزل، فذهب ليتفقد أين ذهبن، فإذا بهن مخضبتان بالدماء.

صدمة.. عقارب الساعة توقفت للحظات، رب الأسرة ذهب مسرعًا يحمل بين يديه احدى بناته، والأخرى حملها ابن الجيران.

أوقفوا سيارة ثم استقلوها، والطفلة ما زالت في حضن والدها، وهو يمسّد بأطراف أنامله على جبينها، ولا تدري يداه أي منطقة تتلمس بجسد صغيرته من كثرة الدماء، فاحتضن طفلته، وسالت دمعته.

"فتحت عينيها فجأة، وهمست لها أن تنطق الشهادتين، فقالت :أشهد أن لا إله إلا الله.. وأشهد أن محمدًا رسول الله، ثم ابتسمت وحدثتني قائلة : بابا أنا راح أستشهد صح، فعجزت عن الكلام وقتئذ، وبقيت أبكي وأنا أضمّها لصدري". يشرح والد الطفلة لمى أبو حصيرة اللحظات الأولى لرؤية طفلته وهي مصابة.

لم يكن يدري أن ابنته نور 3 سنوات قد استشهدت، فقد كانت برفقة شقيقتها لمى 8 أعوام وقت الانفجار.

"طلبن المال وذهبن إلى البقالة لشراء الشيبس عند العاشرة صباحًا، فسمعنا صوت انفجار والدخان ملأ المكان، ناديت على الجميع أن يغادروا المنزل معتقدين أن الاستهداف لبيت الجيران، لكني افتقدت لمى ونور، فذهبت أبحث عنهن".

يتابع رب الأسرة قوله مسترجعًا شريط الذكريات "وجدت الجيران يحملون بناتي ويركضون نحو احدى السيارات لتقلّهم إلى المستشفى".

احتضن احدى بناته، وجلس على الكرسي الخلفي للسيارة يبكي بقلبه وعينيه، حتى سمع كلمة "بابا.. بابا" من ابنته. نظر إليها فعلم أنها ما زالت على قيد الحياة، فقالت له بعد أن نظرت إلى عيونه المثخنة بالألم " أختي نور كانت على باب الدكانة، وأنا رحت أشتري الها شيبس، والقصف صار على الباب، وين أختي نور".

لم يكن يعلم بعد عن طفلته الأخرى أنها ارتقت للرفيق الأعلى، بقي صامتًا، فابتسمت له صغيرته صاحبة الثمانية أعوام وقالت له بعد أن شاهدت دمعاته " بابا .. قول الحمد لله .. راح أكون عصفورة بالجنة لمن أستشهد".

قاطع الأب حديث طفلته الصغيرة، وبدأ ينظر لابنته الأخرى، حتى وصلوا لمستشفى الشفاء بمدينة غزة، ونقل الأطباء لمى على الفور إلى العناية المركزة، وأعلنت الطواقم الطبية نبأ استشهاد نور.

يتجول الأب حول سرير ابنته لمى التي خرجت من غرفة العمليات ويتحدث " كانت صغيرتي نائمة على سريرها، ولا تعلم بعد بخبر استشهاد شقيقتها نور، إلا أنها سمعت تمتمات تتحدث عن استشهاد أختها، فنادت وقالت " ليش ما قلت إلي يا بابا إنه نور استشهدت.. ليش راحت على الجنة لحالها".

بقيت لمى تبكي وهي تردد " راحت على الجنة لحالها وتركتني"، ثم نظرت لغرفتها الملآى بأوجاع المصابين بفعل العدوان "الإسرائيلي" على غزة، وقالت " " نيالها.. هي الآن عصفورة بالجنة".

يقول والد الشهيدة والمصابة " كنت أنظر للشهداء الأطفال طيلة فترة الحرب، أستغرب من صبر أهلهم، إلا أنني اليوم تيقنت أن الله يزرع الصبر في قلوبهم".

 ترقد نور على سريرها بعد أن أطلقت طائرة استطلاع "إسرائيلية" حمم غضبها عليها وشقيقتها، وهي مصابة بعدة شظايا استقرت بالكبد والرئة وأنحاء متفرقة من جسدها.

يكمل رب الأسرة حديثه لـ"الرسالة نت" عن مدى صبره فيقول " أستمد قوتي من بناتي.. من طفلتي لمى حينما تردد عبارات الصبر أمامي"، ويشير بأصبع سبابته نحوها مضيفًا " طوال فترة الإجازة الصيفية تنتظر أن تكمل تعليمها وتذهب للصف الثالث الابتدائي، ولكنها ستكمل عامها القادم وهي تتلقى العلاج، فما ذنبها". سؤال تركه والد لمى مفتوحًا ينتظر الإجابة..!

البث المباشر