مقال: وفي الهدوء مآرب أخرى

مصطفى الصواف    

أضحكتني تصريحات رئيس قوات الاحتلال الإسرائيلي  جابي اشكنازي أمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست الإسرائيلي تقديرا للوضع الأمني، والتي عزا فيها حالة الهدوء النسبي على الحدود الشرقية لقطاع غزة مع فلسطين المحتلة الثلاثاء الماضي أن حركة حماس غير معنية بحالة التصعيد في قطاع غزة، وتسعى للحفاظ على سلطتها في القطاع.

المضحك أن اشكنازي وغيره يرى أن في ظل الاحتلال يمكن أن تكون هناك سلطات للمحتلين من أبناء الشعب الفلسطيني؛ لأنه لا يستقيم أن تكون هناك سلطة داخل سلطة الاحتلال، وقطاع غزة محتل والسلطة التي لحماس على قطاع غزة ليست سلطة سيادة بقدر ما هي حماية لأمن الشعب الفلسطيني ومقدراته، وهذا الهدوء المدروس لحركة حماس في قطاع غزة في أعقاب العدوان الإرهابي الإسرائيلي الذي وقع نهاية 2008 ، لحماس فيه أهداف أخرى ليست متعلقة بسلطتها على قطاع غزة، سيدركها اشكنازي وغيرة ممن يحاولون النيل من الشعب الفلسطيني ومقاومة من الصهاينة، وغيرهم ممن يتربصون الدوائر، ويعملون على ضرب المقاومة بإدعاء المقاومة كما أشير إلى ذلك في التحقيقات الأولية التي كشفت عنها مصادر أمنية فلسطينية في قطاع غزة.

المقاومة خيار استراتيجي لحركة حماس وبقية قوى المقاومة الفلسطينية، أما من تنازل عن خيار المقاومة لصالح التفاوض مع العدو القاتل الغاصب واعتبرها تخريبا للمصالح الفلسطينية،  وضارة بالقضية الفلسطينية، وعبثية، عليه اليوم أن يصمت اشرف له من الحديث عن مقاومة قطاع غزة، لأنه هو اشكنازي هدفه هو التشكيك بالمقاومة الفلسطينية لترسيخ أكذوبة أن إسرائيل تريد استفزاز المقاومة للرد حتى تمارس بطشها وإرهابها على الشعب الفلسطيني؛ وكأن إسرائيل لا تمارس هذا الإرهاب، أو أنها بحاجة إلى تبريرات لممارسته.

العدوان الإسرائيلي مستمر منذ لحظة الاغتصاب لفلسطين وحتى الآن، لان القتل والاعتداءات والتخريب هي عقيدة لدى اليهود، وليست بحاجة إلى استفزاز المقاومة للرد حتى تمارس هذا الإرهاب المتواصل.

نعم، هناك حالة هدوء نسبي من قبل المقاومة، وهناك عملية ترشيد للمقاومة على الأقل في هذه المرحلة التي يمر بها قطاع غزة بعد العدوان الأخير، وهذا الهدوء له من الأسباب الكثير أقلها انه ليس حماية لأمن الاحتلال، أو خوفا من أن تستدرج قوات الاحتلال المقاومة إلى مواجهة غير مدروسة وغير متكافئة، ولن اعدد هنا الأسباب الحقيقية لحالة الهدوء هذه من وجهة نظر تحليلية، ولكن سأذكر فقط سبب واحد لهذه الحالة، وهو أن المقاومة في قطاع غزة مجتمعة هي في حالة استعداد وتحديث لقدراتها لمواجهة إرهاب إسرائيل، لان المقاومة لا تقتصر فقط في مرحلة من المراحل على الاشتباك مع العدو أو ضربه بما لديها من إمكانيات، فالتجهيز، والإعداد، وإعادة البناء، هي جزء أصيل من عمل المقاومة، فهل سيفهم اشكنازي وغير اشكنازي من المتربصين بالمقاومة أسباب الهدوء النسبي؟

 

البث المباشر