مقال: من لا يشكر الناس لا يشكر الله

مصطفى الصواف
مصطفى الصواف

مصطفى الصواف

قطاعات كثيرة تذكر وقليل منها يشكر، وفي هذا العدوان الإرهابي ظهر جهد الجميع متصديا له كل في مكانه وفق قدراته ولكن هناك قطاعات قدمت فوق قدراتها وطاقاتها أضعافا مضاعفة في ظل ظروف وإمكانيات لسنا بحاجة للحديث عنها لأنها باتت معلومة للجميع قبل العدوان وبعده.

ذكرنا لبعض القطاعات لا ينفي أن نتقدم بالشكر والعرفان للجميع بناء على قاعدة من لا يشكر الناس لا يشكر الله، وحتى لا نغرق في السياسة وألاعيبها وننسى أصحاب الفضل والعطاء وإن كنا على يقين أننا مهما بحثنا عن كلمات لا يمكن أن نوفيهم أجرهم، وهناك أفعال لا يكفيها إلا الجزاء من الله عز وجل، ونرجو الله أن يجزي الجميع من عنده على ما بذلوه من جهد زاد من صمود وصبر شعبنا في مواجهة هذا العدو، واوجد بيئة جيدة للمقاومة تعمل بها وهي مطمئنة على جبهتها الداخلية؛ لأن جزءا من صمود المقاومة كان ناتجا عن جبهة داخلية شكلت البيئة الخصبة لها وكانت متماسكة حدا فاق التصور والتوقع وجعل المقاومة بدلا من أن تكون لها عين على العدو وأخرى على الجبهة الداخلية باتت العينان في اتجاه العدو.

قطاع الصحة، والأمن، والدفاع المدني، والبلديات، هذه القطاعات الأربعة أخصها اليوم بالشكر الجزيل على ما قدمت وصنعت وكانت علامة فارقة خلال هذا العدوان وقد صنعت ما تعجز عنه دول مكتملة البنيان وليس قطاعا محاصرا منهكا، أن يأتي إليك في دقائق مئات الجرحى مع وجود الآلاف قيد المعالجة وتتعامل معهم بهذه الطريقة المهنية والمتقنة لهو أمر فاق التوقع حتى أن الأطباء الأجانب كانوا مندهشين مما يصنعه الطيب أو الممرض أو العامل داخل المستشفيات ، أنا لا أريد الحديث عن الإمكانيات ولكن حديثي هو عن الإنسان الطبيب أو الممرض أو عامل الصحة المتواجد في المستشفيات على مدار الساعة وقد ترك خلفه أسرة وأهلا وأحباء قد يأتي قدرهم بهم إما شهداء أو جرحى لم يثنه ذلك عن القيام بواجبه وإن كان ابنه أو أخاه أو والده أو والدته أو حفيده بين يديه شهيدا أو مصابا.

أما قطاع الأمن والذي كان مستهدفا لأنه ضمن بنك الأهداف لهذا العدو لم يغيب عن المشهد في كل الساحات وتمكن من توفير الأمن وضبط الجبهة الداخلية على صعد مختلفة في المؤسسات وخاصة المستشفيات وأماكن اللجوء أو في الساحات في ملاحقة المشبوهين والعملاء ولعب دورا كبيرا في حفظ الجبهة الداخلية وتصدى لكل الإشاعات وصناعها فكان نموذجا رائعا لا يقل روعة عن رجل المقاومة حامل البندقية أو منظر العدو وهو تحت الأرض، فكان كل رجل أمن متواجد في مكانه ويحافظ على أمن المواطن والوطن حاميا لظهر المقاومة. فتحية طيبة مباركة إلى وزارة الداخلية ورجالها الذين استطاعوا أن يحموا الجبهة الداخلية ويقدموا نموذجا يشكل علامة فارقة في ظل ظروف صعبة ومعقدة وفي ارض مكشوفة يستهدف فيها كل متحرك فكان العطاء بلا انتظار من جزء إلا من الله.

الدفاع المدني ونخصه هنا وهو جزء من الداخلية إلا أن له خصوصية وكان له دور كبير تعرض فيه للخطر الشديد فكان يتواجد في كل مكان لا يبالي رجاله من كثافة النار أو شدة القصف بل كانوا يغامرون إلى حيث مواطن الخطر يحاولون إنقاذ ما يمكن إنقاذه وإسعاف ما يمكن أن يسعف حفروا وأزالوا الركام بأيديهم غير مبالين بما قد يصيبهم نتيجة انهيار المبني أو أجزاء منه وغير عابئين بصاروخ قد يسقط أو قذيفة تأتي من حيث لا يدرون.

البلديات وهي القطاع الرابع الذي شكل أيضا علامة فارقة وهي من القطاعات التي لم تتوقف عن العمل في كل الساعات ليل نهار بعد أن استهدف العدو كل مرافق الحياة من مياه وبنى تحية وآبار وغيرها من الأمور الحياتية التي تمس حياة الناس فبذلوا جهدا كبيرا أكثر مما يتحمله من هم في وضع أفضل تجهيزا وإمكانيات ، فكنا نجدهم في كل مكان يعملون بكل جهد مع الحدث وبعد الحدث ولم يتركوا القطاع حتى ينتهي العدوان بل استمر عملهم بكل جهد واقتدار، فشكرا لهذه البلديات التي قدمت وضحت على مدار العدوان.

لعل كثيرا من القطاعات انتهى عملها بانتهاء العدوان أو يبدأ عملها بعد العدوان ولكن هذه القطاعات الأربعة عملها مستمر قبل العدوان ومعه وبعده فكان لها هذا الشكر الخاص.

ولعل القطاع الخامس الذي سأخصه لوحده وأختم بها مقالتي هو قطاع الإعلام ، هذا القطاع الذي ابلى بلا حسنا واعطى أكثر مما توقع البعض فكان كل العاملين فيه جنودا وابطالا في مقدمة الصفوف فحق لهم أن نشكرهم ولو بهذه الكلمات القليلة والتي لا تكفي ولكن كان لابد من الذكر، وسنخصص فيما بعد مقالا كاملا عن الاعلام ودوره في هذا المعركة.

البث المباشر