قائد الطوفان قائد الطوفان

الحلقة (17): جهود إسرائيل لمنع تدحرج نموذج غزة للضفة

إحراق علم إسرائيل (الأرشيف)
إحراق علم إسرائيل (الأرشيف)

الرسالة نت-خاص

بعد العدوان الأخير على قطاع غزة وابداع المقاومة، شهدت الحالة الفلسطينية والضفة المحتلة على وجه الخصوص، صحوة شعبية واسعة بعدما بدأت تؤمن بأن المواجهة مع الاحتلال لابد أن تُترجم من خلال أدوات فعل لا أقوال فقط.

كل محاولة "إسرائيلية" للاعتقال أو الدخول في مدن الضفة، أصبح يواجهها الشبان الفلسطينيون بمواجهات وانتفاضات غضب، وهذا يعكس ما أحدثه العدوان على قطاع غزة، وكيف ارتدت حالة الوعي الفلسطيني في مواجهة المؤامرات "الإسرائيلية".

أصبحنا أيضا نلاحظ مدى السخط الشعبي الفلسطيني على سلوك السلطة وعدم رضاهم عن أداء أجهزتها الأمنية، وتولدت قناعة لدى معظم الفلسطينيين بأن ما تمارسه السلطة في هذه المرحلة خطير، ويأتي في سياق الضغط والمؤامرة على قطاع غزة، وهذا بدوره انعكس على ارتفاع شعبية المقاومة الفلسطينية، وفق كل استطلاعات الرأي الأخيرة.

كثير من المراقبين أكدوا أن حجم التأييد الجارف لقيادة حركة "حماس" بالضفة غير مسبوق منذ عام 1997، وهو في تصاعد مستمر، وهذا يعتبر أبرز تبعات معركة "العصف المأكول" وإنجازات المقاومة خلالها.

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان قد تحدث بشكل واضح أن كل الحروب على قطاع غزة التي استهدفت حماس، أعادت حالة الالتفاف الكبيرة حولها بدلاً من أن تُنهيها.

(إسرائيل) بدأت بعد فشل عدوانها على غزة بإعادة ترتيب خارطة الضفة، بما يمنع تدحرج الحالة الغزّية إليها، ثم إن لقاءات الكابينيت وأجهزة الأمن الإسرائيلية أصبحت تناقش وبقوة ما تسميه بـ "الإرهاب وتوجهاته" ومخاوف انتقال ما سمّته "حلقات التطرف" إلى الضفة.

وتمارس (إسرائيل) حركة اعتقالات غير مسبوقة، وتركز جهودها للسيطرة على الضفة من خلال أركان عديدة، أهمها ما يتعلق بتفريغ مساحات الضفة من القيادات المؤثرة، والدليل على ذلك ما شهدناه بعد أسر المستوطنين الثلاثة في الخليل، من ارتفاع عدد الأسرى في السجون إلى أكثر من 7.500 أسير، بعدما كانوا 5 آلاف.

ويتعمد الاحتلال اعتقال شخصيات مؤثرة وقادرة على تحريك الشارع، أمثال الشيخ حسن يوسف، وشخصيات ميدانية تدير عملية تنظيم الاحتجاج، وأيضا الجيل الصغير الذي يشارك في العمل المواجه لـ (إسرائيل).

السلطة الفلسطينية أيضا تمارس دورا يتزامن مع "تسكين حالة الضفة وفرض الأمن عليها" من خلال ركنين، بأنها تمنع أولا حالات الاحتكاك الواسعة مع الاحتلال، كما أنها تختفي وتتيح للقوات "الإسرائيلية" الدخول إلى أي مكان واعتقال من تشاء، والدليل أن أغلب عمليات الاعتقال تتم في المناطق المسماة بأراضي (أ) الخاضعة للسيادة الفلسطينية.

كما تعمل السلطة على منع كل ما يمكن أن يعيد الاعتبار لأي حركات متصلة بمنهج المقاومة، ومنع كل نشاط تنظيمي أو مؤسساتي يسهم في الحالة المقاومة.

لا بد أن ندرك أن (إسرائيل) نجحت في الفترات الأخيرة بجعل الضفة "حقل اختبار"، عبر تعزيز المنظومة الفكرية القابلة للاحتلال أولًا، وثانيًا تضليل العقلية الفلسطينية بأنها تعيش ضمن منظومة دولة مستقلة.

وللأسف، فإن سلوك المؤسسة الفلسطينية وأدواتها وأدوات المجتمع، رسّخت فكرة أننا نعيش في حالة الدولة، ولدينا عيد استقلال سنوي، لكن العدوان على غزة صحح فهم الشارع الفلسطيني بأنه لا يزال تحت احتلال، وأن عليه مقاومته بشتى الوسائل.

بعد العدوان، أخذت (إسرائيل) قراراً استراتيجياً بمنع "إعادة إحياء البنى التحتية للمقاومة الفلسطينية" ببعدها السياسي، عبر شيطنة حماس بتكرار الحديث حول خطرها على السلطة، ومحاولتها الانقلاب عليها، ثم الحديث عن أنه لا فرق بينها و"داعش"، وهذه مجتمعة هي محاولات تحشيد الرأي العام ضد حماس.

ومن خلال استجلاب صور الدمار الحاصل في غزة خلال العدوان، تحاول (إسرائيل) إيصال رسالة بأنها قادرة على إحداث دمار بالضفة، في حال سيطرة حماس أو المقاومة عليها، ولتبين للعالم أن الحركة والمقاومة بشكل عام، تهدد حالة الاستقرار في الضفة.

يدرك الاحتلال ويوصي دائمًا بأنه "إذا أردت السيطرة على مجتمع وتفريغه، فلابد من تفريغ مساجده" ويتحدث عن خطر توجيه المساجد للرأي العام، والسلطة الفلسطينية اليوم تساهم في حالة الكبت واعتقال الأشخاص المؤثرين على حالة الوعي حتى إن كانو خطباء مساجد، كما تعتقل الشباب الفاعل على الأرض والنشطاء.

متعلقات

أخبار رئيسية

المزيد من تقارير

البث المباشر