أمريكا تدفع باتجاه مصالحة فلسطينية تمهّد لحلّ الصراع

الرسالة نت- محمد عطا الله

يبدو أن المواقف الأمريكية من دفع عجلة المصالحة تشير إلى الرغبة في تأهيل الوضع الفلسطيني تمهيدًا لرسم سياسة جديدة تُعبد الطريق لصفقة سياسية تُنهي الصراع في الشرق الأوسط.

وما بين القبول والترحيب بالجهود المصرية التي ترعى اتفاق المصالحة، تحاول الإدارة الأمريكية إرسال رسائل مُبطنة مفادها قبول أي طرف فلسطيني –في إشارة إلى حركة حماس-مشارك بالحكومة الفلسطينية المقبلة، شروط الرباعية الدولية ونبذ العنف والاعتراف بإسرائيل.

ويعكس ذلك الموقف القديم الجديد جزءًا من السياسية الأمريكية القائمة على محاباة "إسرائيل" والانحياز إلى مصالحها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل عن مدى الوصول لحل أو صفقة تنصف القضية الفلسطينية في المرحلة المقبلة!

وقال مسؤولون في البيت الأبيض الأمريكي إن "الوساطة المصرية بين حركتي فتح وحماس مؤخرًا خلقت فرصة إيجابية نادرة الحدوث لعودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة".

ونقلت صحيفة "هآرتس" العبرية عن مسئولين كبار في البيت الأبيض قولهم إن "الوساطة المصرية خلقت فرصة إيجابية نادرة الحدوث، وإنه ورغم المطلب الأمريكي بنزع سلاح حماس إلا أن ذلك لن يتم بين عشية وضحاها".

فيما نقل عن مسئول أمريكي في البيت الأبيض -رفض الكشف عن هويته- قوله إن: "مصر ساعدتنا في فتح باب لغزة لم يكن موجودًا حتى قبل عدة أسابيع.. نحن نرى ذلك كفرصة، وسيكون وضع إسرائيل والفلسطينيين أفضل بكثير إذا ما نجحنا في الوصول لشيء نتيجة هذا الاتفاق".

صفقة سياسية

ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب على أن الإدارة الأمريكية تحاول من خلال تشجيعها للمصالحة الفلسطينية أن تؤسس لعملية مفاوضات جديدة يتم إطلاقها في الأيام المقبلة؛ من أجل رسم الرؤية الأمريكية وفقها.

ويوضح حبيب في حديثه لـ"الرسالة نت" أن هناك حالة من الإرباك الأمريكي نتيجة لعدم وجود رؤية لحل الصراع، لاسيما وأن الجانب الإسرائيلي لا يساعد إدارة ترامب لتسهيل مهمة الوصول إلى رؤية؛ نتيجة استمرار عملية الاستيطان.

وأشار إلى أن "إسرائيل" والرباعية الدولية والأمم المتحدة تحاول من خلال فرض شروطها بالمصالحة تعقيد المسألة للتمهيد لعملية تفاوضية بين الفلسطينيين والإسرائيليين يمكن من خلالها الوصول لصفقة كاملة.

ونوه إلى أن إدارة ترامب تسعى إلى ذلك بقوة لاسيما وأنها باتت شهيرة بعقد الصفقات ذات البعد السياسي، بدلًا من البعد التجاري والاقتصادي الذي كان يعقدها ترامب قبل وصوله للبيت الأبيض.

ولفت حبيب إلى وجود خريطة جديدة يتم رسمها للمنطقة من خلال الأطراف الأكثر نفوذًا، مبينًا أن الملف السياسي في الخريطة هو القضية الفلسطينية والأهم فيها إطلاق مفاوضات عبر عملية مصالحة سواء من خلال صفقة القرن أو من خلال قمة إقليمية تشهد عملية تطبيع بين الدول العربية و"إسرائيل" تكون أمريكا جزءًا منها.

رسائل مبطنة

ويتفق الكاتب والمحلل السياسي د. تيسير محيسن مع سابقه، مبينًا أن الموقف الأمريكي مرتبط برؤية تفعيل عملية التسوية وعنوانها عودة المفاوضات.

وأوضح محيسن لـ"الرسالة نت" قدرة أمريكا على عودة التفاوض على أسس متفق عليها وقبول إسرائيلي لن يتم إلا بإعادة السلطة وسيطرتها على كل المكون الفلسطيني وتمثيل كل الفلسطينيين في الداخل والخارج وهو ما بدا واضحًا من خلال تصريحات المسؤولين الأمريكيين.

وبين أن الموقف الأمريكي ينسجم إلى حد كبير مع الرؤية الإسرائيلية في قضية المصالحة الفلسطينية، لافتًا إلى أن الاشتراطات المٌسبقة على دخول حماس في الحكومة المقبلة رسائل مبطنة للحركة بأن وجودها في النظام السياسي يشكل عقبة وعليها أن تتنحى جانبًا إذا كانت حريصة على القضية الفلسطينية كما تقول.

وفي نهاية المطاف يمكن القول إن الإملاءات الأمريكية ومحاولات الاستفادة من تحقيق المصالحة باتجاه عقد صفقات لحل الصراع لن يكون على حساب القضية الفلسطينية.

متعلقات

أخبار رئيسية

المزيد من تقارير

البث المباشر