اشتراطات وخلافات علنية سبقت تحديد موعد لقاء المصالحة بين حركتي فتح وحماس, الذي رفضت مصر استقباله في سابقة خطيرة قبل يومين ثم عادت وقبلت انعقاده على اراضيها بالتزامن مع بدء الجولة الثانية من المفاوضات غير المباشرة, الامر الذي يرى فيه مراقبون ضغطا مزدوجا على حركة حماس, ومحاولة مصرية لوضع موطئ قدم لحركة فتح والسلطة الفلسطينية في اي اتفاق قد ينتج عن المفاوضات.
الاتفاق الذي وصف بالحاسم تنتظره ملفات ساخنة من غير المتوقع ان ينجح بالبت فيها خاصة وأن الواضح من تصريحات قيادات السلطة وفتح التي تسبق اللقاء المرتقب انها تحمل شروطا عديدة من الرئيس محمود عباس لمحاولة ابتزاز حماس ورهن رفع الحصار واعادة الاعمار بتنازلات سياسية وادارية ما يعني المزيد من الضغوط على الحركة في محاولة لخفض سقف مطالبها في مفاوضات الاحتلال.
تمكين السلطة
ويرى البعض في عقد اللقاء في هذا التوقيت محاولة لمحاصرة حماس والضغط عليها لتقديم المزيد من التنازلات لصالح حركة فتح التي تريد من حماس ان تتنازل عن كل شيء في غزة بينما ترفض البدء بأبسط خطوات المصالحة في الضفة الغربية.
القيادي في حركة حماس د. صلاح البردويل أكد ان ما تريده حركته من اللقاء هو وضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بتطبيق اتفاق المصالحة حتى لا يحدث تراشق اعلامي ولا تتعثر المصالحة في كثير من الملفات.
وبين البردويل في حديث للرسالة انه من باب اولى ان يذهب الفلسطينيون موحدين للمفاوضات غير المباشرة وان يضع الحوار الداخلي الفلسطيني الخطط لمواجهة الاحتلال والضغط عليه لتنفيذ اتفاق التهدئة.
وقال "حماس لديها تخوفات بسبب الوقائع الموجودة على الارض والتي تشير الى وجود ابتزاز ومحاولات للضغط لكن المقاومة التي هزمت الاحتلال لن تستلم لضغوطات سياسية في حال لم يخرج اللقاء بنتائج ايجابية".
الموقف المصري من لقاء المصالحة أثار الكثير من الجدل خاصة وأنها الراعية الاساسية للمصالحة من بدايتها وحتى الان.
المحلل السياسي د. تيسير محيسن فسر الموقف المصري الاخير بانه يأتي منسجما تماما مع رؤية السلطة الفلسطينية في قضية المصالحة, والمتمثلة في أن السلطة تريد مطالب وتنازلات من حماس, بينما الاخيرة ترغب في حل الاشكاليات المعقدة مع فتح وأهمها الحكومة والاعمار والاطار القيادي للمنظمة.
ولفت الى ان الشكل الجديد المطروح هو التعامل مع حماس ككيان سياسي وفي ظل هذه التوجهات لم تكن ترغب مصر او السلطة ان يتم لقاء المصالحة بحكم انه سيصطدم بعراقيل ستفشل اي نوع من التقدم او اي تمكين للسلطة من دفع حماس للتنازل عن قضايا او متطلبات تريدها منها.
القفز على حماس
وحول توقعاته من نتائج اللقاء شدد محيسن على أن اللقاء القادم في القاهرة محكوم عليه بالفشل وحماس حتى مساء السبت الماضي لم يكن لديها قرار بالذهاب للقاهرة, خاصة بعد ما اتضح من تصريحات ابو مازن وكثير من قيادات السلطة في لقاءات خاصة وعامة حول حماس والتعامل معها والسقف الذي يمكن ان تصل اليه الحوارات خاصة فيما يتعلق بملف الاطار القيادي للمنظمة الذي سيحدد استراتيجية العمل السياسي الفلسطيني المستقبلي.
ويعزو محيسن أسباب الفشل إلى أن فتح لا ترغب في مناقشة كل هذه القضايا ولا مسألة رواتب غزة, وما تريده فقط هو الحديث في قضايا عامة وما سيتم تداوله في المفاوضات غير المباشرة مع الاحتلال التي ستبدأ بعد يوم من لقاء المصالحة, بينما حماس تريد مناقشة كل ملفات المصالحة.
ونوه الى ان فتح في لقاء المصالحة تريد اعادة ترتيب وتموضع قيادتها للنقاش في اللقاء مع الاحتلال (الإسرائيلي).
لقاء حاسم مع فتح بالتزامن مع الجولة الثانية من المفاوضات غير المباشرة مع الاحتلال يقرأ فيه البعض ضغطا مزدوجا على حركة حماس ومحاولات لابتزازها, لكن محيسن يرى أن حماس الان باتت لاعبا مؤثرا وجميع الاطراف تدرك ذلك وترى ثقلها بوضوح بما فيها (إسرائيل) ومصر.
وذكر بان حماس الان مرغوبة ومطلوب التعامل معها لكن هناك اطراف تريد القفز عنها, اهمها السلطة ومصر التي تساعد فتح في أن تكون صاحبة الصدارة في المشهد السياسي في غزة خاصة فيما يتعلق بالحصار والاعمار والمفاوضات القادمة مع الاحتلال.
وقال محيسن "حماس تحتفظ بمكانتها و(إسرائيل) تدرك قوتها على الارض لذلك هي تصر على التعامل معها بهذه الندية ولا بديل امام الاحتلال الا ان ينصاع الى الحالة السياسة التي افرزتها الحرب ونتائجها".
واعتبر ان الاجراءات التي تتخذها السلطة وتعاملها حيال ملفات غزة هي محاولة منها لتحجيم نفوذ حماس بالقطاع في كل هذه الملفات الساخنة سواء بالعلاقات السياسية مع مصر او معالجة اثار الحرب او العلاقة مع الاحتلال.
وبين ان خيارات حماس ستكون عملياً اصرارا على ضرورة فتح كل ملفات المصالحة ونقاشها وكشف الموقف الذي تتبناه السلطة حيال هذه الملفات الى الشارع العام وتوضيحه واصرارها على المطالب السياسية وغيرها.