مقال: حماس باقية في قطر.. حتى الآن

د. عدنان أبو عامر

فاجأت قطر العديد من الأوساط السياسية حين طلبت صباح الجمعة 12/9 من بعض قيادات الإخوان المسلمين مغادرة الدوحة، في إطار الموافقة على الشروط الخليجية لعودة العلاقات الطبيعية معها.

لكن أصداء القرار القطري لم يتوقف على الإخوان المسلمين، بل خرجت تسريبات يوم 14/9 تحدثت عن إمكانية تعميم إخراج القيادات الإخوانية على زعامات حركة حماس، المقيمة في الدوحة بصورة دائمة منذ خروجها من سوريا أواسط 2012، وذلك استجابة للضغوط الدولية.

فيما نفت أوساط قيادية في حماس أن تكون الدوحة طلبت من الحركة مغادرة أراضيها، معتبرة تسريب تلك الأنباء محاولة بائسة لتوتير العلاقات بين الجانبين، التي تمر في أفضل حالاتها، لأنه لم يصل أي مطلب بتخفيف تواجدها في الدوحة، ولم تمارس عليها أي ضغوط حول هذا المطلب، خاصة أن خالد مشعل زعيم الحركة يمتلك علاقات وطيدة مع الأسرة الحاكمة في قطر لمدة تزيد عن 20 عاما، تسودها أجواء التفاهم والاحترام المتبادل، حماس وقطر تمتلكان علاقات سياسية قوية، وهناك تفاهمات في السياسات حيال التطورات المتلاحقة في الإقليم، وقطر عندما استضافت حماس في أراضيها رغبت أن يكون لها دور في المنطقة، وقرارها بإبعاد قيادات الإخوان المسلمين عن أراضيها لا يعمم على قيادات حماس.

الإجابة الأكثر صراحة وردت على لسان موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، حين نفى أن يكون الإجراء القطري ضد الإخوان المسلمين سينعكس على السياسة القطريّة تجاه حماس.

الاطمئنان الحمساوي من بقائهم في الدوحة، لا يمنع من القول أن متانة علاقات الحركة مع قطر، تجعلها تقر بوجود ضغوط سياسية عليها من عواصم إقليمية ودولية ترى في حماس خصماً لها، واحترامها للموقف القطري، يدفعها لتفهم أي خطوة ما، بغض النظر عن تفاصيلها، والحركة تمتلك من البدائل العديدة في حال وصلها أي طلب من هذا النوع، دون أن يؤثر على متانة علاقاتها مع الدوحة، وهي لا تنسى لها أنها شكلت، وما زالت تشكل، حاضنة لحماس في هذا الظرف الإقليمي الصعب.

لكن مسئولا خليجيا مطلعا على ترتيبات المصالحة بين قطر ودول الخليج أكد أن وجود حماس في الدوحة لن يتأثر بالضرورة بالصفقة الخليجية الداخلية لترميم العلاقات مع قطر، فالحركة تمتلك علاقات جيدة ومتطورة مع عدد من دول مجلس التعاون الخليجي، كالسعودية والكويت على سبيل المثال، والاعتراض الخليجي على إقامة قيادات من الإخوان المسلمين في الدوحة، لا ينسحب على قيادات حماس.

المثير فعلاً أن النفي الحمساوي المتكرر لأي طلب قطري بمغادرة أراضيها، تزامن مع زيارة مفاجئة لمشعل إلى تونس يوم الجمعة 12/9 لم يعلن عنها من قبل، على رأس وفد قيادي كبير، تخللها الكثير من الفعاليات واللقاءات مع الأحزاب التونسية، والمحاضرات العامة، والحوارات الصحفية، مما دفع بأوساط صحفية تونسية للحديث عن طلب تقدم به مشعل للرئيس منصف المرزوقي، للإقامة في تونس، وهو ما نفته حماس.

فيما جدد أنور الغربي مستشار الرئيس التونسي للشؤون الدولية، النفي بأن تكون مسألة إقامة قيادة حماس في تونس مطروحة، وأن زيارة مشعل الأخيرة لتونس ضمن سياق متابعة الملف الفلسطيني بعد نهاية حرب غزة.

لكن مسئولاً تونسياً معارضاً طلب عدم الكشف عن هويته، قال لكاتب السطور أن أجندة زيارة مشعل لم تكن تقليدية، فلم تقتصر على لقاء الرئيس كما جرت العادة في زياراته لباقي الدول العربية، بل تعمد لقاء نخبة من الزعامات السياسية الموالية والمعارضة، حيث اجتمعت قيادة حماس الزائرة لتونس مع قيادات حزب النهضة الإسلامية وعلى رأسهم راشد الغنوشي، وفي ذات الوقت التقى بزعامات "حزبي المؤتمر والجمهوري"، لتسويق مواقف حماس أمام مختلف القوى السياسية التونسية، خاصة وهي تقترب من استحقاق الانتخابات التشريعية والرئاسية في أكتوبر القادم.

ولكن ماذا عن خيارات حماس في حال تطور الموقف مع قطر، وطلبت مغادرة قيادة الحركة، أو على الأقل التخفيف من بعثتها التنظيمية المتواجدة في الدوحة؟ واضح أن حماس ليست مضطرة للدخول في فرضيات غير قائمة، على الأقل حالياً، لكن تقلبات المواقف السياسية في المنطقة تجعلها مستعدة لأي سيناريو، ولو كان مستبعداً، وهي تمتلك علاقات قوية مع العديد من الدول العربية، بما فيها تونس، والسودان، واليمن.

 

البث المباشر