باكستان وأمريكا..شراكة مبنية على شكوك

الرسالة نت – محرر الشئون الدولية

منذ بدء الحرب على الإرهاب دخلت باكستان في منظومة الشراكة مع الولايات المتحدة في هذه الحرب قبل نحو عشر سنوات في عهد برويز مشرف الذي ورث السلطة في أعقاب انقلاب أبيض.

وكانت باكستان قاعدة انطلاق أول حرب قادتها الولايات المتحدة ، حيث منح مشرف الولايات المتحدة حق استخدام أراضي بلاده وبعض مطاراتها وقواعدها العسكرية في حربها ضد طالبان في أفغانستان والتي انتهت بسقوط حكم طالبان في العام 2001كما نعرف، واحتلال الولايات المتحدة لذلك البلد مع بعض حلفائها الدوليين إلى اليوم تحت ذريعة الحرب على الإرهاب والتي تحولت محور إستراتيجية الولايات المتحدة بعد ذلك لأمنها القومي.

شكوك

لكن العلاقة بين باكستان والولايات المتحدة ظلت طوال السنوات التي تلت احتلال أفغانستان يشوبها كثير من الشكوك وعدم الثقة وصل في بعض الفترات إلى تبادل الاتهامات بشان موقف باكستان الرسمي من الجماعات الإسلامية الحليفة لحركة طالبان والتي تتخذ من باكستان مقرا لها خصوصا تلك التي كانت تقاتل في كشمير حيث تقيم باكستان علاقة ملتبسة ومزدوجة أحيانا مع هذه الجماعات لأسباب تكتيكية تخص إدارتها لصراعها مع الهند ومصالحها في إقليم كشمير.

ورغم أن الولايات المتحدة تغاضت عنها طوال تلك السنوات من عمر الشراكة بين البلدين في الحرب على الإرهاب إلا أنه بعد رحيل برويز مشرف عن السلطة وتولي الإتلاف الذي يقوده حزب الشعب السلطة والذي كان للموقف من طالبان دورا في حدوث هذا الانقلاب في السلطة عملت الولايات المتحدة على إعادة النظر في طبيعة علاقاتها وتعاونها مع باكستان، واتهمتها بأنها لا تتخذ موقفا صارما من طالبان خصوصا في أعقاب تعرض قواعدها ومعسكراتها وخطوط إمدادها في باكستان إلى هجمات عنيفة وموجعة تسببت في خسارتها لمئات من الآليات الناقلة للإمدادات والعتاد العسكري وغير ذلك.

الشراكة

وتحت الضغوط ونتيجة تغير سياسة الحكومة الباكستانية بقيادة حزب الشعب نحو حركة طالبان انفجر صراع بين طالبان باكستان والسلطة الحاكمة في إسلام اباد، وهو ما فتح الطريق أمام عودة الشراكة بين الجيش الباكستاني والقوات الأمريكية المنتشرة في المنطقة بهدف التصدي لحركة طالبان. ورغم أن الحكومة الباكستانية ظلت تهرب من الحديث عن هذه الشراكة والتعاون بين الجانبين إلا أن الأحداث والتطورات كشفت عن تعاون تجاوز حد الشراكة في التصدي لطالبان إلى حد التعاون والتنسيق المشترك في إدارة حرب مفتوحة لتصفية طالبان وانتقال الجانبين إلى الحديث عن بحث إطار للتحالف الاستراتيجي بينها في سياق إدارة الحرب على طالبان والقاعدة باعتبارهما مصدرا للإرهاب في المنطقة والعالم.

ورغم التباينات بين الجانبين في غدارة العمليات وتحديد الأهداف والأولويات إلا أن الجانبين حافظا على استمرار تعاونهما على الأرض، وعملا على تطوير هذا التعاون إلى اتفاقات ثنائية وحوارا استراتجيا بشأن التعاون العسكري والإستراتيجي بين الجانبين في شتى المجالات.

مطالب باكستان

يقول مسئولون أمريكيون ان البنتاجون يراجع وثيقة تقع في 56 صفحة توجز احتياجات إسلام أباد والتي طالب بها الجانب الباكستاني مرات عديدة من قبل لكن الهدف الرئيسي "للحوار الاستراتيجي" هو تحسين العلاقات وليس الاستجابة لقائمة مطالب، وقالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في مقابلة مع تلفزيون دنيا الباكستاني "نريد ان ننتقل بعلاقاتنا لى مستوى أعمق."وأضافت "أمامنا طريق طويل نقطعه. لا يمكننا ن نحرك تلك العصاة السحرية ونقول إننا قمنا بإزالة نقص الثقة."

وبموجب هذه الوثيقة تطلب باكستان طائرات بدون طيار وطائرات هليكوبتر بالإضافة إلى مساعدات اقتصادية ومساعدات أخرى، ومساعدات بشأن المياه والطاقة. وقال وزير خارجية باكستان شاه محمود قرشي الذي تحدث بعد إجراء محادثات مع مشرعين أمريكيين بالكونجرس ان الحكومة المدنية في بلاده والجيش لديهم "خطة بالغة الوضوح" عما يجب عمله. وأضاف ان الهدف من المحادثات التي سيشترك في رئاستها مع هيلاري كلينتون هو تطوير "شراكة".

وأشارت التقارير إلى أن البلدين اتفقتا على الإسراع بنظر طلبات باكستان بشأن معدات عسكرية في الوقت الذي تكثف فيه الدولتان تعاونهما الأمني.وقال قرشي وزير الخارجية في أعقاب لقاءه بكلينتون "اتفقنا على التعجيل بنظر طلباتنا المعلقة منذ شهور وسنوات بشأن نقل معدات عسكرية إلى باكستان."

أهداف الحوار الإستراتيجي

ويهدف البلدان من حوارهما الإستراتيجي إلى تعزيز التعاون العسكري والأمني، إضافة إلى معالجة أزمة الطاقة الخطيرة التي تعاني منها باكستان، ومناقشة إبرام اتفاقيات نووية سلمية كالتي تمت بين أميركا والهند، إضافة للتعاون في مجالات الزراعة والصناعة والحصول على قروضا جديدة، بالإضافة إلى المساعدات العسكرية حيث قدم قائد الجيش الباكستاني قائمة طويلة تتضمن طائرات بدون طيار وبعض قطع الغيار لمقاتلات أف16 وغيرها من المعدات العسكرية.

ويرى مراقبون ومواكبون للعلاقات الباكستانية الأمريكية إلى أن هذه العلاقات لها طابعها الخاص، فهما يعملان بروح الشراكة في محاربة طالبان والقاعدة، ويعملان بروح الشك والتردد في المجال السياسي والتعاون الإستراتيجي. أي أنهما يتقاطعان في حربهما ضد طالبان والقاعدة، ويختلفان في تعاونهما في المجالات الأخرى التي تريد باكستان من خلالها مواجهة احتياجاتها الإستراتيجية للسنوات المقبلة في المجالات العسكرية والاقتصادية والتنموية، وهو ما يعني من الناحية العملية إقامة علاقات ملتبسة في سياقها الاستراتيجي، وعملياتية في سياق تصديها لطالبان والقاعدة على قاعدة الشراكة.

 

 

 

البث المباشر