عدي وغسان أبو جمل، دم واحد جرى بعروقهما، وحيّ واحد كان شاهدا على مراحل عمريهما وعلى وقع أقدامهما في آخر أيامهما ، فهما جيران بالسكن، وأقرباء بالدم ووحدة المصير.
خرج أبناء العائلة كلٌّ لعمله صباحا، وتوجه الأطفال لمدارسهم، لكن عدي وغسان، كان سبيلهما اليوم مغايرا، فقد قررا أن يثأرا لدماء الشهيد الرموني، وأن يحولا تاريخ الثامن عشر من نوفمبر يوما أسودا في تاريخ الاحتلال ومستوطنيه.
امتشق الشابان أسلحتهما البيضاء، وتوجهوا لكنيس يهودي لا يبعد كثيرا عن المكان الذي استشهد فيه الشهيد يوسف الرموني (32 عاما) فجر أمس الاثنين، بعد أن شنقه مستوطنون داخل الحافلة التي يعمل بها في القدس المحتلة.
في بضع دقائق، تحول الكنيس لبيت رعب على الأعداء، وساحة دماء، بعد أن انقض الشهيدين على من كانوا يجدوه أمامهما، مستخدمين البلطات والسكاكين ومسدس، مهللين ومكبرين، حسب ما أفاده بعض من حالفهم الحظ وبقوا على قيد الحياة.
أما العائلة التي تسلل الخبر لها، لتكون المفاجأة والصدمة مركبة على النفس، فراقهما الصعب، وعملهما البطولي الذي لم يكن أحد من العائلة يتوقعه، حسب ابنة عمهما عبير.
وعلى الرغم من صعوبة التواصل مع عائلة الشهيدين، حيث اعتقلت قوات الاحتلال عشرة منهم، من بينهم والد ووالدة وزوجة الشهيد غسان، ووالدة وعم وأخ الشهيد عدي، وتهديد العائلتين بهدم منازلهما قبل انتهاء اليوم، إلا أن "الرسالة نت" تمكنت من الوصول والحديث مع ابنة عم الشهيدين، عبير أبو جمل، لتروي بعض التفاصيل عن حياتهما.
تقول عبير:"الخبر لم يكن بالأمر الهين علينا ، صدمة كبيرة أصابت العائلة، وبالوقت نفسه كلنا فخر بالعمل البطولي الذي قام به عدي وغسان".
"عدي ابن الـ(22 عاما) كان متدينا وملتزما بتعاليم دينه كثيرا و كان دائم الصوم، ويحافظ على صيام النوافل، وهو خلوق واجتماعي ويحب الناس والناس يحبوه، وكذلك غسان، فهو شاب معروف بأدبه وأخلاقه، وبالتزامه"، بتلك الكلمات وصفت عبير أبناء عمها.
وأضافت:"عدي كان يعمل طيلة الوقت ليعيل عائلته ، فوالده عاطل عن العمل، ووضعهم الاقتصادي متدني جدا، ومن يزور بيتهم يلمس الوضع الصعب الذي يعيشه وأخوته الثلاثة الذكور وثلاثة إناث، عدا الأب والأم .
وتابعت:" حال غسان لا يختلف كثيرا في ظل شح فرص العمل وغلاء المعيشة في القدس المحتلة، فهو كان يجلس بلا عمل لفترات متفاوتة".
وتمضي عبير بالقول:"البيت في حالة ذهول، خاصة بعد أن اعتقلت قوات الاحتلال والدة عدي وغسان للتحقيق معهما، وبيوت العائلتين مهددان بالهدم .
وكانت قوات الاحتلال قد حاصرت منازل عائلتي الشهيدين واعتدت على عدد من أفرادها بالضرب المبرح واعتقلتهم عقب العملية، كما أصيب عدد منهم بحالات اختناق نتيجة إلقاء وابل من قنابل الغاز باتجاه المنازل.
وأصدر وزير الأمن الداخلي (الإسرائيلي) "يتسحاق أهرنوفيتش"، ظهر الثلاثاء تعليماته بالقيام بعدة خطوات عاجلة للرد على عملية القدس ومن بينها عدم دفن منفذي العلمية داخل القدس وهدم منازلهم.
كما أوصت الحكومة الإسرائيلية باستدعاء أربع كتائب من حرس الحدود للقدس المحتلة، وعدم السماح بدفن الشهيدين داخل القدس، والإسراع بهدم منازلهما.
واعترف الاحتلال بمقتل 4 حاخامات خلال عملية القدس البطولية، وهم موشيه تبرسكي وارييه كوبينسكي وكلمن ليقي وابراهام غولدبرج، إضافة لإصابة 13 مستوطنا بينهم وصفت جراحهم بالخطيرة.