مقال: نقاط على حروف عملية القدس الأخيرة

بقلم/ إبراهيم المدهون

عملية القدس البطولية والتي نفذها غسان وعدي أبو جمل تدشن مرحلة جديدة وتعتبر نقلة نوعية في العمل الفردي الارتجالي، وهي نموذج قابل للتكرار والاقتداء في المرحلة القادمة خصوصا بعد النجاح الكبير لها، فقد تتحول عمليات الدهس والطعن من الفردي للجماعي، ومن الحالة الاندفاعية العاطفية السريعة للعمل المدروس المخطط، فقد قدما نموذجا واضحا لآلية تراعي سبل النجاح وتعظيم الانجاز، بأن يتفق اثنان أو اكثر من الأصدقاء أو الأقارب لا تربطهم علاقة تنظيمية معقدة ومحسوبة ليدرسوا الهدف ويخططوا ويدبروا وينفذوا.

هذه العملية حظيت بتأييد وإجماع فلسطيني قل نظيره لم يكسره إلا إدانة الرئيس محمود عباس مما شكل صدمة في الأوساط الشعبية والنخبوية الفلسطينية، فخطورة إدانة الرئيس للعملية البطولية أنها تؤدي لتجريم المقاومة وتبخيسها، وتحول العمل من بطولي إلى مشروع إرهابي مدان في نظر الاعلام والمنطق الدولي، ويعطي غطاءً وتفهما لرد الفعل (الإسرائيلي) المجرم، وهو انحياز للمحتل على حساب الشعب وتشكيك في حقنا بالدفاع عن انفسنا ومقاومة المحتل، ويدفع العالم لتشويه مقاومتنا والتغليظ بإدانتها ووضعها على قوائم الارهاب.

كما أن إدانة واستنكار عملية القدس البطولية من وزير خارجية تركيا سقطة دبلوماسية غير مقبولة، وعلينا التوقف عندها والتنبيه من خطورتها وانحرافها ومراسلة أنقرة والاستفهام حول دوافع وحقيقة موقف وزير خارجيتها، فنحن شعب تحت الاحتلال ومقاومتنا مشروعة، وننتظر من أصدقائنا تفهم موقفنا ودعمه لا إدانته او التنديد به بأي لغة كانت أو خلطه بجرائم الاحتلال، ولن نتفهم أي دافع أو سبب يشكك بالعمليات ومشروعيتها، فلا تبرير لمن يُحرم علينا حقنا في الدفاع عن انفسنا، خصوصا ان المعركة تعدت بعدها الوطني للبعد الديني فغسان وعدي خرجا انتقاما للعدوان المتكرر على المسجد الأقصى.

من المعروف أننا نشهد موجة ثورية فلسطينية وانتفاضة ثالثة وإن كانت بوسائل وأساليب وطريقة وشكل جديد، ولا أحد ينكر أنها عمليات فردية وبدوافع ذاتية، إلا أنه من حق الجبهة الشعبية الفخر بأبنائها ومؤيديها ومن حق أي فصيل الاعتزاز برجاله، وهذا ميدان تنافس وان كانت العملية بدافع وتخطيط ذاتي دون حسابات ولا أوامر تنظيمية، ولكن هناك تربية حزبية وفصائلية أهّلت لأن يقوم غسان وعدي وإخوانهم من قبل بهذه البطولات التي شفت صدور الفلسطينيين وأربكت الحسابات (الإسرائيلية).

البث المباشر