"توتر.. قلق.. تخبّط"، هي حالة الحكومة (الإسرائيلية) هذه الأيّام، خاصة بعد ازدياد وتيرة العمليات الفدائية ضد المستوطنين، وفي المقابل، تكشّر السلطة عن أنيابها، وتظهر بوجهها الحقيقي، "مُدِينة. ومستنكرة. ومتوعدة" مَن يقوم بهذه العمليات.
"الانتفاضة الثالثة" الكابوس الأكثر ازعاجًا لدى الثنائي (الاحتلال، والسلطة)، وكلاهما يحاول قلعها قبل أن تزهر، من أجل إحباط أي عمليات ميدانية داخل القدس والضفة المحتلة.
ولكنّ شبحًا يخرج لهم يعلن أنّ "العمليات أصبحت فردية وعفوية" ما يضع العراقيل لتقليم أظفارها.
وقرأ الكاتب والمحلل السياسي عدنان أبو عامر، موقف الحكومة (الإسرائيلية) من العملية الفدائية في القدس المحتلة بأنهم لا يريدون تفجير الوضع الميداني والامني في الضفة والقدس المحتلة في هذه المرحلة، مبينًا أن السبب في ذلك وجود ملفات ضاغطة على (إسرائيل) دفعت لتهدئة الخواطر وضبط النفس على حد تعبيره.
وأوضح أبو عامر أن هذه الاعتبارات حزبية داخلية خاصة أن الحكومة تريد أن تقدم نفسها "كحام للمقدسات الدينية واليهودية في القدس المحتلة ".
وأشار إلى أن رئيس الوزراء (الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو، يعتقد أن الانتخابات القادمة قد تعتمد بشكل أساسي على دعاية انتخابية مردها الحرم القدسي وبناء الهيكل المزعوم، موضحا أن نتنياهو يريد تهدئة الوضع الميداني والامني في الضفة والقدس كي لا يخسر ائتلافه الحزبي القائم والحاخامات أيضا.
ووافقه الرأي الكاتب في الشأن (الإسرائيلي) الدكتور ناجي البطة وأوضح لــ "الرسالة نت" أن الحكومة (الإسرائيلية) لم تتعرض لموقف أول أمس منذ سنوات خاصة وأنها لم تتعرض لعمليات من هذا النوع، ما اضطر نتنياهو على اثر ذلك تشكيل "حكومة وحدة" الأمر الذي رفضه رئيس حزب المعارضة ورئيس حزب شاس، معتبرين أن المسبب الرئيسي لهذا التوتر هو نتنياهو مما أدى لفشل هذه الدعوة.
وتعاني حكومة الاحتلال من تفكك وتهديدات مستمرة بالانسحاب من قبل بعض الوزراء، ومن المتوقع أن تؤثر العملية على الائتلاف الحكومي (الإسرائيلي)، ومن خلال التأثيرات المتوقعة ستحدد دولة الاحتلال حجم الرد على فصائل المقاومة الفلسطينية فكالعادة "دماء الشعب الفلسطيني" هي ميزان الفوز والخسارة في أي انتخابات (إسرائيلية) قادمة على مر التاريخ.
دور السلطة خياني
وبعد أن أدان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عملية القدس الفدائية التي أدت إلى مقتل خمسة (إسرائيليين) وإصابة العديد، وصف البطة دور السلطة بأنه دور "خياني" وضد المشروع الوطني الفلسطيني وجاء إرضاء للحكومة (الإسرائيلية) على حد قوله .
وطالب البطة بإنهاء دور السلطة الفلسطينية على أرض الواقع، كونها تشكل خطرًا على الشعب الفلسطيني وحقوقه.
من جانبه، أكد أبو عامر أن السلطة الفلسطينية لا تريد اندلاع انتفاضة ثالثة في الضفة المحتلة والقدس لما في ذلك من "وصفة سحرية" لإمكانية اندلاعها في الضفة كما حصل في عملية السور الواقي في عام 2002م.
وأوضح أن السلطة تحاول بكل جهودها الأمنية والاستخباراتية بجانب الاحتلال أن تحبط أي عمليات ميدانية داخل الضفة أو القدس المحتلة، مبينًا أن هذه الجهود باتت لا تجدي نفعًا في ظل تنفيذ عمليات فردية.
وعن انعكاس الاحداث الواقعة في الضفة المحتلة والقدس على قطاع غزة، أكد أبو عامر أن ما يحدث هناك له علاقة مباشرة بالانتهاكات (الإسرائيلية) للحرم القدسي الشريف وفرض القيود والحواجز على المصلين ومنع ممارسة الشعائر الدينية، موضحًا أن قطاع غزة سيكون خارج الحسابات بصورة أو أخرى.
وقال: "(الاسرائيليون) وربما الفلسطينيون وصناع القرار يعتقدون أن بإمكاناتهم أن يجنبوا غزة أي هبة شعبية أو انتفاضة متوقعة أو عملية تحدث في الضفة والقدس.
اللقاءات الحميمة "فاشلة"
وعن قمة الأردن قال البطة لــ" الرسالة نت": "قمة الاردن تبين بأن هناك فشل رسمي لعدم ثقة الشعوب العربية بحكامها والرد على الارض هو أبلغ عنوان".
وأضاف البطة: "العجرفة والفوقية الصهيونية والمحاولات المتكررة من قوات الاحتلال لانتهاك الحقوق في القدس دفعت المواطن المقدسي للحراك ما أدى إلى اشتعال الأحداث في القدس".
ووصف القمة بالفاشلة كونها لم تؤثر كثيرا بل بالعكس زادت من وتيرة الاحداث وبالتالي الرد على جرائم الاحتلال سيزداد خاصة أن الاحتلال أعلن حالة الطوارئ في مدينة القدس والأحياء القريبة من المدينة واتخذ اجراءات غير مسبوقة داخلها كإغلاق معظم الاحياء وتعزيز منطقة القدس بآلاف من أفراد الشرطة (الاسرائيلية).
لا توصيات بالقمع
وقال الدكتور عدنان أبو عامر: "لا أحد يمتلك توصيات معينة في هذه المرحلة، القمع (الاسرائيلي) متواصل في الضفة والقدس وهو ما يشكل مرحلة خطيرة من تفجير الأحداث هناك"
وأضاف: "هذه الهبة الشعبية والانتفاضة بالقدس الشريف ربما تكون أكثر جدوى من أن تكون ذات طابع عسكري منظم، موضحًا أن (الاسرائيليين) لو رأوا أن العملية ستأخذ أبعادا عسكرية متواصلة سيكونون جاهزين لاقتحام الضفة الغربية بالكامل واعادة انتشار الجيش (الاسرائيلي).
وأشار أبو عامر إلى أن الاحداث اقتصرت على اغلاق الطرق والمظاهرات والهبات شعبية وهذا ما يحقق مكاسب شعبية فلسطينية ويربك الساحة (الاسرائيلية) والعسكرية لدى الاحتلال. على حد تعبيره.