هون عليه قرص الشمس حين انحدر إلى المغيب ثلاث ساعات مضت وهو يقف شبه عاري في ساحة المركز القريب من المسجد الأقصى. الشرطيات والمجندات تحوقلن حوله يشتمونه فيما علت ضحكاتهن الساخرة في المكان.
هذا حكاية الشاب المقدسي محمد عيد التي تكاد أن تكون الأقصر من بين قصص معاناة مرابطي المسجد الأقصى، بعد ما إلقي القبض عليه من قوة إسرائيلية في داخل باحات المسجد، بدعوى الاشتباه بحيازته للمخدرات.
"الرسالة نت" باتصال هاتفي وقفت على جرح ذاك الشاب المقدسي الذي تسبب له على يد محقق "إسرائيلي".
"اعتقلوني أثناء قضاء حاجتي في دورة المياه العامة في المسجد الأقصى، واعتدوا عليا بالضرب، وأخرجوني عاريا". كلمات افتتح بها محمد الحديث معنا.
قبل أن يخرجوا محمد عاريًا في تلك الساحة وجه له أبشع الإهانات ، من دون أن توجه إليه أي تهمة.
ورغم تلك العنجهية التي يمارسها الاحتلال بحق المرابطين في الأقصى يصدونها بكل ما تحمل كلمة صبر من معنى ، يقول محمد : "الموت الوحيد إلى بمنعنا من الرباط في المسجد، راح نقف بوجه عدونا".
موقف الشاب محمد الذي يعمل في محل صرافة يتعرض له الكثير من المرابطين والمرابطات في المسجد الأقصى. تنتهك حقوقهم وتشوه أجسادهم بعد اعتقالهم على يد أفراد من شرطة الاحتلال.
مؤسسة" الأقصى للوقف والتراث" وثقت في تقريرها الأخير قبل أيام أن عشرات من المرابطين تعرضوا إلى انتهاكات جسدية في معتقلات الاحتلال في مدينة القدس المحتلة، على خلفية وجودهم في المسجد الأقصى.
وأفادت المؤسسة أيضًا في تقريرها أن "الفترة الأخيرة شهدت تصعيداً خطيراً في استعمال القوة المفرطة، بحق النساء والشيوخ والأطفال، بعد عمليات القدس الفردية.
وللنساء أيضًا نصيب من تلك القذارة، حين هاتفت "الرسالة نت" الشابة المهندسة مريم عبد الله، وقصت حكايتها المؤلمة بعدما اعتقلت على يد عناصر الشرطة الإسرائيلية.
تقول مريم: "اعتدوا على جسدي ومزقوا بعض من ملابسي(..)، بقيت محتجزة لأربع ساعات".
واحتجزت الشابة مريم في سجن الجنائيات داخل زنزانة لا تصلح لقضاء الحاجة، فيما نصبت كاميرات المراقبة تصور على مدار الساعة حركة السجينات.
وقبل أن تنتهي محادثتنا الهاتفية مع مريم ، عززت كلام محمد عن صبر المقدسيين في وجه عنفوان الاحتلال حين قالت: "نتنازل عن المرابطة في المسجد الأقصى، في حال قطعت رؤوسنا عن أجسادنا".
اعتداءات الاحتلال الظالمة بحق القدس وأهلها غرست في نفوس المقدسيين حميّةً لن يقضي عليها جبروت الاحتلال, وهي التي لم تبق في نفوسهم فحسب بل ترجمت في عمليات فردية هزّت الكيان المحتل, وأراقت دماء مستوطنيه في أزقة القدس وحواريها, ولن تقف عند هذا الحد على ما يبدو.