ماذا قالت دراسة " شارك " عن المقاومة

سلطان: ننتظر ردا مكتوبا من شارك على ملاحظاتنا

أبو حشيش: أطالب المعنيين برفع دعوى قضائية ضدها

ثابت: لم يرد ذكر وزارتنا في دراسة اعتبرها غير علمية

شارك: هناك تضخيم للقضية ونعتبر النقاش ايجابيا

غزة-محمد بلّور-الرسالة

لم تكن تعلم "سارة بايلي" ولا "درّاغ موراي " أن دراستهما "وضع الشباب في فلسطين فرصة أم خطر محدق" سيثير عاصفة من الانتقادات وتبادل المخاطبات الرسمية بين مؤسسة "شارك" وأطراف سلسلتها طويلة.

هذه الدراسة منشورة على الانترنت ومحفوظة بين دفتي كتاب بشكل أنيق له وجهان الأول عربي والآخر انجليزي .

وللاختصار الكاتبان هما ناشطان في العمل المؤسساتي والحقوقي وقضيا وقتا في غزة والضفة وشاركا في أنشطة تضامنية, وقد أصدرت الدراسة مؤسسة "شارك" الأهلية والمدعومة ماليا من الخارج.

مقاومة أم مرتزقة

وتتصدر نقاط الانتقاد لتلك الدراسة ما ورد عن الشبان المنتمين لتنظيمات مقاومة ذكرتها الدراسة حسب العينة المختارة أو "المجموعة البؤرية" كما هو منصوص في الدراسة.

وزارة الشباب والرياضة كانت أول من تلقّف ذلك الحجر النازل من أعلى لتبدأ سلسلة اتصالات ومخاطبات أهمها ما وجهته لمؤسسة "شارك" نفسها مصدرة الكتاب .

الرسالة طرقت كل الأبواب المعنية للولوج إلى داخل القضية وكشف ملابساتها .

أقوى العبارات الواردة في الدراسة والتي فجرت سيل الانتقادات أن البطالة هي من العوامل التي تسهم في تحفيز الشباب ليصبحوا أعضاء في الجماعات المسلحة. فكما ذكر أحد المشاركين: " أنا أعرف بعض الشبان الذين ذهبوا في الطريق الخطأ (انضموا إلى جماعة مسلحة) للحصول على 100 دولار أمريكي في اليوم فقط، حتى يتمكنوا من دفع ثمن بطاقات الجوال والسجائر أو المخدرات".

يحافظ سعيد سلطان مدير عام الإدارة العامة للشباب في وزارة الشباب والرياضة على هدوئه مقلبا في يده حزمة أوراق يناولها إياها أحدهم وهو يتحدث عن ملاحظات وزارته على الدراسة.

وأضاف للرسالة: "أول ملاحظة ركزنا عليها هي المقاومة فالتقرير يشوه المقاومة والمنتمين لها من الشباب وهناك عبارات وردت في التقرير توجه أصابع الاتهام للشباب الفلسطيني وتصف هدفه بأنه مادي وان المادة هي التي تدفعه للالتحاق بالمقاومة نظرا للظروف وذلك غير حقيقي".

أما الوكيل المساعد في وزارة التربية والتعليم زياد ثابت فقال للرسالة أن الدراسة المنشورة وصفت الشباب الفلسطيني بأن دوره غير واضح وقالت أن المقاومة الشعبية في الانتفاضة الأولى استعيض عنها بالقوى المسلحة في الانتفاضة الثانية وهذا خلط في مفهوم المقاومة المسلحة-كما قال .

وأزاح مسئول المكتب الإعلامي الحكومي د.حسن أبو حشيش أوراقه إلى زاوية مكتبه محتجا على ما ورد في تلك الدراسة ومضيفا: "هذا مغلوط وهدفه قلب الحقائق فشعبنا وشبابه قاوم الاحتلال منذ 100 عام والمقاومة الفلسطينية أقلقت أمريكا والاحتلال لذا تنفق أموالا على مؤسسات مدعومة لتشويه صورة الشباب حين فشلوا في كسر إرادة المقاومة وضرب الشباب المتجه للصحوة لذا أساليبهم فاشلة وقديمة ويسعون لغسل دماغ وتضليل إعلامي زائف يظهر شبابنا على انه تائه ويفرغ شحناته" .

أما مدير مؤسسة "شارك" في قطاع غزة فكشف عن وجهة نظره من تلك الانتقادات عندما أكد أن الباحثين اعتمدوا على دراسات ومجموعات بؤرية والكلام لا يقتصر على غزة بل يشمل الضفة أيضا وهناك إشكالية في الترجمة وهو يفرق ما بين الفصائل والمليشيات ويحترم العمل الوطني والمسلح و التقرير ينتقد الفلتان الأمني خلال السنوات السابقة" .

وقال إن المقصود ليس المقاومين بل مجموعات مسلحة ذات ارتباطات لها مصالح وأبعاد عائلية خلال السنوات السابقة.

ومعلوم أن ظاهرة الفلتان الأمني انحسرت بشكل كبير في السنوات الثلاث الأخيرة وان حصول أي منتم لجماعة مسلحة ما مقابل مبلغ مالي لا يمكن أن يعمم أو يقاس عليه لدى بقية الأجنحة المقاومة فالواقع الفلسطيني للنضال بعيد كل البعد عن ذلك الوصف .

 المنهجية

لكن السؤال: هل صدقت منهجية وعينات البحث والاستعانة بأقوال مجموعات بؤرية والأخذ بشهادتها لعكس الصورة الحقيقية عن الواقع الفلسطيني المثقل بأطنان من الهموم أم أن أسهما ما انطلقت من كنانتها لتصيب المقاوم الموصوف في كثير من دول الغرب بالإرهابي .

سعيد سلطان مدير عام الإدارة العامة للشباب في وزارة الشباب والرياضة تابع للرسالة: "أشعر أن المنهجية اعتمدت رأي شخص وعممتها على المجموع وتلك مخالفة إن وقعت واضحة فهناك الكثير ممن يخالفون من ورد رأيه وأتوقع أن المجموعات البؤرية لها ميول سياسية محددة ولو اخذ الكاتبان آراء آخرين لكان الأمر معكوسا" .

وطرح مسئول الإعلام الحكومي د.أبو حشيش سؤالا استنكاريا هل كل من يقاوم كذلك؟! مضيفا:"هنا يحضرني قول جولدا مائير رئيسة وزراء الاحتلال سابقا حين قالت: الكبار سيموتون والصغار سينسون وما يقال مسائل خطيرة لا يتحدث عنها هكذا أي فلسطيني وإلا فإن الأمر صراع أفكار" .

وفي معرض رده عن سؤال طرحته الرسالة يقول: إن كان الأمر خطرا هكذا فلماذا سمحتم بانتشار الكتاب ولم تصعّدوا تجاه من أصدره؟, أجاب :"الهوامش السياسية بغزة كبيرة ولو كتب في ظل حكومة أخرى لتعرض للمساءلة القانونية ولأدوات ردع وأطالب هنا الأحزاب والمقاومة والوزارات متابعة الدراسة وتحمل المسئولية" .

أما مهيب شعث مدير مؤسسة "شارك" فأكد أن هناك اختلافا في منهجيات البحث بشكل عام وأن نقصا في المعلومات كان واضحا في الدراسة أشير إليه حيث اعتمد في كثير من الزوايا على خطط وأمور واردة من رام الله وقد كان من الممكن الوصول لشيء أعمق فيما لو توفر مزيد من المعلومات.

 المعلم المساند والمحسوبية

وأصابت الدراسة ذلك "المساند" الكاتب على السبورة أو المتحرك الجديد بين طابور الطلاب والذي حضر بعد أن فضل سابقوه احتساء القهوة بعد العاشرة صباحا!.

وقد وصفت الدراسة المعلم المساند بأنه عديم الخبرة وأن معظم المساندين من حماس وقد ورد في الدراسة الآتي:

" وتم استبدال هؤلاء المعلمين بالضرورة من خلال تعيين آخرين عديمي الخبرة: " المعلمون ليسوا جيدين بما فيه الكفاية، وهذا أمر مؤسف. المعلمون الحاليون ليس لديهم خبرة". وقد أعرب الطلبة المشاركون في المجموعات البؤرية عن شعورهم بالإحباط إزاء هذا الوضع، مع إشارة خاصة إلى التأثير على استعدادهم للتوجيهية. " المعلمون الأصليون الذين لديهم خبرة بقوا في منازلهم والمعلمون الجدد من حماس حضروا، وهؤلاء ليس لديهم تجربة مع المناهج"

يشبك الوكيل المساعد زياد ثابت يديه على سطح مكتبه للإدلاء برأيه حول ما يتابعه جيدا وقال: "غالبية الإحصاءات مستقاة من وزارة تعليم رام الله ووصفهم التعليم في شقي الوطن باعتماده على التلقين والاستظهار غير صحيح فلدينا طرق وأنشطة مختلفة تركز على الجوانب القيادية والتفكير الناقد والتحليلي وبعد الاستنكاف استعنا بمعلمين مساندين ومن أول شهر خضعوا لدورات 14 يوما بواقع 60 ساعة ودربوا على التربية العامة والمحتوى والأساليب كما جرى اختبار تحريري ومقابلات وبإمكان كل معلم معرفة علامته في الامتحان فلا يوجد واسطة وكان هناك مقياس للدرجات هو 50 درجة للمساندين وتقييمهم" .

أما سعيد سلطان مدير عام الإدارة العامة للشباب فأكد أن اتهام الحكومة بنشر دراسة تقول أن المعلمين المساندين كلهم حماس ملاحظة غير حقيقة وان الديوان دحض اتهام المحسوبية بسياسته الواضحة والمعتدلة .

وفي معرض رده على ما أثير في قضية المعلم المساند والمحسوبية جدد شعث موقفه المشير لنقص المعلومات الواردة من وزارة التعليم في غزة .

وهنا لماذا تطرقت الدراسة إلى سلبية المعلم المساند التي لن تنعدم بالكلية ولم تتطرق إلى ايجابيته غالبا التي أنقذت جيلا كاملا بشكل حرصت وزارة التعليم على تنظيمه وإن كان هناك نقص في المعلومات فهل هي مسئولية الوزارة بغزة التي لم تقدم معلومات للكاتبين أم أنهما سارا باتجاه آخر .

التدخل في أنشطة الشباب

وتحت هذا العنوان لا أدرى لماذا يرتدي القادمون من الخارج "نظارات سوداء" فيرون غزة قاتمة وأحيانا يغضون الطرف عن آلامها , غزة التي أوجعت العالم لماذا تتقاسمها كاميرات الصحفيين والوفود الشقراء فتصفها كل حسب رؤيته دون التركيز على وجعها ومن طعنها .

وهذه نقطة الخلاف كما نشرت :" . أما في قطاع غزة، فيبدو أن هناك زيادة للتدخل الحكومي في الأنشطة الشبابية. وبالإضافة إلى ذلك، ما يزال الذكور الأكبر سنًا في مقعد القيادة في العديد من الجمعيات الشبابية، بدلاً من الشبان والشابات" .

التدخل في أنشطة الشباب أثار نقطة خلاف في الدراسة المنشورة فوزارة الشباب والرياضة الأقرب للمسألة احتجت على القضية على لسان المدير أبو سلطان بالقول:"تحدثوا عن معنى سلبي مع أننا ساهمنا في إيجاد مؤسسات شبابية ونمنح حرية للجميع بما لا يتعارض مع القيم والأخلاق" .

واحتج الوكيل المساعد في وزارة التعليم زياد ثابت على اتهام الدراسة لحكومة غزة بالتدخل الزائد واصفا الأمر بغير الصحيح مضيفا: "لماذا ننسى آلاف الشباب العاملين في أنشطة الصيف والنوادي فمدارسنا مفتوحة لكل الأنشطة صيفا وهناك شراكة مع وكالة الغوث وكثير من المؤسسات" .

أما د.حسن أبو حشيش فيفسر هذا الوصف بأنه حالة تركيز لتشويه غزة مضيفا:"غزة اليوم تتجاذبها مئات الكاميرات الدولية وفي الضفة لا يوجد هذا الكم الهائل وهناك قضايا كبيرة في الضفة كالاستيطان والقدس والجدار والتهويد ومع ذلك لا يركزون عليها كثيرا".

وأشار أن من يقول ذلك هو من يريد أن يفعل كل شيء ولا يقول له أحد لا وهو ذاته من قد يقوم بما هو خارج القيم ويحاول غسيل دماغ الشباب لإبعادهم عن المقاومة.

وتساءل "لماذا تسمح غزة بأنشطة كثير من الاتجاهات وترفض حكومة الضفة كل الكتل والأطر من العمل ما أقصده أننا نسمح بعمل الكل ضمن القيم ".

أما مهيب شعث مدير مؤسسة شارك فبرر ما ورد في الدراسة بأن تلك الدراسة أجريت بعد الحرب في فترة شهدت زيادة تدخل للحكومة في غزة .

 صراع أم نزاع

وقد ورد في الدراسة الآتي: الصراع المستمر بين الفصائل الفلسطينية، وما ترتب على ذلك من انخفاض الثقة في السياسة الحزبية والأطر الحكومية، فإنه يجب الارتقاء على وجه السرعة بفرص مشاركة الشباب في الحياة المدنية " وهو هنا شبه ما يحدث بين الفصائل بالصراع فيما وردت فقرة ثانية تقول:" فكما أوضح مقرر الأمم المتحدة الخاص بالحق في التعليم في عام 2005  : "تمثل الاحتلالات العسكرية عقبة ملموسة أخرى أمام الحق في التعليم، والمثال الأكثر فظاعة يتمثل في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني".

والانتقاد هنا كان من وزارة الشباب والرياضة التي رفضت تشبيه الخلاف الداخلي بالصراع فيما يصفه الاحتلال نفسه بالنزاع .

وأكد أبو حشيش أن التركيز على مشاكل غزة يشير وكأنه لا توجد مشكلة في العالم خارجها وكأن المطلوب تتبع العورات وتكبيرها مضيفا: "الخلاف في كل مكان فماذا أسمي خلاف فتح في لبنان وتونس؟ وماذا اسمي خلاف القدومي مع عباس؟ المشكلة أن هناك برنامجين مختلفين الأول مقاوم والثاني يؤمن بالتطبيع والمفاوضات" .

أما مهيب شعث مدير مؤسسة شارك فبرر ذلك بالقول: "هناك اختلاف في المصطلحات عند الترجمة فكلمة نزاع تشير لشيء خارجي أما كلمة صراع فتشير لشيء داخلي" .

وحول تعامل الدراسة مع النشطاء السياسيين وما ترتب بعدها من قتل بعضهم أو اعتقالهم ذكرت الدراسة الآتي:"، فكلا الحكومتين في غزة ورام الله تتعرضان لانتقادات متزايدة من قبل جماعات حقوق الإنسان الوطنية والدولية بسبب ملاحقتهما للمعارضة السياسية."

وقال سعيد سلطان مدير عام الإدارة والشباب إن حكومته بغزة تسمح لنشطاء سياسيين بالتنقل بين غزة والضفة بعكس الضفة .

وانتقد سلطان ما ورد حول ملابسات استشهاد نشطاء القسام على يد الأجهزة الأمنية حيث قامت بتحذيرهم وطالبتهم بتسليم أنفسهم خلافا لأحداث رفح التي قتلت فيها أجهزة الشرطة صغارا دون سابق إنذار-كما ورد في الدراسة وعلى حد قول سلطان، وأضاف: "أرى هنا عكسا للواقع تماما".

ورد مهيب شعث مدير مؤسسة شارك على هذه المسألة بالقول إن مسألة سقوط ضحايا في الضفة من القسام أو رفح أخذت من تقرير لمركز الميزان وأن الرأي استند لشخص حقوقي .

موقف محدد

ورداً على سؤال عن موقفه المحدد قال سعيد أبو سلطان: "خاطبنا شارك برسالة احتجاج وجاء رد من مركزهم برام الله بشكل عمومي ورفضنا تبريرهم ثم وضعنا ملاحظاتنا ورفعنا كتابا آخر ونحن الآن بانتظار رد مكتوب منهم" .

أما الوكيل المساعد في وزارة التربية والتعليم زياد ثابت فكشف عن موقفه بالقول:"موقفنا هو أننا غير راضين عما ورد وقد نشرت أشياء بعيدا عن أسس علمية ومراجع ولم يعودوا لنا كوزارة تعليم" .

بدوره جدد د. حسن أبو حشيش موقفه وقال: "أطالب الوزارات المختصة والهيئات ذات العلاقة باتخاذ إجراء قانوني لحمايتنا من الإرهاب الفكري من قبل مؤسسات مدعومة من الخارج وأطالب ذوي الشهداء خاصة المقاومين برفع دعاوى في المحاكم وتعرية هذه الدراسة المشوهة وأدعو مؤسسات المجتمع الأهلي لتحديد موقفها من مؤسسات تعودت تشويه الشعب والتساوق مع الاحتلال" .

لكن مدير مؤسسة "شارك" مهيب شعث قلل من جميع الآراء السابقة واصفا ما حدث بأنه تضخيم مضيفا:"رغم ذلك هذا ايجابي لأنه اثار النقاش وفتح مقدمة للاهتمام بشكل اكبر" .

وأخيرا متأكد أنكم فلسطينيين بكل المحتوى فكيف تفسرون ما ورد في دراسة مؤسسة شارك وما هو المطلوب تجاه المخطئ والمصيب؟! .

 

 

 

البث المباشر