أن تكون من أقرباء أحد المتنفذين في السلطة الفلسطينية فهذا كاف كي تنعم بامتيازات دبلوماسية، تجعلك فوق المساءلة والإجراءات القانونية؛ وتصبح من حملة جوازات السفر الدبلوماسية وتتنقل بحرية بين جميع الهيئات أو المؤسسات المسئول عنها سيادة أو معالي القريب!
في كل الدول العربية دونما استثناء أقارب المسئولين يتمتعون بهذه المزايا وفي هوياتهم الشخصية تعنون خانة المهنة بــ"ابن الرئيس"، أو زوجة ابنه أو زوجته، وهذا ما ينسحب على أقارب رئيس السلطة محمود عباس، والمسئولين البارزين في السلطة الفلسطينية.
وليس بعيدًا عن القضية التي فجرت الخلاف بين عزام الأحمد القيادي بفتح ورامي الحمد الله رئيس وزراء حكومة التوافق، حول تعيين الأول لإحدى قريباته وزيرة، الأمر الذي أثار جدلًا بينهما، فهي عبّرت -برأي مراقبين_ عن حالة الاستغلال للسلطة والمنصب من جانب المسئولين وأقاربهم.
فما جرى ليس أمرًا مستغربًا في حالة السلطة الفلسطينية، التي دأب مسؤولوها منذ التأسيس على استغلال نفوذهم ومناصبهم لصالحهم وعائلاتهم، بحسب الحقوقي فهمي شبانة الضابط السابق في جهاز مخابرات السلطة.
فأعتى الدرجات العلمية التي يحصل عليها البعض لا تمكنه من التمتع بأدنى درجات الدبلوماسية التي يتمتع بها حفيد الرئيس الذي لم يتجاوز من عمره حتى العامين، بحسب شبانة.
ما راج عبر وسائل إعلام التواصل الجديد من صور لهويات أقارب الرئيس وشخصيات في السلطة تحمل فيها وظائفهم درجة "نجل الرئيس"، وغيرها من صفات القرابة، هو أمر قديم وحصل حتى في عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات، يقول شبانة.
وأوضح أن المزايا التي يتمتع بها أبناء المسئولين لا سيما ممن يحملون درجات vip ، تكمن في تسهيل عملية السفر دونما حجز مسبق أو عرض للتفتيش، والحجز في أعلى الدرجات سواء في خدمات الطائرة أو الخدمات الفندقية.
وأضاف أن المزايا الاقتصادية والمعيشية والتجارية كلها تسهل لهؤلاء، ويمكنهم تجاوز كل العقبات القانونية التي يتعرضون لها، إضافة الى السلب والنهب والتسلط على أموال واراضي الدولة تحت بند القرابة، وتجيير القانون عبر الضغط على الموظفين المعنيين، طبقًا لشبانة.
وفي الوقت الذي حرم فيه ممثلون عن فصائل وقوى فلسطينية وشخصيات مستقلة ذات وزن في الساحة الفلسطينية من حضور مؤتمر الإعمار الذي عقد في القاهرة، كان الحظ حليف حفيد الرئيس الذي راجت صوره "عاريًا" عبر وسائل الاعلام الجديد.
حال عائلة الرئيس ليس بعيدًا عن حاشيته وأقاربهم، فمحمود الهباش قاضي قضاة فلسطين، حمل بعض أقاربه درجة دبلوماسي مع أنهم لم ينخرطوا في العمل بهذا السلك يومًا.
وبرأي الدكتور محمود العجرمي مساعد وزير الخارجية السابق، فإن السلك الدبلوماسي الفلسطيني حمّل كثيرًا من البشر ممن هم ليسوا أهلًا فيه، فقط لأنهم أقارب من الدرجة الأولى للمسئولين في السلطة.
فيما رصد من وثائق خلال السنوات السابقة، فإن العشرات ممن أكملوا تعليمهم وحظوا بفرص تعليم بجامعات عليا، وآخرين تجولوا في عواصم أوروبية وغربية تحت مسمى درجة دبلوماسي، كان بفضل ارتباطهم بالمسئولين، بحسب العجرمي.
وقد احتوت مكتبة وزارة الخارجية على مئات الوثائق من التجاوزات الخطيرة للمسئولين والدبلوماسيين في وزارة الخارجية السابقة، غير أن هذا الأرشيف دمر بالكامل في عدوان 2008م.
وطبقًا للعجرمي، فإن السلك الدبلوماسي لم يخلُ من توظيف للتجارة والأموال، حتى أن بعض السفراء أصبح سفيرًا بمرتبة تاجر، بالتعاون مع مسئولين وأبنائهم في الأراضي المحتلة.
مواقع وصفحات إخبارية عديدة سربت أنباء عن تورط أخلاقي لبعض أقارب المسئولين من بينهم حفيد عباس في الأمارات، وكذلك نجل محمد دحلان القيادي المفصول من حركة فتح في دبي.
حالة البذخ والترف التي يعيش فيها مسئولو السلطة، يعود جذورها إلى بداية تأسيسها، بحسب اللواء مصباح صقر مؤسس جهاز الأمن الوقائي.
ويقول صقر "يكفي أن يشتكي مسؤول من أسنانه كي يذهب إلى دولة غربية بغرض العلاج!، مع أن دائرة العلاج بالخارج تعج بالآلاف من ذوي الأمراض المزمنة ولم يجدوا طريقهم للعلاج خارج مشافي القطاع".
وأشار إلى أن هذه التجاوزات كانت تتم تحت نظر أعلى المستويات، ما تسبب بترسيخ حالة الفساد في الضفة المحتلة.
"الرسالة" تواصلت مع مؤسسات حقوقية بعضها فضّل عدم الحديث عن الأمر، لكن مركز أمان للمسائلة القانونية قال انه بانتظار الانتهاء من اعداد تقرير عن التجاوزات التي تتم من بعض المسئولين في السلطة الفلسطينية.