يبزغ فجر العام السابع والعشرين على ميلاد حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ليحكي اليوم أبرز وأقوى حملات ضد الحركة على صعيد التآمر ومحاولات الاجتثاث.
محاولات الإقصاء لم تعد جديدة العهد على حركة حماس؛ فقد تعرضت تلك الحركة على مدار عمرها لحملات شرسة لم يكن لها لتنجح لولا الالتفاف الجماهيري والشعبي حولها، والحاضنة الشعبية التي تتمتع بها.
الذكرى السابعة والعشرون لانطلاقة الحركة، التي تصادف الـ14 من ديسمبر/ كانون أول، تحل هذه الأيام، في ظل تعتيم غير مسبوق على حقيقة الحملة التي تتعرض لها الحركة من تآمر صهيوني أمريكي عربي.
آخر ما برز جلياً في هذا التآمر، تصريح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، بالقول إن "دولا عربية مستعدة لصنع السلام مع إسرائيل بهدف التحالف معها ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وتنظيم الدولة الإسلامية"، في محاولة لتشبيه حماس بالتنظيم السابق ذكره في ظل الحرب الدولية عليه، في محاولة لتشكيل رأي عام عالمي ضد الحركة.
يستعرض في هذا التقرير أبرز مراحل التآمر التي مرت بها الحركة منذ فوزها بالانتخابات عام 2006 وحتى اليوم:
الانتخابات التشريعية الفلسطينية
قررت حركة حماس في العام 2005 المشاركة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية 2006، ودخلت الانتخابات بقائمة كتلة التغيير والإصلاح، وتم الإعلان عن نتائج الانتخابات التي تمخضت عن فوز كبير لحركة حماس في المجلس التشريعي بواقع 76 مقعدًا من أصل 132 ، مما أعطى حماس أغلبية في المجلس، وهذا يدل على شعبيتها الكبيرة في فلسطين.
حاولت حماس إقناع الفصائل السياسية الأخرى وخاصة حركة فتح بمشاركتها في حكومة ائتلاف وطني، لكنها رفضت، بدعوى عدم الاتفاق على البرنامج السياسي للحكومة، فأقدمت حماس على تشكيل حكومة بمفردها، الأمر الذي لم يرق لـ"المجتمع الدولي" وأمريكا و"إسرائيل" فدعت السلطة الفلسطينية وضغطت من أجل إسقاط حماس وإعادة سيطرة السلطة الفلسطينية ورئيس السلطة محمود عباس على الحكومة، ومن هنا بدأت فصول المؤامرة.
وإثر ذلك فرضت "إسرائيل" والولايات المتحدة، وحلفاءها حصارًا على الحكومة، في محاولة لإفشالها.
كما خاضت حماس صراعا كبيرا مع حركة فتح عقب تشكيلها الحكومة، تحول إلى اشتباكات مسلحة في قطاع غزة، انتهت بسيطرة حماس على قطاع غزة في يونيو 2007.
ومنذ ذلك الوقت، يسود الانقسام أراضي السلطة الفلسطينية، حيث كانت تحكم حماس قطاع غزة، فيما تحكم حركة فتح الضفة الغربية، ولم تنجح كافة الجهود العربية لرأب الصدع فيما بين الحركتين، على الرغم من توقيع اتفاق المصالحة الصيف الماضي في مدينة غزة وما عرف باتفاق الشاطئ.
الحصار
بدأ الحصار على غزة منذ فوز الحركة بالانتخابات واشتد بعد سيطرتها على القطاع عام 2007 وما يزال مستمرا حتى الآن براً وبحراً وجواً، من جانب الكيان الصهيوني الذي أغلق جميع المنافذ، ثم من جانب مصر.
تواطأ الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك على خنق حركة حماس عبر الإغلاق المستمر لمعبر رفح والشروع بإنشاء جدار فولاذي بين غزة ومصر وهدم الأنفاق الحدودية التي أنشئت اضطراريا لحاجة السكان للدوام والغذاء، وهو الأمر الذي أنهاه تمامًا الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي.
حرب الفرقان
العدوان على غزة الذي أطلقت عليه المقاومة الفلسطينية معركة الفرقان من يوم 27 ديسمبر 2008 إلى 18 يناير 2009، خاضت حركة حماس خلاله معركة فرضت عليها، أكدت فيها أنها متماسكة وقادرة على الرد وتبني العملية السياسية بجانب تمسكها بالسلاح.
حجارة السجيل
التصعيد على غزة 2012 كان عملية لجيش الاحتلال في قطاع غزة ، أطلق عليها "عامود السحاب". بدأت رسميا في 14 نوفمبر 2012 باغتيال أحمد الجعبري أحد أبرز قادة حركة حماس في قطاع غزة ونائب القائد العام القسام وردت عليها الفصائل الفلسطينية بعملية حجارة السجيل.
أصبحت حركة حماس خلالها تناور على جميع الساحات دون تقديم أي تنازلات، وبعد الحرب، قلبت حماس المعادلات وكسرت جزءا من الحصار السياسي عليها بمزيد من الدعم وحشد التأييد لها، ويذكر أن العدوان انتهى على غزة بعد ضغوطات مارستها مصر والتي كان يرأسها في ذلك الوقت الرئيس محمد مرسي، وفي تطور لافت، أقدمت حماس على قصف مدينتي "تل أبيب" والقدس المحتلة.
معركة العصف المأكول
الحرب على غزة 2014 بدأت فعلياً يوم 8 يوليو 2014 والتي أطلق عليها جيش الاحتلال عملية "الجرف الصامد" وردت كتائب عز الدين القسام بمعركة العصف المأكول بعد موجة عنف تفجرت مع خطف وتعذيب وحرق الطفل محمد أبو خضير من شعفاط على أيدي مجموعة مستوطنين في 2 يوليو 2014، وإعادة اعتقال العشرات من محرري صفقة شاليط، وأعقبها احتجاجات واسعة في القدس والأراضي المحتلة والضفة الغربية، واشتدت وتيرتها بعد أن دهس صهيوني اثنين من العمال الفلسطينيين قرب حيفا.
لوحظ في المعركة تطور أداء المقاومة وخاصة كتائب القسام؛ إذ أعلنت وبثت عدة عمليات أبرزها اقتحام عناصر "كوماندوز بحري" قاعدة زيكيم العسكرية القريبة من عسقلان والاشتباك مع جنود الاحتلال، وتفجيرها نفقا أسفل موقع كرم أبو سالم شرق مدينة رفح جنوب قطاع غزة، والتمكن من قصف مطار "بن غوريون" في تل أبيب، وكل ذلك نتج عنه عشرات القتلى والجرحى.
الاعتقالات والإبعاد
تعرضت الحركة خلال المحطات التي مرت بها منذ تاريخها وحتى الآن إلى اعتقالات شرسة ثنائية من قبل الاحتلال وأجهزة أمن السلطة، إذ اعتقل رئيس المجلس التشريعي وعشرات النواب الذين لا يزالون معتقلين في سجون الاحتلال، كما تقوم السلطة بسياسة الباب الدوار بإعادة اعتقال أبناء وكوادر الحركة واستدعائهم وتمنع نشاطات الحركة وتحاربها في الضفة الغربية، فيما يتعرض أسراها المحررون إلى الإبعاد عن مدنهم إلى قطاع غزة أو إلى بلدان خارجية.
العلاقات الدولية
تصل قطيعة حركة "حماس"، التي كانت تدير القطاع قبل أشهر، مع الجوار الإقليمي إلى وضع متدهور خاصة مع مصر بعد تقلد عبد الفتاح السيسي للرئاسة، رغم الإعلان المستمر للحركة عن بوادر حسن نية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.
وفي الوقت الذي تمتاز حماس بعلاقة متينة مع قطر، تواجه الحركة عداءً غير مُعلن من بعض الدول الخليجية فضلاً عن مصر التي تصنف جميعها جماعة الإخوان المسلمين، التي تنحدر حماس تحتها، "جماعة إرهابية".