عاد الحديث مرة أخرى حول الأسرى والصفقة، وبات البعض يقدم معلومات مجانية بشكل واضح للعدو، الذي يحاول بكل الطرق والوسائل التوصل إلى أي معلومة حول جنوده المفقودين، وعلى سبيل المثال وليس الحصر، يخرج محمد نزال على فضائية القدس أول أمس الثلاثاء ليؤكد أن لدى حركته أسرى إسرائيليون، هذه العبارة تؤكد أن جنود الاحتلال أحياء لدى المقاومة، معلومة تقدم بشكل مجاني هدية بلا مقابل للاحتلال، ثم يخرج آخرون ويتحدثون عن صفقة وفاء أحرار جديدة، وهذا تأكيد بشكل مباشر أيضا أن لدى المقاومة جنود أحياء، لأنه كما هو معروف أن ثمن الجندي الحي أو الجنود الأحياء سيكون كبيرا على عكس لو كان لدى المقاومة جثث لجنود.
هذا السيل من المعلومات والأحاديث التي تصدر عن ألسنة القادة السياسيين في حركة حماس أرى أنها ضارة وغير مفيدة، وهي عبارة عن معلومات مجانية تقدم للعدو يبني عليها تصوراته المستقبلية وكيفية التعامل مع حماس والقسام، فيما لو تم فتح الملف والنقاش فيه في المستقبل، وأن مثل هذه المعلومات يجب ألا تقدم هكذا للاستعراض الكلامي؛ لأن كل كلمة تصدر محسوبة وتفحص، وعليه أتمنى أن يكف قادة حماس في أي مستوى سياسي أو إعلامي عن الحديث بشكل واضح عما يتعلق بالأسرى وصفقة التبادل، وأن يخرج الأمر من النطاق السياسي إلى النطاق العسكري لأن القضية بامتياز هي في يد كتائب القسام ويجب أن تكون كذلك ولكن بعد رسم المحددات والشروط والمطالب وغيرها، عبر قرارات القيادة السياسية والعسكرية، ومن ثم تحميل الملف إلى القيادة العسكري للسير به وتحدد آليات الحديث فيه، ومتى يكون، وفي أي لحظة يتم الكشف عن المعلومات، وما هي الأثمان التي يجب أن يدفعها العدو قبل الحصول على المعلومات التي يريد وكيفية تقديم هذه المعلومات.
لدينا تجربة فريدة كانت مدرسة في التفاوض وكانت نتائجها مشرفة رغم خيانة العدو وهذا ديدنه، ولكن هذه التجربة تسجل في تاريخ التفاوض البشري العالمي وكيف أخضعت (إسرائيل) لشروط المقاومة، وكيف ألغت قوانين كانت ترى أنها لن تؤدي إلى الإفراج عن رجال بعينهم كقانون "أيديهم ملطخة بالدماء"، هذه التجربة علينا إعادة دراستها من جديد ومعرفة السلبيات التي رافقتها وكيف يمكن تجاوزها في أي تفاوض جديد مع (إسرائيل) والعمل على استخلاص العبر وعلى سبيل المثال، كيف يمكن لنا أن نقصر الفترة الزمنية التي جرت فيها عملية التفاوض والتي استمرت زهاء ستة سنوات؟ وهي فترة طويلة وطويلة جدا ربما صلحت في المرحلة السابقة ونرى أنها لا تصلح للمرحلة الحالية.
الأمر متروك للقيادة التي ستتولى في المرحلة القادمة عملية التفاوض مع العدو فهي ذات خبرة عالية وقدرة وحنكة تؤهلها لحمل الملف بجدارة واقتدار، وهذا يتطلب التالي:
1- توقف السياسيين في حركة حماس عن الحديث عن كل متعلقات الموضوع وعدم تقديم أي معلومات حقيقة أو تحليلية عبر وسائل الإعلام.
2- أن يحول الملف برمته إلى كتائب القسام سواء في التفاوض أو في الحديث لوسائل الإعلام.
3- التأكيد للأخوة الأسرى بالطرق المناسبة أن يربطوا على قلوبهم وأن يثقوا بقيادتهم ومقاومتهم وأن هناك ما يمكن أن يقال في الوقت المناسب والمكان المناسب.
4- توجيه رسالة للعدو الصهيوني تفيد أن لدى حماس ما يقال وأن أي معلومات لن تعطى بشكل مجاني وكل معلومة لها ثمن.