طفت مشاكل اقتصادية عدة خلال الشهور الأخيرة في (اسرائيل)، أهمها ارتفاع نسبة الفقر ومعدلات التضخم، وكذلك الانخفاض الذي طال الشيكل للمرة الأولى منذ قرابة ست سنوات، فضلًا عن الخسائر الباهظة التي مُنيت بها دولة الاحتلال في العدوان الأخير على غزة.
فبعد تراجع ورقة غزة بسبب الفشل الذريع الذي خرج به نتنياهو من حربه في يوليو الماضي، يسعى المرشحون للانتخابات (الاسرائيلية) المقبلة للعب بالورقة الاقتصادية، حيث يعتبر متخصصون، الملف الاقتصادي الأسخن عند الاحتلال.
ومن المنتظر أن تهيمن تكلفة المعيشة المرتفعة في دولة الكيان على انتخابات 17 مارس/ آذار التي يمكن أن تهز ائتلاف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
الاقتصاد هو الأسخن
الدكتور نافذ أبو بكر المحاضر في كلية الاقتصاد بجامعة النجاح، أكد أن الاحتلال يشهد تدهورًا اقتصاديًا غير مسبوق، ما أدى لإشعال الملف الاقتصادي واللعب على حبل وعود تحسين الظروف المعيشية للإسرائيليين.
وذكر أبو بكر في حديث لـ "الرسالة نت" وجود ثلاثة أسباب لتراجع اقتصاد الاحتلال، هي تراجع الصادرات مع تباطؤ النمو العالمي، والعدوان على غزة، والاضطرابات السياسية التي تعيشها (اسرائيل).
وقال: "هناك أصوات طالبت بالتركيز على أوضاع الناس بدلا من التركيز على العتاد والسلاح، حيث يعيش الاسرائيليون أسوأ أوضاع اقتصادية، من ارتفاع في مؤشرات البطالة والفقر".
وأضاف أبو بكر: "نتنياهو بدأ دعايته الانتخابية بطريقة غير مباشرة قبل يومين برفعه الحد الأدنى للأجور من 4500 شيقل إلى 5000 شيقل".
ولفت إلى أن أساس المشاكل الاقتصادية التي أدت لتفكيك حكومة نتنياهو، حيث ألقى الأخير اللائمة على وزير المالية لابيد، وهو ما يؤكد أن الملف الاقتصادي هو الأهم في الانتخابات المقبلة.
وسرد أبو بكر قصة شهرة الضابط السابق بالمخابرات ناور ناركيس (25 عاما) فجأة على المستوى الوطني، حين نشر صورة على موقع "فيسبوك" تظهر حلوى شوكولاتة في برلين تباع مقابل ثلث سعر حلوى بودنج مشابهة في (اسرائيل).
وعلّق ناركيس على الصورة وقتها: "أعتقد أن لدينا فرصة للتخلص من قادتنا الفاشلين، لدينا فرصة لتغيير الاتجاه الذي تمضي فيه اسرائيل".
ويتفق المحلل الاقتصادي أمين أبو عيشة مع سابقه في أن الورقة الاقتصادية هي الرابحة دائمًا، مشيرًا إلى أن اسرائيل "دولة اقتصاد اللااقتصاد".
وقال أبو عيشة لـ "الرسالة نت: "متوسط ما يحصل عليه الاسرائيلي سنويا من عائدات التسلح حوالي 36 ألف دولار وهو دخل الفرد بإسرائيل، مقارنة مع 7 آلاف دولار مع الفرد في غزة، وهذا ما يؤكد على عظم اقتصاد الاحتلال".
وتجدر الاشارة إلى أن تكلفة المعيشة كانت على قمة جدول الأعمال السياسي الداخلي منذ 2011 حين خرج مئات الألوف من (الاسرائيليين) إلى الشوارع في احتجاجات أثارها ارتفاع سعر الجبن، الذي يعد هناك سلعة شعبية.
وأضاف أبو عيشة: "المنظومة الاقتصادية في دولة الاحتلال الأهم دوما، لكن زادت حدتها خلال الفترة الحالية بسبب بعض التراجعات في الناتج المحلي والصادرات".
خسائر الانتخابات كبيرة
وتظهر الاستطلاعات الحالية أن الناخبين يتحولون إلى حزب وسطي جديد بزعامة موشي كحلون، وهو واحد من سياسيين قلائل لهم سمعة كإصلاحيين اقتصاديين ناجحين.
وتشبث نتنياهو بالسلطة في الانتخابات الماضية رغم حملة قال منتقدون إنها ركزت أكثر مما ينبغي على فكرته المألوفة الخاصة بالأمن القومي دون أن تهتم بدرجة كافية بالقضايا الاقتصادية.
وكشفت دراسة حكومية في يونيو/ حزيران الماضي أن أربعة من كل عشرة (اسرائيليين) عاجزين عن تدبير أمور حياتهم وأن 47% غير راضين عن وضعهم الاقتصادي.
وذكر بنك (اسرائيل) أن سعر سلة من المنتجات الأساسية أغلى في دولة الكيان بالمقارنة مع المتوسط في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية العام الماضي، في حين أن المرتبات الاجمالية أقل بعشرة آلاف دولار.
وفي سياق متصل، قدّرت مصادر اقتصادية (إسرائيلية) التكلفة المباشرة للانتخابات المبكرة، وذلك بالقياس مع تكلفة العملية الانتخابية السابقة بـ 450 مليون شيكل نصفها على شكل ميزانية دعم الأحزاب، والنصف الآخر خدمات تشغيلية مختلفة مثل تشغيل صناديق الاقتراع ورواتب لجان الانتخابات وبدل يوم العطلة مدفوعة الأجر التي يتلقاها العمال والموظفين.
وأشار الإعلام العبري الذي سلط الضوء على تلك التكلفة، إلى أن هناك تكلفة غير مباشرة للانتخابات ويتمثل في حجم الناتج القومي الذي سيخسره الاقتصاد (الإسرائيلي) جراء تعطيل الاقتصاد يوم الانتخابات ويقدر الخبراء هذه الخسارة ما بين (1- 1.5) مليار شيكل.