قائد الطوفان قائد الطوفان

ميناء غزة الملونة تبث السعادة في وجوه الزائرين

ميناء غزة الملونة
ميناء غزة الملونة

غزة-حمزة أبو الطرابيش

حين تدخل من بوابة ميناء غزة، ستسرق نظرك على بعد عشرات الأمتار تلك الألواح الإسمنتية الملونة المتراصة، الموضوعة في الجهة الثانية من هذا المتنفس الوحيد في القطاع المحاصر.

تلك الألواح الإسمنتية الكبيرة والصغيرة منها التي تحيط بميناء غزة المتواضع، لونها قرابة 25 فنان تشكيلي برسومات، وألوان جذابة، تدلّ على حبّ البقاء والصمود كالذي يتغنى به الشعب الفلسطيني. 

على الجسر الحديدي الذي يغطى وجهه بالإسمنت والذي يدخل في المياه لأمتار قليلة، جلست السيدة نجاح الشيخ وزوجها المسن، يحتسيان الشاي ويراقبان انحدار قرص الشمس، ويتأملان تلك الألوان والرسومات التي انعكست على وجه المياه الراكدة.

تقول السيدة نجاح التي تعمل مُدرسة، القاطنة على الأطراف الجنوبية من المدينة: "في السابق كنت وزوجي نأتي إلى هنا بشكل متقطع، أما الآن بعد هذه اللوحة التي رسمها الفنانون، جعلتنا نأتي يوميًا لنستمتع بوقت الغروب وهذه الرسومات".

زوج المُدرسة نجاح يعاني من تأزم في صحته، لذلك تأتي به إلى الميناء المتنفس الوحيد أمام الغزيين. وتكمل بعد ما انتهت احتساء الشاي: "حين نزور الميناء، أشعر أن زوجي تتحسن حالته نوعا ما".

تركت "الرسالة" الزوجين، وتوجهت إلى منطقة الجدران الإسمنتية الملونة. على مقربة، كان الشاب محمود عبد العال وأصدقاؤه يتسابقون في التقاط الصور الشخصية لأنفسهم، فيما عشرات الطالبات الجامعيات يجلسن على شكل حلقات صغيرة في المكان.

يقول الشاب محمود: "من هنا أشعر بالحياة في غزة"، فيما يقابله صديقه بالرد: "أشياء بسيطة ممكن تكفي عن أشياء غير متوفرة لنا". ثم أكملا سيرهما.

وفي المكان أيضًا، مجموعة من المصورين الصحافيين والهواة، يتفننون بالتقاط عشرات الصور لتلك اللوحات الفنية من خلال عدساتهم المختلفة.

المصور محمود ناصر (26 عامًا)، الذي يعمل لصالح إحدى المؤسسات الدولية، يقول "هذه زاوية جميلة لها عدة اعتبارات توقعنا في حيرة لكيفية التقاط الصورة المناسبة".

ويضيف المصور ناصر الحاصل على جوائز محلية ودولية: "غزة تحتاج للقليل من الهدوء المعيشي لتكون من أجمل بقاع الأرض". ثم ضغط على زر كاميراته السوداء الاحترافية وراح يلتقط الصور من جديد.

داليا عبد الرحمن (27 عامًا)، صاحبة فكرة المبادرة "مية همة ولمة" التابعة لمؤسسات تامر المجتمعي، تقول: "إنّ النشاط يهدف إلى إظهار الوجه المشرق لغزّة، الذي يبيّن مدى الجمال والحضارة، ليساهم في التخفيف عن معاناة الأهالي".

الميناء هي الخطوة الأولى التي اختارتها الفنانة داليا لمبادرتها، مضيفًة: "هناك عدد كبير من الأماكن التي يجب تلوينها في غزّة، سنسعى لها في الأيام المقبلة".

وتعكس تلك الألوان مشهدًا جميلًا على الصخور، وستساهم في تحسين نفسية آلاف المواطنين الفلسطينيين الزائرين للمكان. وفق الفنانة.

وختمت حديثها: "رغم الدمار والحصار والحروب والتجويع، سنستمرّ بزرع الأمل في نفوس أطفالنا وأهلنا، وأهالي الشهداء والأسرى والجرحى"، داعية الفنانين كافّة إلى تشجيع المبادرات المشابهة.

البث المباشر