بعد مضي عام

طوفان الأقصى.. يُغرق مسار التطبيع ويعرقل طريقه 

غزة - خاص الرسالة نت

عرقلت معركة طوفان الأقصى مسار ومخططات التطبيع مع الكيان الإسرائيلي التي كانت تسيير على قدم وساق وكادت أن تضم غالبية الدول العربية، فرفعت عملية الطوفان كلفة التطبيع وساهمت صحوة الشعوب العربية في عودة القضية الفلسطينية إلى مقدمة اهتماماتهم.
ويواجه الاحتلال منذ طوفان الأقصى أزمة حقيقة في صورته أمام العالم، وفي كيفية إقناع الدول التي تود إجراء علاقات معه بأنه لازال الدولة التي تمتلك منظومة أمنية يصعب اختراقها.

قلبت الطاولة على المطبعين

وقد اعترف وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن وصحف غربية بأن عملية طوفان الأقصى ستؤدي لعرقلة التطبيع الصهيوني سواء مع دول عربية جديدة كان يجري التفاوض معها أو دول إسلامية آسيوية أو أفريقية، فضلاً عن تجميد التطبيع مع الدول المطبعة حالياً.
في حين ادعى وزير الخارجية الأمريكي والصحف الغربية أن هدف العملية هو تعطيل هذا التطبيع مع دولة عربية كبرى، وقال لشبكة سي إن إن: لن يكون مفاجئاً أن يكون جزء من الدافع هو تعطيل الجهود المبذولة للجمع بين دول عربية و(إسرائيل)، إلى جانب الدول الأخرى التي قد تكون مهتمة بتطبيع العلاقات.
وأوردت وكالة رويترز أن حماس أرادت من خلال ضربها (إسرائيل) قلب الطاولة على المطبعين العرب، وإعادة رسم واقع جديد للمنطقة يختلف عما كانت تخططه (إسرائيل) وأمريكا بزرع (إسرائيل) داخل المنطقة العربية عبر التطبيع وجعلها تقود العالم العربي أيضاً. 
وفي السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي إن حركات المقاومة  ترفض كل مشاريع التطبيع، وتسعى إلى إفشالها، لأنها تأتي على حساب القضية الفلسطينية.
ويرى أن لا شيء يمكن أن يؤثر على مشاريع التطبيع في المنطقة سوى المقاومة، معتبرا أن ما شجع المطبعين العرب هو مشاريع التسوية والتنسيق الأمني والاعتراف بالكيان.
ووفق عرابي فإن طوفان الأقصى حرك المياه الراكدة لدى الشعوب العربية، معتقدا أن مخططات التطبيع في المنطقة ستتعثر في ضوء الفشل (الإسرائيلي) الذريع في هذه المعركة، بعد انكشاف هشاشة قدراته العسكرية، ما سيدفع الدول الراغبة بالتطبيع للتشدد في مطالبها وشروطها".

عمل استثنائي

بدوره، رأى الكاتب سيد شبل أن المقاومة نجحت في إجبار شعوب العالم كافة على التوجه نحو فلسطين وقضية شعبها الذي يعاني ويلات الاحتلال منذ عقود، فعادت صور الأقصى لتُرفع مرة أخرى في العواصم العربية كافة من المحيط إلى الخليج.
وأكد في مقال له أن "قطار التطبيع" الذي انطلق من محطته الأولى في القاهرة في سبعينيات القرن الماضي، مروراً بعمّان، وانتهاءً بأبو ظبي والرباط، بات مهدداً بالعودة للصيانة، رغم أنه كان يستعد للوصول إلى محطته شبه الأخيرة مع الرياض، وهو السيناريو الذي أفسدته بين طرفة عين وانتباهها عملية "طوفان الأقصى" التي تعدّ عملاً استثنائياً في تاريخ المقاومة كسَر هيبة العدو، ربما للأبد.
وقال: لسنوات، ادعى الاحتلال الإسرائيلي أنه بات مقبولاً لدى المواطنين العرب خارج فلسطين، وأن العرب صاروا يفكرون بشكلٍ أكثر عمليّة مما يجعلهم أكثر استعداداً للانفتاح على "تل أبيب" .
وتابع:"كل تلك الادعاءات باتت اليوم مرفوضة وغير معتمدة من جانب المراكز البحثية المختصّة بالسياسة الدولية في العالم الغربي ذاته، والكل صار ملزماً بالاعتراف بأن "إسرائيل" باتت ملفوظة أكثر من أي وقت مضى من محيطها.
وأظهر آخر استطلاع للرأي العام العربي أجراه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات أن الرأي العام العربي متوافق بنسبة أكبر من 84% على أن سياسات(إسرائيل) والولايات المتحدة الأميركية تهدد أمن المنطقة واستقرارها، وأنهم يرفضون إقامة علاقات طبيعية مع حكومة الاحتلال لأسباب مرتبطة بطبيعتها الاستعمارية والعنصريّة والتوسعية.
وأشار الكاتب شبل إلى أن من يتابع صورة العالم العربي اليوم يُدرك أن اندفاعة النظام الرسمي العربي نحو التطبيع منذ 3 أعوام لم تُغيّر شيئاً في رؤية الشارع، فالجماهير العربية الرافضة للتطبيع لا تزال تضغط على حكوماتها لاتخاذ مواقف أكثر دعماً للقضية الفلسطينية.
وبحسب التحليلات فإن الكيان يعيش أزمة وجود حقيقية لا تتعلق بقدرته على التصدي للمقاومة داخل الأراضي المحتلة فقط، إنما بوزنه الإقليمي، وبتمكّنه من إقناع أنظمة عربية جديدة على عقد معاهدات معه.

البث المباشر