ما يحدث في سيناء من قتل وعنف متبادل وإرهاب منتشر لا يقبله أحد. ونحزن كفلسطينيين وسكان لقطاع غزة لكل قطرة دم مصرية تراق بأي وسيلة من الوسائل، فهذا دمنا نحن؛ والشهيد المصري شهيدنا وآلامه هي آلمنا، فارتباطنا مصيري ولن تفرقنا المؤامرات الصهيونية مهما بلغت من إجرام، ونتمنى لموجة العنف أن تنتهي للأبد، وتبدأ مصر باستعادة مركزها الإقليمي والدولي المناسب لها، ودورها الصحيح في دعم شعبنا وقضيتنا وحقوقنا.
لهذا شكل قرار محكمة الأمور المستعجلة المصرية بحظر كتائب القسام وإدراجها كجماعة إرهابية صدمة وغضب لدى الجمهور الفلسطيني لما يمثله القسام من رمزية في نفوس شعبنا في الداخل والخارج، وللأسف منذ إزاحة الرئيس مرسي عن الحكم والنظام المصري يعتبر حماس كطرف معادي من خلال الإعلام والسياسة المتبعة وإجراءات تنفيذية على الأرض، لهذا حكم المحكمة لن يضيف جديدا إلا أنه غريب ومستهجن ويسيء لمن أصدره، ويظهر النظام المصري كمرتبك وضعيف في مواجهة التعقيدات الداخلية، ويُقرأ أنه هروبا من واقع النظام الداخلي القلق.
كتائب القسام أقوى مما يتصور البعض، وأعتقد أنها تسخر من هكذا أحكام فهي مُحاربة أمريكيا وإسرائيليا وأوربيا قبل ذلك، وجابهت عدوانا عسكريا واسعا طيلة 51 يوما، أثبتت خلالهما حنكتها وقوتها ومتانة صفها، وأنها الرقم الأصعب والأعقد في المعادلة رغم التضييق والحصار، لهذا تحظى بإجماع فلسطيني في الداخل والخارج، ولها حاضنة شعبية عربية وإسلامية يصعب تشويهها بإعلام فاسد ومحاكم تحكم بقرارات سيادية عليا.
يعرف الشعب المصري ويدرك من هي حماس؟ ولا شك أن فئة قليلة منه تأثرت بحملات التحريض المستمرة عبر قنواته الإعلامية وصحفه، إلا أن ما يطمئن القلب ويهدئ البال والخاطر ما يتمتع به الوعي الجمعي المصري من إدراك ومعرفة من عدوه ومن صديقه، من هي إسرائيل التي قتلت عشرات آلاف الجنود المصريين ودفنتهم وهم أحياء، ومن هو من يقاتل إسرائيل ويقتل جنودها ويأسرهم وينتقم للدماء العربية، ويقصف تجمعات الصهاينة بعشرات آلاف الصواريخ، لهذا لن تتأثر العلاقة المصرية الفلسطينية بل ربما تزيد وترتقي وأن هذه الغمة يجب أن تزول.
النظام المصري بمعاداته للمقاومة الفلسطينية ولحركة حماس، ينحرف عن دور مصر الاساسي بدعم شعبنا وقضيته، مما سيؤثر على كينونته، ولن تنفع هذه العداوة النظام في شيء، بل ستضره وتضعفه فهي غير منسجمة ووجدان المصريين وعاطفتهم وتاريخهم ومنظومتهم القائمة على العداء لإسرائيل.
من المعروف أن حكم المحكمة أولي وجاء في سياق التلويح من جهة، والهروب من مواجهة الحقيقة والفشل واختلاق عدو وهمي من جهة أخرى، ولكن السؤال الرئيس الذي يطرح نفسه الآن أين موقف منظمة التحرير من ذلك؟ أين دور الرئيس عباس واليسار الوطني؟ هذا التخاذل في اتخاذ المواقف المطلوبة والمعاضدة الحقيقية أخطر من الحكم نفسه، ففيه تتكشف الوطنية الحقيقية من تلك المزيفة، وتظهر الروح الجمعية من الإقصائية.