بعد دعوة عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد باعتبار غزة "إقليما متمردا" قبل أيام قليلة، سيعود الأحمد إلى قطاع غزة على رأس وفد منظمة التحرير، للقاء الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حركتي حماس والجهاد لبحث اتفاقات المصالحة.
فكيف سيعود الأحمد إلى "الإقليم المتمرد"؟ وكيف سيتم استقباله في غزة بعد تصريحاته الأخيرة بشأنها؟ وهل يجوز له أن يتواصل مع "المتمردين"؟
وكان الأحمد قال في حديث متلفز مساء الثلاثاء الماضي إنه كان من الذين دعوا لإعلان قطاع غزة "إقليماً متمرداً" مهما كانت النتائج، وما زال مقتنع أنه متمرد، مستدركاً "ليس من أهل غزة ولكن من القوة التي تحكمهم (حماس)".
دعوة الأحمد هذه لم تكن الأولى، فله سوابق في ذلك وتشهد تصريحات مماثلة له أكثر من عامين عندما قال "إنه لا يمانع دخول غزة على ظهر دبابة مصرية، باعتبارها إقليما متمردا يجب تحريره من يد حماس".
ورغم تلك التصريحات العدائية والمستفزة لمشاعر الشعب الفلسطيني وتحديدا أبناء قطاع غزة، استقبل "الإقليم المتمرد" الأحمد في شهر ابريل من العام الماضي بالأحضان والقبلات، وكان حينها يرأس وفد منظمة التحرير لإتمام المصالحة الفلسطينية الذي توج بتوقيع "اتفاق الشاطئ".
وبعد كل ما قاله بحق غزة سابقا، تناسى قادة حماس تلك التصريحات أو غضوا الطرف عنها تجنبا للتراشق الإعلامي الذي قد يُعثر اتمام المصالحة وجرى استقباله في غزة مرتين لإنجاز ملفات المصالحة، بل وأكثر من ذلك تم تعيينه رئيسا لوفد المفاوضات غير المباشرة مع الاحتلال الإسرائيلي في القاهرة لوقف العدوان الأخير على القطاع.
تجديد الدعوة
وإزاء ذلك لم تسلم حماس من لسان الأحمد "السليط" ولم يخفف من حدة تصريحاته اتجاه غزة، وعاد يوم الثلاثاء الماضي لدعوته إعلان غزة " إقليما متمردا"، مؤكدا أنه لا اتصالات مع حركة حماس قبل الكشف عن منفذي التفجيرات الأخيرة وعدم تدخلها بعمل حكومة التوافق.
وشدد في تصريحاته الأخيرة على أنه لا لقاءات أو اتصالات مع حماس إلا بعد أن تكشف عن نتائج التحقيق في التفجيرات التي استهدفت منازل قيادات حركة فتح وبنك فلسطين، بالإضافة إلى عدم التدخل في عمل حكومة التوافق. وفق قوله.
ولم تنتظر حركة حماس طويلا للرد على دعوات الأحمد، وانتقد الدكتور موسى أبو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، بشدة، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، دون أن يسميه على خلفية دعوته لإعلان غزة إقليما متمردا.
وقال أبو مرزوق: "إنّ غزة تمردت على الاحتلال، فانسحب بمستوطناته ومستوطنيه، وصمدت غزة رغم الحصار والدمار، وصنعت لشعبها ثوب الفخار والانتصار، ولم تعترف لعدوها بما اغتصب، ولم تنكر حق اللاجئ من شعبها بحيفا ويافا وصفد".
وحول تلك الدعوات المحرِّضة من الأحمد،يعلّق المحلل السياسي إبراهيم المدهون عليها بالقول: "مرة أخرى يعود السيد عزام الأحمد لفكرة إعلان غزة إقليما متمردا، القريبون منه يقولون أن هذه الثرثرة التلفزيونية تأتي في محاولات إرضاء الرئيس محمود عباس الذي رفض استقباله في مقاطعته عدة مرات رغم التوسط والتوسل، ويبدو أن هناك من نصح الأحمد أن مهاجمة حماس وغزة الطريقة المضمونة لفتح قلب ومكاتب الرئيس عباس، حتى أن فكرة التمرد تغري عباس بعدما أعلن أكثر من مرة أنه لا يريد القطاع ولا أهله وسكانه".
ولم يقتصر حديث الأحمد على فكرة إعلان الاقليم المتمرد بل اعتبر غزة كطائرة مخطوفة يجب استعادتها ولو تم القضاء على جميع الركاب الأبرياء، ووفق المدهون فهو بذلك يبرر أي عمليات تؤدي للإبادة الجماعية شريطة أن تعود غزة لسيطرته وسيطرة الرئيس عباس. فهم يريدونها خالية من حماس.
يرأس وفد المنظمة
ومن المتوقع أن يزور وفد من منظمة التحرير قطاع غزة خلال الأيام المقبلة، لبحث ملفات عدة مع الفصائل الفلسطينية. وأعلن قيس أبو ليلى عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير في تصريح خاص بـ، الاتفاق على تشكيلة الوفد المقرر زيارته للقطاع، موضحا أنه سيكون برئاسة عزام الأحمد.
بدوره، قال جميل شحادة عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، إن فصائل المنظمة ستشرع ببدء الاتصالات مع حركتي حماس والجهاد الاسلامي، من أجل تحديد موعد لزيارة وفد المنظمة إلى القطاع، مبينا في تصريح لـ أنه تم الاتفاق على أسس اللقاء والقواعد الذي ستنطلق عليه، وهي مبنية على حوار الشاطئ والاتفاقات السابقة، بالإضافة للعمل على حل ملف الموظفين بناء على الرؤية السويسرية.
من ناحيته، نفي الدكتور مصطفى البرغوثي الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية وعضو وفد منظمة التحرير لـ، الأنباء التي تحدثت عن طلب حركة حماس من الوفد تأجيل الزيارة، لافتاً في الوقت ذاته بأنه لم يتم التوافق على موعد الزيارة كي تطلب حماس تأجيله.
وعادت حماس مجددا للترحيب بوفد منظمة التحرير الفلسطينية حال تحديد موعد بين الطرفين لزيارة الوفد لغزة. وأكد الدكتور صلاح البردويل القيادي في الحركة لــ، أنه حتى اللحظة لم تتلق حماس أي اتصالات من المنظمة بخصوص الزيارة.
ويبقى السؤال هل ستعود زيارة الوفد بجديد على غزة وتُحل المشاكل العالقة؟ أما السؤال الأبرز فهو كيف سيستقبل "الإقليم المتمرد" عزام الأحمد؟