قائد الطوفان قائد الطوفان

في ظل تعطيل إعمار غزة

خيام المدمرة منازلهم لا تمحو مشهد الهجرة من أذهان المحاصرين

طفلة تلهو أمام ركام منزلها المدمر في خانيونس
طفلة تلهو أمام ركام منزلها المدمر في خانيونس

الرسالة نت - معاذ مقداد

ما إن يقع النظر مباشرة إلى تراصّ عشرات الخيام القماشية وبينها مواطنين يصولون ويجولون فوق الرمال بحيّ الفراحين شرق خانيونس جنوب قطاع غزة، حتى تعود بك الذاكرة إلى هجرة الفلسطينيين عام 1948  والتي لا تُمحى من ذاكرة الأجيال.

تجوّلت في الحي للاطلاع على معاناة المواطنين وطبيعة حياتهم في تلك الخيام.

أم تحرير أبو دقة تجلس إلى جانب خيمتها المتربعة وسط عشرات الخيام التي شيّدها سكان حي الفراحين المدمر شرق المدينة، تجهّز إبريقًا من الشاي المُعد على الحطب.

أبو دقة وعائلتها رفضوا الخروج من محيط منزلهم المدمر خلال الحرب الاخيرة على غزة والذهاب لمراكز الايواء أو الاستئجار، ليتشبثوا في قشة الإعمار التي ستطل عما قريب ويُعاد المنزل أفضل مما كان، كما تأمل.

هجرة جديدة

الهموم التي فاقت الحدود تعود لتتجدد مع كل نظرة تسقط على ركام المنازل التي تقابلها الخيام المنصوبة، وتطالب الأم الحزينة على وضع عائلتها "بدنا رفع الركام وإعادة الإعمار بأسرع وقت".

تتساءل أبو دقة، هل يليق هذا الوضع الصعب والعيش وسط خيام شبه معدومة بصمود أهالي هذا الحي وتضحياته؟!، فيما تشكو هي وبقية المواطنين من الحشرات الكثيفة التي بدأت تظهر في المكان ويخشون أن تؤذيهم.

السبعيني أبو فؤاد قديح عاش نكبة الفلسطينيين عام 1948 وتكررت مأساتهم في حروب ثلاثة خاضتها غزة، وتجسدت قسوة تلك الهجرة في حي الخيام هذا.

الحي المكون من عشرات الخيام لعائلات فلسطينية مشردة، يعيد لذاكرة ابو فؤاد أيامًا عصيبة خاضوا غمارها سنوات وسنوا من التشريد والحصار، فيما أقامت عائلات أخرى خيامها الخاصة منذ إعلان وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال.

ويظهر للعيان أن مأساة المدمرة منازلهم وأصحاب الخيام ستزداد سوءًا بعد إعلان وكالة الغوث "الأونروا" بوقف مساعداتها عنهم نظرًا لقلة الأموال.

خيام متعفنة

المواطنون في الحي اشتكوا من عدم اكتراث الحكومية والمسئولين أو المؤسسات الإنسانية والإغاثية لمعاناتهم أو تقديم العون لهم، مطالبين بالوقوف معهم ومساعدتهم تعزيزًا لصمودهم، بدلًا من تقديم خيام "متعفنة".

وزارة الأشغال العامة والاسكان برّرت سبب توزيع الخيام متعفنة بوجودها في مخازن الوزارة، التي تعرضت للقصف "الإسرائيلي"، وبعد تساقط الأمطار، أصاب بعض أطرافها العفن.

عماد حمادة رئيس لجنة الإيواء في الوزارة، أوضح أن الخيام منحة من سلطنة عُمان، وهي إغاثة عاجلة في ظل تأخر الإعمار، لحين توفر "كرفانات" مؤقتة أو البدء في الإعمار.

أبو مهند خليل هو الآخر يتجه صوب خيمته لتفقد عائلته القاطنة بداخلها والمكونة من سبعة أفراد لا تتسع لهم بمساحتها الضيقة (4/4متر)، ما يضطره للنوم أحيانًا خارج الخيمة وافساح المجال لأهل بيته بالراحة المنشودة.

بدت على الرجل علامات التعب والارهاق نظرًا للحالة الصعبة التي يعيشونها داخل الخيام، فيما يرمق بنظراته منزله المدمر من داخل خيمهم البالية، آمِلًا أن تنتهي حالة "العفن" التي يمرون بها، حسب وصفه.

ومن وسط المعاناة التي تظهر جليّة على المواطنين، خرجت حملات شبابية مختلفة جابت أرجاء الحي ونفّذت نشاطات ترفيهية وثقافية للتخفيف عن أطفال المنطقة ورسم البسمة على وجوههم.

ويبدو جليًا من تكرّر مشهد اللجوء إلى خيام الهجرة الفلسطينية، أن المعاناة ما زالت مستمرة والمواطنون راسخون بجوار ركام منازلهم بانتظار أن تمر عليهم عجلة الإعمار.

البث المباشر