تتفاقم معاناة الغزيين نتيجة إغلاق المعابر التي تصل القطاع بالعالم، بسبب تضييق الاحتلال عليها، ورغم الحديث عن توسيع العمل على معبر كرم ابو سالم لإدخال كميات أكبر من المواد اللازمة للقطاع, إلا أنها لا تلبي جل احتياجات المواطنين كون المواد التي تدخل عبره مقننة.
فيما تغلق السلطات المصرية معبر رفح المتنفس الوحيد للقطاع وتحرم سكانه من التنقل، كحق كفلته كل الاعراف والقوانين الدولية.
ويخلّف معبر كرم أبو سالم التجاري معاناة لعشرات التجار والمواطنين خاصة وانه لا يفي باحتياجاتهم من الوقود والغاز والبضائع التجارية.
أحمد عيد (46عامًا) صاحب أحد المصانع التي طالها إغلاق المعبر التجاري المتكرر، وجعلتها تعاني من نقص أدنى احتياجات المصنع لمواصلة عملية الانتاج المحلي.
عيد صاحب مصنع تنظيف الحبوب والأعلاف يعتمد كليًا على ادخال المواد الاساسية من الجانب (الإسرائيلي) وفي حال إغلاق المعبر ليوم واحد فقط يتوقف المصنع عن العمل.
ويقول لـ : توقف عمل المصنع بشكل متكرر أحدثت أعطال في الآلات وصيانتها تحتاج إلى تكلفة مالية عالية، وتقليص عدد العاملين في المصنع".
وأوضح أن استمرار إغلاق المعابر كبده خسائر فادحة، الأمر الذي فاقم أوضاعه الاقتصادية والمعيشية.
انكماش معدل النمو
مواصلة (إسرائيل) سياسة إغلاق المعابر طيلة فترة الحصار منذ ثماني سنوات، ينذر بتزايد الأوضاع الاقتصادية سوءًا ويؤخر إعادة تشغيل المنظومة الاقتصادية الفلسطينية، وفق قول المحلل الاقتصادي أمين أبو عيشة.
وتوقّع أبو عيشة في حديث لـ "الرسالة"، أن تكون المنظومة الاقتصادية في عام 2015م حسب الصندوق الدولي، في أسوأ مراحلها منذ عام 2006م، مشيرًا إلى وجود انكماش في معدل النمو الاقتصادي بنسبة 15% من إجمالي الناتج المحلي.
وذكر أن قطاع غزة لم يشكل حتى الآن 5% من المنظومة الاقتصادية الفلسطينية، مضيفًا " إذا استمرت المؤشرات الاقتصادية وزيادة نسبة البطالة على هذا الحال، فسيؤدي ذلك إلى توقف السوق المحلي، وركود الاقتصاد الفلسطيني وتحديدا بغزة".
وطالب، الفصائل الفلسطينية، بالتعامل مع القضية من الجانب السياسي وليس الانساني، لأن المسبب الأول والأخير لسوء الاوضاع هو الاحتلال.
معبر رفح
وأمام سياج المعبر يرقب مئات المواطنين بألم كبير أن يفتح أبوابه أمامهم، أملا في أن يتسنى لهم التوجه إلى المستشفيات الخارجية لتلقي العلاج، والبحث عن دواء تعذر الحصول عليه في مشافي القطاع المحاصر.
الحاجة هدى (55 عامًا)، تنتظر في كل يوم اللحظة التي يسمح لها بالخروج من القطاع للعلاج، بعدما أنهك المرض جزءًا كبيرًا من جسدها.
وتسابق الحاجة هدى الزمن للحفاظ على حياتها المهددة بالموت في أي لحظة بفعل تأخر العلاج ومنعها من الخروج الى مستشفيات القاهرة, وبات سؤالها المعتاد عن فتح المعبر، غير أن اسلاكه المتشابكة تضيق الخناق عليها.
أمّا الشابة نداء التي التحق زوجها في احدى الجامعات التركية، أجبرها المعبر أن تعيش منعزلة عن زوجها للعام الثاني على التوالي.
تقول نداء بعيونها الدامعتين، "انتظر اللحظة التي التقي فيها زوجي، فكلما طرقت باب المعبر وجدته مغلقًا في وجهي وتتحطم آمالي بحلم اللقاء مع شريك عمري".
وطبقًا لإحصائيات رسمية فإن معبر رفح فتح في العام الاخير فقط لمدة 15 يومًا بشكل جزئي، وبقي طيلة العام مغلقًا في وجه مليون ونصف انسان، ليتحول بذلك إلى اكبر سجن في العالم والسجان شقيق عربي.!
قلق مستمر
بدورها، قالت وزارة الصحة الفلسطينية بغزة، إن المواطنين في قطاع غزة يعيشون في حالة من القلق المستمر، إزاء إغلاق معبر رفح بشكل مستمر.
وبين الدكتور أشرف القدرة المتحدث باسم الوزارة لـ "الرسالة"، أن إغلاق المعبر حرم المرضى من 30% من الادوية والمستلزمات الطبية، القادمة من الجهات المانحة، مضيفًا أن المشافي المصرية تعتبر ملاذًا آمنًا للفلسطينيين.
وأوضح أنه يتم تحويل 300 حالة شهريا للعلاج بمصر، وإعفائهم من تكاليف العلاج، فيما تحوّل 700حالة شهريًا على نفقاتهم الشخصية، لافتًا إلى عدم خروج هؤلاء المرضى منذ إغلاق المعابر، ما يفاقم المعاناة.
وأشار إلى أن قطاع الصحة حُرم من دخول الوفود لإجراء بعض العمليات الجراحية النوعية، إضافة إلى القوافل والعديد من المساعدات الخارجية.