غضب حماس من القاهرة يقابله حرص منها على إبقاء "شعرة معاوية"

الحدود مع قطاع غزة (الارشيف)
الحدود مع قطاع غزة (الارشيف)

غزة-أحمد الكومي

المتأمل لخطاب حماس في معرض ردها على إدراج محكمة مصرية كتائب القسام "منظمة إرهابية"، واتهامات الإعلام المصري بصلتها بهجمات شمال سيناء، يلحظ أن غضب الحركة قابله حرص كبير منها على إبقاء "شعرة معاوية" مع القاهرة، رغم أن الاتهامات هذه المرة كانت خطيرة للغاية و"سابقة" طارئة على العلاقة بين الطرفين، التي تشهد فتورا كبيرا وركودا لم يسبق له مثيل، كنتيجة للتطورات السياسية في القاهرة، والميدانية في شبه جزيرة سيناء.

وقد اعتمدت حماس في ردّها على الاتهامات والإجراءات القضائية بحقها، على البُعدين الشعبي والرسمي، المتمثل في الخطاب المتوازن الذي صدر عن بعض القيادات الوازنة للحركة، والمسيرات الجماهيرية التي سيّرتها الحركة في محافظات قطاع غزة، إلى جانب "الغضب الإلكتروني" الذي أظهره مرتادو مواقع التواصل الاجتماعي تحت هاشتاق (القسام مش إرهاب).

وظهرت البراغماتية في الرد جلية في تصريحي القياديين بحماس صلاح البردويل ومحمود الزهار، حين أكد الأول أن علاقة حركته بمصر قوية ولن يلغيها قرار مرتبك، فيما شدد الثاني في اليوم نفسه على أن النظام المصري الرسمي أقرّ سابقا ببراءة الحركة، وذلك في تعليقه على إدراج كتائب القسام "منظمة إرهابية".

مع العلم أن هذا الحكم يأتي أيضا بعد نحو عشرة أشهر من إصدار محكمة الأمور المستعجلة حكما آخر بـ"حظر أنشطة حماس والتحفظ على مقارها داخل مصر باعتبارها تنظيما إرهابيا"، وتزامن هذا الحكم مع توتر العلاقات بين القاهرة وحماس في مارس/آذار الماضي.

واعتبر البردويل تجميد النظام المصري ملفي المصالحة ومفاوضات التهدئة غير المباشرة، واستمرار إغلاق معبر رفح البري "تحصيل حاصل في العلاقة الثنائية"، بينما أرجع الزهار ذلك إلى الظروف السياسية والأمنية التي تمر بها القاهرة.

ويمكن القول إن هذه التصريحات تؤكد أن حماس تأمل وتحرص على ألا تصل العلاقة مع القاهرة إلى درجة القطيعة، وأن قناعة لديها تحدثها بأن الصادر ضدها من مصر راجع إلى أزمة داخلية يعيشها النظام السياسي هناك، الذي يعمل على "تصدير مشاكله".

وكان لافتا حذر النظام المصري وعدم تسميته الأشياء بمسمياتها في اتهاماته بُعيد الهجمات الأخيرة في سيناء، وترك للإعلام والقضاء مهمة تصدير الاتهامات واستهداف حماس، بذريعة أنهما مستقليْن، وهذا يدل على أن النظام يضغط على الحركة لكنه في الوقت نفسه لا يريد أن يقطع كل الخطوط معها.

وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قال في اجتماع للمجلس العسكري المصري بُعيد هجمات سيناء -التي أسفرت عن سقوط أكثر من 45 قتيلا إضافة إلى عشرات المصابين-إن الجيش يعرف من ساعد الإرهابيين في سيناء، "ولن نتركهم".

وعلى الرغم من كل ذلك، فإننا لا يمكن أن نجزم بحدوث تحسن في المنظور القريب على العلاقة بين القاهرة وحماس، على ضوء استمرار تأزم الأوضاع السياسية والميدانية في مصر، والركود في التحركات الإقليمية في هذا الشأن، لكن المسلّم به أن حماس تملك من "الرُشد السياسي" ما يؤهلها للحفاظ على هذه العلاقة وإن كانت في أدنى درجاتها.

 

البث المباشر