الطريق إلى غزة يمر عبر القاهرة

عزام الأحمد على يمين الصورة، والدكتور موسى أبو مرزوق على يسارها
عزام الأحمد على يمين الصورة، والدكتور موسى أبو مرزوق على يسارها

الرسالة نت – محمود فودة

وأخيرًا .. تململت اللجنة التنفيذية لحركة فتح لتفعيل ملفات المصالحة المجمّدة منذ أشهر، وبعد طول مشاورات مع فصائل منظمة التحرير حول زمان التوجه لغزة، اصطدمت بعرقلة واضحة من عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد الذراع اليمين لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.

القيادي الأحمد الذي اعتيد على ترأسه وفود المنظمة، بدا وكأنه لم يرق له الذهاب إلى غزة أو كما يصفها بـ " الإقليم المتمرد" مباشرةً، فأراد أن تكون عبر طريق القاهرة؛ مستغلًا وجود عضو المكتب السياسي ومسؤول ملف المصالحة في حماس موسى أبو مرزوق، في مصر.

 عرقلة الأحمد للمصالحة، أذاعتها صراحةً الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، إذ اتهمت على لسان عضو مكتبها السياسي رباح مهنا بأن الأحمد عرقل المصالحة وأعاق وصول وفد الفصائل إلى قطاع غزة.

وفيما رهن الأحمد كل التحركات القادمة اتجاه تفعيل المصالحة  بلقائه مع القيادي موسى أبو مرزوق في القاهرة، رحب الأخير باللقاء بعد تلقيه مكالمة هاتفية من الأحمد بيّن فيها رغبته باللقاء للتباحث حول مستقبل المصالحة.

وفي أسباب قبول أبو مرزوق للقاء، بيّن أن  قيادة حماس قبلت بذلك "سدًا لكل الذرائع، وانطلاقًا من مصلحة وطنية لشعبنا الفلسطيني بعدم وجود طريق بعيدًا عن المصالحة، ولا يمكن الاعتذار عن هذه اللقاءات مهما كانت التفسيرات".

ردود الأفعال في الشارع الغزّي بدّت مثقلة باليأس، فهم اعتادوا على مثل هذه الجولات على مدار السنوات الماضية، دونما أن يلمسوا أيًا من الانجازات على أرض الواقع، بل زادت الأزمات تعقيدًا بعد تولي حكومة التوافق مهامها في الأراضي الفلسطينية.

محللون سياسيون أجمعوا في أحاديث منفصلة لـ " " على عدم جديّة التحركات الحالية من السلطة الفلسطينية، وقلّلوا من أهميتها بناءً على أنها لن تأتي بتغيرات ملموسة على أرض الواقع كما جرت العادة في الجولات الماضية.

الضغوطات "الإسرائيلية" والعربية الرافضة لإنجاز سريع للمصالحة الفلسطينية، قد تضع كل التحركات ضمن نطاق "مضيعة الوقت " وفق ما يرى المحلل السياسي مخيمر أبو سعدة، معللًا ذلك بأن الفيتو الأمريكي والعربي لن يسمح بحل الأزمة في قطاع غزة بهذه السهولة.

وبناءً عليه يبدو قرار تفعيل المصالحة ليس بيد عباس أو حركة فتح بأسرها، نظرًا لقوة التيارات العربية والدولية الرافضة لحل أزمات القطاع، بحثًا عن إضعاف صورة حركة حماس في الأوساط الفلسطينية عبر تراكم الأزمات بغزة.

طيلة الأشهر الماضية تكررت جرعات الأمل التي قدّمها عباس وحكومة التوافق عبر زيارات شكلية لوزراء الحكومة أو وفود قيادة منظمة التحرير، إلا أنها لم تأت بحلول لأزمات غزة، وفي هذه التحركات أيضًا رأى أبو سعدة أنها قد تكون "جرعة أمل" جديدة للشعب الفلسطيني.

وفي ملف القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان، رأى أبو سعدة أنه قد يكون من أقوى العوامل التي دفعت عباس للعودة نحو تفعيل المصالحة، حرصًا منه على ساحة غزة من الضياع لصالح دحلان، فيما يبدو هو الطرف الأضعف في السيطرة على أركان حركته والأراضي الفلسطينية.

ويلمّح أبو سعدة إلى أن ما يقوم به عباس حاليًا، قد يمثل ورقة ضغط ضد الأطراف الدولية دفعًا بها للضغط على "إسرائيل" لحل الأزمة المالية المتراكمة، وبناءً عليه تصبح التحركات الحالية مجرد إجراء تكتيكي لا استراتيجي.

 وفي توقيت التحرك، أشار المحلل السياسي طلال عوكل إلى تشكل عدة عوامل في الساحة الفلسطينية قد تكون هي من  دفعت بعباس للإقدام على المصالحة، تتمثل بانسداد العملية السياسية في وجه السلطة، والأزمة المالية الخانقة المستمرة منذ شهرين، والتغيرات المرتقبة في الوضع العربي في المرحلة القادمة، عدا عن تطور علاقة حماس بإيران.

وقلّل عوكل من أهمية التحركات التي تبذلها السلطة في الوقت الراهن لحل أزمات قطاع غزة، لعدم وجود رغبة حقيقة لديها لإنهاء المعاناة، متسائلَا "لماذا سيأتي وفد المنظمة، والفصائل القادمة ضمن الوفد هي ذاتها موجودة في غزة؟".

الموضوعات التي من المتوقع حلها ضمن هذه الجولة قد تتلخص في رواتب المدنيين والميزانيات التشغيلية للوزارات، فيما تبقى أزمات الأمن والانتخابات وتفعيل المجلس التشريعي طي الاختلاف بين الطرفين؛ لعدم رغبة عباس في حلّها في الوقت الراهن وفق ما يرى المحلل السياسي مصطفى الصواف.

وفي ملف الإعمار المتوقف بسبب عدم إيفاء المتعهدين في مؤتمر إعمار غزة بالتزاماتهم المالية، يتحدث الصواف عن إحجام الدول الغربية عن دفع الأموال بحجة عدم سيطرة الحكومة على غزة، وبناءً عليه قد تكون خطوة السلطة نحو تفعيل المصالحة أملًا في إدرار أموال الإعمار في ميزانيات السلطة خاصةً في ظل أزمتها المالية الحالية.

وتبقى الأزمات الحالية المتمثلة في الإعمار والرواتب والانتخابات وتفعيل المجلس التشريعي تراوح مكانها، في ظل تعنت السلطة الفلسطينية في حلها عبر تمسك بالأمور الشكلية المتعلقة بتوقيتات الزيارة، أو ماهية الملفات المنوي طرحها ضمن جولات الحوار المنتظرة.

البث المباشر