الشاب "م. ك" 23 عاماً ذو البنية الضعيفة، لم يترك أحدا من ذويه الا وسرق منه المال لشراء حبوب الأترمال التي أدمن تعاطيها وبات لا يقوى على العيش دونها.
ورغم الهزال الذي سيطر على جسده النحيل وتدهور حالته الصحية إلا أنه يرفض ترك المخدرات والعلاج، للتعافي من هذا الداء الذي ابتلي به رغم محاولات عائلته الحثيثة.
ولكنه ابتلي بداء آخر وهو السرقة التي جعلته يمد يده لأي مبلغ أو شيء تقع عليه عينه أملاً في بيعه وشراء المخدرات بثمنه، حتى تجرأ وسطا على عدة منازل في منطقة سكنه وكان يسرق منها كل ما يقدر على حمله ويبيعه، ثم يشتري المخدرات.
وكان ذوو الشاب يعيدون للجيران ممتلكاتهم أو يدفعون ثمنها حتى لا يبلغوا عنه ويجري اعتقاله، خوفاً من الفضيحة خاصة أن عائلته ذات قيمة وتحظى بالاحترام بين الناس.
وفي إحدى المرات التي ذهب فيها لشراء عقار الترامادول وقع في فخ الشرطة التي كانت تراقب المكان وتسيّر دوريات في تلك المنطقة، ورغم ان الشرطة لم تتنبه للشاب في البداية لكن الارتباك والريبة اللتين بدتا عليه جعلتا الشرطة تشتبه فيه وتوقفه وعندما فتشته وجدت منه كمية من حبوب المخدر فاعتقلته على الفور.
في قاعة المحكمة جلس المتهم في القفص يحاول ابداء الندم على ما ارتكبه من جرم، وعند تلاوة التهم اجاب المتهم بانه مذنب ونادم على فعلته.
وكيل النيابة طالب المحكمة توقيع اقصى عقوبة عليه وقال "سيدي القاضي لا تأخذك به رأفة ولا رحمة ويجب ان ينال عقابه حتى يكون عبرة لمن يعتبر"، في حين التمس وكيل المتهم من عدالة المحكمة ان ترأف به خاصة انه شاب في مقتبل العمر ويجب اعطاؤه فرصة لتقويم نفسه، لافتا انه يعاني من مشكلات اسرية وازمات نفسية هي التي دفعته للإدمان.
وبين الوكيل أن اعتراف المتهم دليل على الندم وهو من أسباب تخفيف العقوبة عليه.
المحكمة نظرت في أوراق القضية والادلة والاعترافات واكتفت بمدة التوقيف للمتهم والتي تجاوزت العام تقريباً.
يذكر أن حيازة المخدرات حسب التعاطي أو الترويج لها تصل عقوبتها لعشر سنوات لاعتبارها جناية.
وفي تعقيبه على الملف القضائي أكد الأخصائي الاجتماعي د. وليد شبير أن هناك أسبابا اجتماعية وأسرية تدفع الشباب للانحراف وارتكاب جرائم مخالفة لعادات وتقاليد المجتمع، مبينا أن عدم اهتمام الاسرة برعاية أطفالها إلى جانب حاجتهم للموارد المالية تدفعهم لارتكاب جرائم يرفضها المجتمع كالسرقة والمخدرات.
وأكد شبير أن قلة الوازع الديني سبب رئيسي يؤدي إلى انحراف الشباب، إضافة إلى أصدقاء السوء الذين يشجعون بعضهم على ارتكاب الجرائم وقد يشكلون في بعض الاحيان عصابات منحرفة، منوها إلى وجود أسباب جسمية ونفسية تجعل الشباب يرتكبون الجرائم لإشباع رغباتهم.
ولفت إلى ضرورة التركيز على توعية الشباب من خلال وسائل الاعلام التي تلعب دورا كبيرا في التوعية والتوجيه، في المقابل فان بعض وسائل الاعلام غير الموجه تدفع الشباب للسلوك المنحرف، خاصة عبر المسلسلات التي يشاهدونها وهو ما يدفعهم للتقليد من سرقة وجرائم.
وحول كيفية حماية الشباب من السلوكيات الانحلالية قال الأخصائي الاجتماعي: لابد من تقوية الوازع الديني والجانب الإيماني داخل الأسرة والمجتمع على حد سواء لتقليل الجرائم".
وطالب الأسرة بمتابعة أبنائها داخل البيت وخارجه ومعرفة من يصاحبون من رفقاء، داعيا في الوقت ذاته لتوجيه الشباب نحو وسائل الإعلام الهادفة.