قائد الطوفان قائد الطوفان

غزة على مفترق طرق

الحدود الفلسطينية المصرية (الأرشيف)
الحدود الفلسطينية المصرية (الأرشيف)

الرسالة نت - فادي الحسني

ليس ثمة رغد عيش يدفع باتجاه تفكير هادئ في مستقبل قطاع غزة بمنأى عن الحرب، وبخاصة في ظل الحصار القائم والتطورات الصاخبة الحاصلة في المنطقة، ولذلك قد يبدو انزلاق الواقع نحو حالة اشتباك جديدة أمراً واقعياً وخياراً قائماً، ما لم تطفُ إلى السطح حلول سلمية تنزع فتيل الانفجار.

وقبل أن تجبرنا العاطفة في الحكم على مآل الأمور، استثناء انفجار القطاع في وجه (إسرائيل)، علينا أن نتذكر أن التهدئة مع الاحتلال تتآكل تدريجياً وبخاصة أنه لم يجر ترميم الاتفاق المؤقت الذي رعته القاهرة ابان عدوان الصيف الماضي، وعليه فإن التعاطي مع أي خرق (اسرائيلي)، يبدو أنه لن يراعي أصول التهدئة طالما لم تلتزم (إسرائيل) بتجديد بحث المسائل العالقة (المطار- الميناء) والتي كانت شرطا لوقف اطلاق النار.

فضلا عن ذلك، فإن ديناميكية تطور العمل العسكري بالنسبة لقوى المقاومة، والتي ترصدها (اسرائيل) منذ لحظة اعلان وقف اطلاق النار في اغسطس الماضي، تعد مؤشرا واضحا على أن المقاومة لم تركن إلى حالة الهدوء النسبي. كما هو الحال تماما بالنسبة إلى (إسرائيل) التي تترسخ لديها قناعة بأن الحرب الاخيرة على غزة فشلت ولم تؤت أكلها بالقضاء على حماس.

وللعلم، فإنه ليس لدى كل من المقاومة و(اسرائيل) رغبة بمواجهة عسكرية، غير أن الظروف قد تدفع الطرفين نحو هذا الخيار مرغمين، لأجل تحقيق مكاسب سياسية لكليهما. فالمقاومة ممثلة بـ"حماس" تتطلع إلى رفع الحصار، وفي (إسرائيل) يطمح المرشحون للانتخابات المقررة في ابريل الماضي الفوز بفرص أعلى للحصول على مقاعد في الكنيست تؤهلهم للمشاركة بقوة في الحكومة، من خلال مضاعفة فاتورة الدم الفلسطيني.

وفي وقت يرجع فيه مسؤولون توسيع (اسرائيل) للمعابر مع غزة، إلى قناعة الاحتلال بضرورة تلافي الانفجار القادم بأي شكل من خلال تخفيف الحصار، فإن حماس نفسها تدرك أن الذي يجري ما هو إلا إدارة للحصار، وأن المعني الحقيقي للتخفيف عن غزة ليس المقصود فيه اغراق القطاع بالبضائع بقدر ما هو رفع للفيتو عن اعادة الاعمار، ودفع رواتب الموظفين، وفتح المعابر كافة.

هذا من ناحية، أما من الناحية الأخرى فلا يجوز اسقاط غزة من خيار ابرام صفقة سياسية ربما تشهدها المنطقة قريبا على ضوء الحراك السعودي، القطري، المصري، التركي فضلا عن الرسائل التي حملها مبعوثون أوروبيون ومنهم (توني بلير) إلى حماس خلال فترة ما بعد الحرب، قيل إن غايتها سحب فتيل الانفجار من المنطقة تمهيدا لحل سياسي كبير تتطلع له القوى الغربية، أو على الأقل للتفرغ من أجل محاربة "الارهاب" المتغلغل في الشرق الأوسط.

وبناء على ذلك، فليس من المستبعد أن تحرز اللقاءات المتفرقة هذه الأيام لقادة الدول الأربعة، مصالحة قد تأخذ بيد حماس للخروج من مستنقع الحصار، وبالتالي هذا يؤجل المواجهة مع (إسرائيل).

تأسيسا على ما سبق، لا يمكن أن يرجح احتمال الانفجار على الصفقة السياسية في الوقت الراهن، ولكن ما يمكن قوله إن غزة ليس لديها ما تخسره بدليل أن قاعدة عريضة من مواطنيها يعيشون في الخيام تحت خط الفقر، وهذا ما يدفعها إلى أن تسقط اعتبارات الاقليم من حساباتها، لأجل تبديد الواقع المتردي.

البث المباشر