اعتاد رئيس السلطة محمود عباس على التلويح بترك مفاتيحٍ حملها لسنواتٍ في جيبه، فلسطينية المظهر "إسرائيلية" الصنع، مثل "حلّ السلطة، ووقف التنسيق الأمني، وإلغاء اتفاقية أوسلو"، في حين "نسمع جعجعة ولا نرى طحنا"، وفق محللين.
آخر تلك التهديدات التي أطلقها عباس، هي إلغاء اتفاقية أوسلو والتي اعتبرها محللون "جوفاء"، وآخرون رأوا أن تلويح أبو مازن بها، لسبب "فك قيد عائدات الضرائب التي تحتجزها إسرائيل، وتسبب أزمة خانقة للسلطة".
أما أمريكا فتضع تهديدات عبّاس على محمل الجد، معتبرة أنّها تهدد العملية السلمية وتزيدها تعقيدًا، حيث أجرى وزير خارجيتها جون كيري اتصالًا مع عباس، حذّر خلاله من تنفيذ التهديدات التي أطلقها بشأن إلغاء اتفاق أوسلو وحل أشكال التنسيق الأمني مع الجانب "الإسرائيلي".
تلويح
الكاتب والمحلل السياسي البروفيسور عبد الستار قاسم, رأى أن رئيس السلطة محمود عباس لا يملك الجرأة في تنفيذ أطروحاته المتعلقة بمجملها بحل السلطة الفلسطينية، قائلًا " عوّدنا أبو مازن على الحديث بلا فعل". ونعته " بالجبان" أمام الاجراءات "الإسرائيلية".
وأضاف قاسم لـ"" لا يستطيع إعادة القضية الفلسطينية لمكانتها من خلال تصريحاته، لأنّ عباس خطر على فلسطين، ويحسب حسابًا لردود الفعل الأمريكية (..) هو كلتا يديه في النار ويخشى التنفيذ، فقد عودنا أن نسمع منه جعجعة ولا نرى طحنا".
في حين رأى الدكتور عمر جعارة الخبير في الشؤون "الإسرائيلية"، أن أوسلو مدفونة منذ ولادتها، مستشهدًا بقول الراحل ياسر عرفات "ما في أوسلو.. انتهت من زمان".
وأضاف " إذا ألغيت أوسلو أو لم تُلغَ، لن يتغير شيء بغزة من حصار، ولا بالضفة من استيطان وتهويد للقدس"، داعيًا إلى إعادة العلاقة بالضفة المحتلة بين الفلسطيني و"الاسرائيلي" على أساس "مستعمِر ومُستَعمَر"، وليست "أراضي متنازع عليها، أو احتلت بالقوة". وفق المزاعم "الإسرائيلية".
وأشار إلى أنّ إعادة القضية إلى جذورها، سيسبب بروزها إلى السطح بشكل أكبر، ويُظهر جديّة الطرف الفلسطيني بطلبه لحلول الاستقلال.
وأد القضية
لم يختلف المحلل جعارة مع قاسم في أنّ أوسلو وأدت القضية، في حين يرى الأول أن عبّاس رهينة بيدي "إسرائيل" ليتم ابتزازه بما تريد، قائلًا "أبو مازن لا يملك إلا المفاوضات، ويحارب على أنّه محرّض ويرفض السلام، ويلوّح بأوسلو كما سبقها لفك قيد عائدات الضرائب التي تحتجزها إسرائيل، وتسبب أزمة خانقة للسلطة".
وتابع جعارة "الإسرائيلي غير مؤهل للسلام مع الفلسطيني أو مع العرب جميعًا، لأنّه يعتبر الشرق الأوسط أرضه التي أعطاه الله إياها". منوهًا إلى أنّ أي تسوية سلمية بين أبو مازن و اليمين الإسرائيلي المكوّن من (نتنياهو، وبينيت، وليبرمان) هو بحكم المستحيل.
وشاركه بالرأي البروفيسور قاسم، حيث يرى أن "إسرائيل" تتوقع أن يسير أبو مازن على رغبتها بإنهاء الشعب الفلسطيني من خلال قراراته، "مثلما تخلّى عن صفد"، متابعًا "الاحتلال يريد من عباس سياسات لترحيل الفلسطينيين، وإن فشل سيبحثون عن بديل".
اتجاه حماس
ورأى المحللان أن الحل أمام رئيس السلطة توجيه بوصلته صوب غزة، إلا أنّ جعارة قال عليه أن يتحسس رقبته قبل التفكير بذلك.
لكن قاسم يرى أنّ توجيه بوصلة أبو مازن لغزة، وعودته لأحضان حماس، سيتسبب له في عزله من منصبه، وطرد رموز السلطة من الضفة المحتلة.
وقال: "ستعاني الضفة من الضيق المادي، وستدفع ثمن سنواتٍ عاشتها من الرفاهية، وستقطع الأموال عن الموظفين، وتبقى الضفة بحاجة لسنواتٍ من إعادة ترتيب أوضاعها الاقتصادية نتيجة قرارٍ جريء يعيد الكرامة للشعب الفلسطيني".
واختتم حديثه بالقول "إسرائيل" من تستطيع أن تحلّ السلطة، وتنقض العهود والوعود، وأما السلطة فهي أجبن من أن تحل نفسها، مستبعدًا جدية أبو مازن بإلغاء أوسلو".