قائد الطوفان قائد الطوفان

رحيل رجل الاقتصاد يُنهي خلافه الصامت مع الحمد الله

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

غزة - محمود فودة

فوجئت الأوساط الفلسطينية بتقديم محمد مصطفى وزير الاقتصاد ونائب رئيس حكومة التوافق الفلسطينية استقالته من منصبه، فيما اكتنف الغموض الأسباب الكامنة خلف هذا القرار المفاجئ.

رجل الاقتصاد الفلسطيني أو خليفة سلام فياض -رئيس الحكومة الفلسطينية السابق- كما يصفه البعض، حافظ على نظرة الحكومة لغزة على أنها البقرة الحلوب عبر الضرائب المفروضة على كل ما يدخل إليها، إلى أن وصل به الحد لرفض إعفاء وقود محطة توليد الكهرباء الوحيدة بغزة من ضريبة البلو.

مصادر إعلامية موثوقة تحدثت عن نشوب خلاف بين مصطفى ورئيس الحكومة رامي الحمد الله حول ملف إعمار غزة، مما أعاد الذاكرة لبداية فصول الخلاف بينهما إبان تولي الحمد الله رئاسة الحكومة عقب استقالة فياض، إذ دفع طفو الخلاف بينهما آنذاك إلى تقديم الحمد الله استقالته، إلا أن قوبلت برفض رئيس السلطة محمود عباس.

ومع تشكيل حكومة التوافق صيف العام الماضي تولى مصطفى حقيبة الاقتصاد إلى جانب منصبه كنائب لرئيس الحكومة، مما يعني استمرار مسلسل الخلاف بين الرجلين؛ لتبني كل منهما وجهة نظر مختلفة في طريقة التعامل مع ملف الاقتصاد الفلسطيني وفق مصادر حكومية مطلعة.

ويشغل محمد مصطفى منصبًا آخر عدا الوزارة منذ أواخر عام 2005، يعتقد البعض أنه أهم مناصبه فهو رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني الذي تقدر ميزانيته بـ3 مليار دولار، والذي يُعد "وزارة مالية منظمة التحرير"، وأكبر مؤسسة استثمارية فلسطينية تدير برنامجاً استثمارياً يشمل عدة قطاعات اقتصادية حيوية.

وفي هذا الاتجاه رجح مراقبون أن يكون سبب الاستقالة هو الخلاف على ملف اعادة اعمار قطاع غزة بين مؤسستي صندوق الاستثمار التي يترأسها مصطفى، والتي تحتكر توريد الاسمنت للقطاع ومؤسسة بكدار التي يترأسها عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمد اشتية.

وفي أول تصريح له بعد تقديم الاستقالة، عزى مصطفى استقالته لإدارته أكثر من مؤسسة وأنه بحاجة لتخفيف أعباء العمل المُلقاة على كاهله، فيما لم يستبعد آخرون أن يكون سبب الاستقالة عائد لاحتمال اسناد مهمات اقتصادية له خاصة في ظل الاختراق الجاري في ملف إعادة الإعمار.

وما يدعم الترجيح الأخير أن من ضمن ما سرده مصطفى الذي يشغل منصب رئيس اللجنة الوزارية لإعمار غزة في أسباب استقالته أن برنامج إعادة إعمار قطاع غزة أصبح الآن في وضع واعد بعد اتخاذ الدول المانحة الرئيسية خطوات عملية لتقديم الدعم المالي، وأن الفريق الوطني المشرف على تنفيذ البرنامج باشر عمله بشكل فعال.

ورغم شح المعلومات الواردة من مقر المقاطعة برام الله، إلا أن ما تسرب للإعلام يوضح أن طبيعة العلاقة المتينة بين عباس ومصطفى تؤكد أن قرار استقالته جاء بالتوافق بينهما، مما يعني وفق المحلل السياسي ناصر اللحام أن ما يجري هو ضمن مخطط نحو تغيير جوهري في ظل الظروف الاقليمية والمحلية التي طرأت مؤخرًا، قد يؤدي إلى تعديل وزاري أجّله عباس أكثر من مرة رغم إلحاح الحمد الله عليه.

ومما زاد نقمة مصطفى على العمل الحكومي، هو انزعاجه من تداخل الصلاحيات بينه كرئيس لجنة اعمار غزة وبين هيئة الشئون المدنية بقيادة حسين الشيخ، فوفق المحلل الاقتصادي محمد أبو جياب أنهما لم يكونا على حالة وفاق، في ظل مواقف مصطفى الرافضة للإجراءات المتبعة في ملف الاعمار لدى الشئون المدنية، وخاصة فيما يتعلق بخطة سيري التي يراها معقدة ومؤخرة لعملية اعادة الاعمار.

 ويضاف إلى كل ما سبق التعقيدات المالية والامنية والاجرائية التي تحيط بكل مهام الرجل، فلا أموال لإعمار غزة، ومزيد من القبضة الامنية على اجراءات الاعمار، دون وجود توافق حكومي بشأن مهامه واعماله ورؤيته للعمل الحكومي وخاصة بمواقفه ورؤيته للعمل مع غزة.

ويتجه أبو جياب إلى القول إن عباس لن يقبل الاستقالة، بل سيعمل على انشاء حالة من المصالحة الداخلية في مجلس الوزراء للحفاظ على هيكلية الحكومة؛ بسبب تخوفه من الانعكاسات المترتبة عن اي تعديل او استقالات في حكومته على المستوى المحلي والاقليمي والدولي.

ومن ضمن الاحتمالات التي دفعت مصطفى للاستقالة، يرى المحلل السياسي طلال عوكل أن الاستقالة قد تكون بسبب حالة التكبيل المتعمدة لعمل الوزراء والحكومة في قطاع غزة مما يفتح المجال أمام ترك وزراء آخرين لمهامهم إن استمر الوضع على ما هو عليه حالياً.

ولم يستبعد عوكل إمكانية رفض عباس للاستقالة، إلا أن ذلك سيخلق حالة إحراج لرئيس الحكومة الذي وافق على الاستقالة بشكل فوري خلال اخر اجتماع للحكومة، موضحًا أن استقالة شخصية بهذا الوزن يؤكد وجود خلافات حادة بين أطراف قيادة السلطة.

البث المباشر