في اللحظات الأخيرة وبعد أكثر من أربعين يوما من المفاوضات مع الأحزاب اليمينية نجح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتشكيل الحكومة الرابعة في تاريخه السياسي، بعد الاتفاق الذي توصل له مع حزب البيت اليهودي ليضمن تشكيل الائتلاف ويخرج بذلك من عنق الزجاجة الذي وضع نفسه به عندما أعلن رفضه بشكل قاطع تشكيل حكومة مع "المعسكر الصهيوني".
وأمام نتنياهو أسبوع فقط وفقا للقانون الأساسي لتقديم حكومته لتحظى بثقة الكنيست والتي جاءت بهذه التشكيلة بعد أن خضع لشروط رئيس حزب "البيت اليهودي" نفتالي بينت المتمثلة بحصول الأخير على وزارة التربية والتعليم، وايليت شاكيد على وزارة القضاء وكافة الهيئات المنضوية تحتها وأبرزها هيئة تعيين القضاة في المحاكم.
ليست الوحيدة
وحسب توقعات معظم التحليلات الاسرائيلية سيواجه نتنياهو خلال المرحلة المقبلة مشاكل بعد حصوله على ثقة الكنيست الاسرائيلي سيما وأنه لم يغير شيئا بذهابه للانتخابات وسيبقى خاضعا لابتزاز البيت اليهودي وغيره من أحزاب الائتلاف الحكومي، فكيف سينجح نتنياهو في الحفاظ على حكومته؟
المختص بالشأن الإسرائيلي فراس جرار من نابلس يؤكد أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة ستكون بداية لمرحلة يسودها المزيد من التوتر سواء داخل (إسرائيل) وعلى صعيد علاقتها مع الجانب الفلسطيني، مؤكدا أن المعطيات والمؤشرات كافة تقود إلى أن هذه الحكومة لن تحقق شيئا غير الفشل.
ويقول جرار: "حكومة نتنياهو مصيرها الفشل، لاسيما وأن تحالفاتها مكونة من أحزاب متنوعة ما بين محافظة ودينية قومية ومتطرفة ما يقودهم إلى الاحتكاكات والصراعات الدائمة بهدف فرض برامجهم وهو ما سيعني المزيد من التوتر داخل (إسرائيل) ما سيؤدي لاحقا إلى انهيار هذه الحكومة".
ويوضح في الوقت ذاته أن الائتلاف الحكومي الحالي ضعيف مما قد يجعله مستقبلا معرضا لطلبات وابتزازات الأحزاب، التي من المرتقب أن تهدد بتفكيكه إذا لم يستجب نتنياهو لشروطها، مضيفا "هذه الحكومة فاشلة كونها فرغت حزب الليكود من معظم ممتلكاته حيث الخاسر الأكبر من الائتلاف المتشكل هو نتنياهو وأعضاء حزبه".
وكما يتوقع مراقبون بالشأن الإسرائيلي أن سعي نتنياهو للعمل في المجال السياسي خلال الأيام القادمة وخاصة فيما يتعلق بالملفات الخارجية العالقة كالملف الايراني والفلسطيني قد يدخله في معارضة حقيقية من داخل الائتلاف اليميني الضيق الذي شكله ما قد يدفع لتفككه أو يجعله مضطرا إلى إدخال حزب آخر، مما يعني التنازل عن وزارات حكومية أخرى.
حكومة فراغ
ونشرت صحف إسرائيلية عدة تقارير ورسومات تبين نتنياهو كشخص مهان ومتعب بعد أن تلقى الكثير من الدروس والضربات، ومن البديهي أن الدرس الأكبر الذي تلقاه أتى من زعيم "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان الذي رفض المشاركة في حكومته رغم نيله وزارتي الخارجية والزراعة بست مقاعد فقط.
ويبدو جليا في جميع الأحوال وفقا لمعظم القراءات الإسرائيلية أن هذ الحكومة تشكلت فقط من أجل إثبات قدرة نتنياهو على تشكيل حكومة أكثر من أنها جاءت لتحقيق برنامج، خاصة وأن التناقضات الحادة بين أطراف هذه الحكومة تثبت أنها غير قادرة على إقرار سياسة والعمل على تنفيذها لضعف تركيبها.
المختص في الشأن الإسرائيلي عمر جعارة من الضفة يرى أن البدائل بعد تشكيل حكومة نتنياهو صعبة وقد تكون مستحيلة، معلقا: "لا أحد يريد إنقاذ نتنياهو الذي يبدو غير قادر على فعل شيء جوهري لجمهوره وحكومته خلال المرحلة المقبلة".
وهنا توقع جعارة أن تقدم الحكومة الجديدة على زيادة وتيرة الاستيطان والتهويد التي انتهجتها الحكومات السابقة على نحو غير مسبوق، مؤكدا أن هذا الائتلاف كشف عن نواياه المتطرفة لا سيما بعد انضمام وزراء من الأحزاب المتشددة إلى الحكومة وحصولهم على حقائب وزارية هامة فيها.
وفي حال لم ينجح نتانياهو في رفع عدد المشاركين في حكومته فإن فرصة صمودها حسب جعارة ستبقى ضعيفة، موضحا في الوقت ذاته أن "اسرائيل" تعاني في هذه المرحلة من أزمة نظام سياسي.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي توصل سابقا لاتفاقات مع أحزاب "شاس" (سبعة مقاعد) برئاسة أرييه درعي، و"كلنا" (عشرة مقاعد) برئاسة موشي كحلون، و"يهودية التوراة" (ستة مقاعد) برئاسة يعقوب لتسمان، للانضمام إلى الائتلاف.