قائد الطوفان قائد الطوفان

حماس وسباق المحاور.. الخيار الأصعب

قيادة حركة حماس (الأرشيف)
قيادة حركة حماس (الأرشيف)

الرسالة نت- محمود هنية

بدأت حركة حماس تحط رحالها في منطقة تعج بالمحاور والمتناقضات، وتحسب سياساتها على ميزان من "ذهب"، بما تحمله علاقاتها من حسابات حساسة في ضوء الصراع المحتدم، والمتغيرات التي تفرضها العوامل الجيوسياسية، أي عوامل الالتقاء بالتأثير السياسي والجغرافي على القضية الفلسطينية.

وتبدو حماس أقرب إلى فرس رهان في هذه المحاور التي تتشكل حولها قطبا السعودية وايران، وتتسارع بطريقة غير اعتيادية، اتجاه قضية ترعى اهتمام الأطراف على مختلف تناقضاتهم، مع بقاء السؤال برسم السياسية أين حسمت حماس أمرها؟ وفي أي ساحة ستتسابق خيلها؟

الإجابة على هذا السؤال تبدو معروفة للوهلة الأولى لدى قيادة الحركة التي شددت على حرصها اتجاه العلاقة بين ايران والسعودية، لكنّها برأي مراقبين لا زالت أشبه بـ"طهي الحصى"، إزاء ملفات مثقلة في المنطقة تتقدم أولوية الطرفين عليها قبل العلاقة مع حركة حماس.

حماس بحسب مسؤولين فيها ما زالت تتحرج من لقاء صريح مع الجمهورية الإسلامية، لعوامل سياسية معروفة تتعلق بدور إيران في المنطقة، كما ولم تنف حرج موقع العلاقة مع الأخيرة إزاء علاقاتها مع السعودية واحتمالية أي لقاء قريب يجمع رئيس الحركة مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، إذ أن قطبي المنطقة ينظر كل منهما بحساسية تجاه موقف الحركة وتعاطيها معهما.

وسرّب مصدر قيادي مطلع لـhttp://alresalah.ps/ar/uploads/images/b1903027b55a1a33129bc57664f6d239.png ، وجود جهود تركية وقطرية تتمثل في رسائل واتصالات، بشان الاعداد لزيارة خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة، مؤكدًا وجود إشارات إيجابية من الملك السعودي سلمان إزاء هذه الزيارة، متوقعًا أن تكون هذه الزيارة بداية موسم الحج، كما جرت العادة من استقبال المملكة لشخصيات مهمة.

وقال المصدر إن الأمير القطري تميم بن حمد يتولى هذه المهمة، ولا تزال الإشارات الإيجابية تتوالى. فيما عزا مراقبون تأخير زيارة مشعل للمملكة بفعل الملفات الثقيلة التي تحملها السعودي تحديدًا في ملفها الداخلي وجملة التغيرات التي جرت مؤخرًا، فضلا عن الملف اليمني، وغيرها من الملفات.

ولخّص المراقبون العلاقة بين حماس والسعودية ضمن ثلاثة محاور رسمت طيلة العقدين الماضيين فيما بينهما، الأول كان يمثل الحالة العدائية والثانية الركون والهدنة، والثالثة عملية التطبيع، بينما تقول قيادات بحماس إن العلاقة الآن انتقلت من العداء إلى الهدوء والسكون، وهي في طريقها للتطبيع، وهو ما سيتمثل بزيارة قادة حماس ورئيس الحركة للسعودية.

وما يستشهد به المحلل السياسي محمد السعيد من الرياض، إزاء هذه الرؤية، "المغازلة " التي باتت تلفت نظر المراقبين في صحف المملكة نحو حماس وتوقفها عن التهجم عليها، بعد سنوات عجاف امتلأت فيها تلك الصحف بالكثير من النقائص ضد الحركة وقياداتها.

حماس وإيران

في المقابل وعلى الجانب الآخر، كانت حماس أشد حرصًا على إبقاء شعرة معاوية مع ايران، التي تجمدت العلاقة معها في المستوى السياسي، وبقي الأمر مرهونًا بزيارة لرئيس الحركة خالد مشعل تذيب الجليد في العلاقة بين الطرفين.

وإن اتفق الطرفان على استبعاد الملف السوري من تطورات العلاقة، إلّا أن كلا الطرفين لا يخفيان حجم التعقيدات التي تقف في العلاقة بينهما في ضوء ما تحمله المنطقة من ملفات مثقلة تتعلق بدور إيران والحرب على اليمن وغيرها من المستجدات الراهنة، والتي تجعل الحركة في حرج حال التعاطي الفعلي مع إيران وزيارة "أبو الوليد" لها.

وكشف مصدر قيادي من حماس لـ"الرسالة"، عقد لقاء جمع كلًا من الدكتور موسى أبو مرزوق وعماد العلمي عضو المكتب السياسي بحماس مع قيادات إيرانية في بيروت، لبحث سبل العلاقات بين الطرفين، مع التأكيد على حساسية الأوضاع التي تمر بها العلاقة.

وقال المصدر إن إيران تبدى لومها إزاء تجاهل حماس لدورها في القضية الفلسطينية، إلّا أن الحركة اكدت حرصها على هذا الدور، "مع التذكير على حساسية الأوضاع بينهما".

أمّا وجهة النظر الإيرانية، التي كشف عنها ناصر السوداني مسئول ملف فلسطين بالبرلمان الإيراني لـ"الرسالة"، بأن "الجمهورية لديها قرار احتواء العلاقة مع حماس مهما كان الثمن، لقناعة كل طرف بأهمية الآخر في محور يواجه اعتى مراحل الخطورة".

وما يجمع المراقبون عليه، أن العلاقة مع السعودية تشكل مدخلًا لوضع حماس على طاولة الشرعية الإقليمية، وستفتح لها كثيرًا من العلاقات مع دول محورية وأطراف ناصبت الحركة العداء، وسيساعدها أن تبرح مرحلة ليس الاستعداء السعودي فحسب بل ومرحلة استعداء المحور الذي تقوده السعودية (الاعتدال)، بما يضمه من قوى مثل مصر والأردن، وهو يشكل مفتاحًا لتخفيف ممكن في التوتر بالعلاقة بين حماس والقاهرة تحديدًا، وقد يساعد في رفع جزء من الحصار المفروض.

وإن كان لا يعول كثيرًا على الدور السعودي في اقناع القاهرة، التي شرعت سيفها الإعلامي تجاه المملكة، إلّا ان ما تحمله السعودية من أوراق ضغط لا شك أنه سيؤدي الى تخفيف ممكن في هذه السياسات العدائية.

ويضاف لهذا الدعم الممكن، دعمًا سياسيًا خاصًا واقتصاديًا قد يساعد غزة ببعدها الإنساني في تجاوز كثير من مراحلها، الا ان الدور العسكري لا يزال مناطًا بشكل حصري لإيران التي تقف وحدها في هذه المنطقة بالمجاهرة في تسليح الحركة، في وقت تصر فيه القيادة الإيرانية بأنها لم تقطع الدعم العسكري لحماس.

البث المباشر