قال رئيس اللجنة الاقتصادية في المجلس التشريعي د. عاطف عدوان، "إن هناك شكلا من اشكال الحصار المالي تفرضه السلطة الفلسطينية وتتعاون فيه مع (اسرائيل) والولايات المتحدة وبعض الدول العربية على قطاع غزة"، معتبرا أن هذا الأمر يشعرهم بوجود منهجية الهدف منها تركيع سكان غزة ودفع المقاومة لتغيير منهجها والانسجام مع رؤية رئيس السلطة محمود عباس القائمة على العمل الدبلوماسي.
وأضاف عدوان في حديث لـ، "المؤامرة على القطاع ما تزال مستمرة والحصار المالي الذي نعيشه مستمر بفعل سلطة رام الله"، معيبا على السلطة استمرارها في النهج الذي قال انه يخدم الاحتلال.
وأكد أن المجلس التشريعي ليس بإمكانه اتخاذ أي خطوة ضد حكومة التوافق على ضوء عدم القيام بواجبها تجاه قطاع غزة، لأنه من الأصل لم يمنحها الثقة، لافتا إلى أن الحكومة لم تقدم موازنتها البتة لهذا العام للمجلس التشريعي لأجل اقرارها، "وتسقط قطاع غزة من هذه الميزانية".
وأشار إلى أن احتياجات القطاع تصل إلى 35 مليون دولار شهريا، دون ان تغطي السلطة أي منها، مبينا أن السلطة تجني ما قيمته 60 مليون دولار شهريا من القطاع عبر المقاصة وغيرها.
وتابع النائب عدوان: "بطرح قيمة احتياجات القطاع مما تجنيه السلطة من ايرادات يتبقى فائض عن الحاجة 25 مليون دولار شهريا، وهذا المبلغ في ذاته كاف لخلق فرص عمل اضافية وتنشيط القطاع الاقتصادي وملء الشواغر".
السلطة تتجاهل احتياجات القطاع البالغة 35 مليون$ فيما تجني منه 60 مليون$ شهريا
وعبر عن تفاجأ المجلس التشريعي بإسقاط حكومة التوافق -التي تشكلت قبل عام- القطاع من موازنتها، "رغم أنها من المفترض ان تعنى بكل محافظة من محافظات الوطن"، مستهجنا أن تتدفق أموال المساعدات التي تمنح للشعب الفلسطيني، باتجاه خزينة السلطة برام الله.
وعن سؤاله: لماذا لا يخرج المجلس التشريعي لينزع الثقة عن الحكومة؟، أجاب "نحن لم نعط الحكومة ثقة حتى ننزعها، وحركة حماس عندما وافقت أن يؤجل منحها الثقة عبر المجلس التشريعي وقعت في فخ".
وأضاف عدوان "أي حكومة لا تحوز على ثقة التشريعي لا يمكن اعتبارها حكومة حتى وان حصلت على توافق سياسي أو أخدت موافقة الرئيس".
وأكد في الوقت نفسه على أنه كان هناك محاولة لإخراج المجلس التشريعي من المشهد، واضعافه بشكل متعمد، قائلا "منذ البداية أرادت فتح ان تخرج المجلس التشريعي من الصورة لأنه يمثل القوة بالنسبة الى حركة حماس على اعتبار انها تمثل الاغلبية فيه، وكان الهدف أن يتفرد الرئيس بالسلطة".
وشدد على أن هناك أيضا محاولة لإخراج حماس من المشهد السياسي من عباس، "حيث أعطى لنفسه القرار النهائي في تشكيل الحكومة وأقر ميزانيتها وغير ذلك، بعيدا عن البرلمان" كما قال.
أزمة جديدة
في سياق منفصل، عبر رئيس اللجنة الاقتصادية في المجلس التشريعي، عن أسفه جراء الأزمة الجديدة التي خلقها الإعمار للشعب الفلسطيني، مبينا أن اعمار القطاع من جراء العدوان الاخير (صيف 2014) يراد استخدامه كأداة من ادوات الانصياع (لإسرائيل).
وأخذ عدوان تصريح وزير الخارجية الالماني خلال زيارته الى قطاع غزة مؤخرا، الذي قال فيه "ان التنمية مقابل التعايش مع اسرائيل"، دليلا على أن هناك محاولة للمساومة على الاعمار من الاحتلال، وكذلك السلطة الفلسطينية.
واستنكر في الوقت نفسه فرض السلطة شروط على الممولين لإعادة الاعمار، بأن تصب الأموال في خزينتها برام الله، وقال "السلطة اوقفت الاعمار من ناحية مبدئية، المانحين الكثير منهم انصاع لرغبة السلطة .. هناك استعداد من الممولين وحتى الاوربيين لدعم الاعمار، ولكن السلطة تمنع ذلك مطلقا سواء عبر منع إدخال المواد الخام أو اعطاء أموال للمقاولين أو اعتماد مشاريع، وذلك لغاية اجبار الممولين تمرير الأموال عبر خزينتها.
في موضوع آخر، أكد النائب عدوان أن الأزمة المتعلقة بأموال الايتام والتي يحجب بنك فلسطين صرفها، تحتاج إلى "ضغط حقيقي على البنك لأنه يقوم بحصار الشعب الفلسطيني وحرمان الايتام من حقوقهم" حسبما قال.
بنك فلسطين غير مدفوع بقضايا سياسية او قانونية وانما يعمل وفق اجندة مجلس ادارته
وعبر عن اسفه لتجاهل سلطة النقد دور المجلس التشريعي ورفض التعامل معه لأجل حل هذه الازمة، مبينا أن هناك محاولات متعمدة لإغفال الازمات في غزة، خصوصا ازمة اموال الايتام التي يفرضها بنك فلسطين.
وقال عدوان "للعلم فقط بنك فلسطين غير مدفوع بقضايا سياسية او قانونية وانما يعمل وفق اجندة مجلس ادارته، دون ان يكون هناك أي مبرر وسبب واضح للأزمة التي يصنعها".
وتابع قوله "الاموال التي يمنعها البنك عن المؤسسات الاجتماعية والاهلية هي التي كان يقوم عليها اقتصاده أول ما أنشئ وكان ضعيفا وكاد ان ينهار، وعندما بدأ يقف على قدميه كان ذلك نابعا من أموال الأيتام والأرامل والشهداء".
الحصار ومن يقف خلفه خلق طبقتين في المجتمع تجار وفقراء
في الوقت ذاته، شدد على أن غزة لها نصيب من الارباح التي تجنيها المؤسسات الضخمة، موضحا أن هناك أكثر من طريقة للحصول على الحقوق بإقامة دعوى ضد هذه المؤسسات التي تؤمن اعمالها ويفتح لها السوق وترفض ان تدفع الضرائب المستحقة عليها في غزة.
وأشار إلى أن البديل في حال فشلت رفع الدعاوى، هو ترك المجتمع بأن يمارس ضغطا على هذه المؤسسات من خلال المقاطعة.
طبقية
وفي سياق مختلف، اعتبر النائب عن حركة حماس في المجلس التشريعي، أن المتهم الأول في الطبقية الموجودة في المجتمع هو الحصار ومن يقف وراءه سواء السلطة او (اسرائيل) او الجهات المتعددة، وقال "الحصار خلق حالة غريبة في المجتمع، وطبقتين تجار يملكون المال الضخم وطبقة فقيرة، وبالتالي لم يعد لدينا طبقة وسطى".
واشار إلى أن 70% من الناس أصبحوا تحت خط الفقر. ولكن رغم ذلك لا يتوقع عدوان أن يموت الناس جوعا في غزة بسبب "وجود المؤسسات الدولية الداعمة والانسانية التي تقدم خدمات للفقراء".
وعن ضريبة التكافل التي شهدت لغطا واسعا في الشارع الفلسطيني، قال إن الضريبة مجمدة لفترة محدودة، ولكن هناك خلط بين التعلية السعرية مقابل الخدمات التي تقدمها الحكومة، وبين ضريبة التكافل.
أدعو لرفع دعوى ضد المؤسسات التي يفتح لها سوق غزة وترفض ان تدفع الضرائب
وفرّق النائب عدوان بين الاثنتين، بأن التعلية السعرية تفرض على كافة المواد المستورة لكن ضريبة التكافل ستفرض على السلع ذات الطبيعة الخاصة يقصد (السلعة الكمالية).
واعتبر أن التعلية السعرية اسبابها الشح المالي، مؤكدا أنه خلال السنوات الثلاثة الاخيرة لم تكن تتلقى الوزارات أكثر من 25 -40% من مستحقاتها السنوية، وهذا ما دفع باتجاه هذه التعلية.
واختتم عدوان قوله في الملف السياسي واحتمالات أن يشهد قطاع غزة انفراجا قريبا، قائلا "ارتباطات مصر مع جهات اقليمية واسرائيل والولايات المتحدة مقدمة بشكل كبير على علاقتها مع حماس ومع القضية الفلسطينية وبالتالي إذا حدث تحسن في العلاقة من الممكن ان يخفف من الحصار المفروض على غزة".