قائد الطوفان قائد الطوفان

"السكيت".. حذاء يود صاحبه تحقيق الحلم

خلال ممارسة الرياضة بحذاء السكيت
خلال ممارسة الرياضة بحذاء السكيت

الرسالة نت- محمد أبو زايدة

طفل في الثامنة من عمره، يتأمّل على عتبة بيته من يمرّوا أمام ناظريه، حتّى شدّه مشهدٌ لشبانٍ يتزلجون على أحذية في كعبها دواحيل، تسمى (سكيت)، فراقب تحركاتهم وقفزاتهم عن كثب، ثم طلب من والديه حذاءً مشابهًا، وحصل على واحدٍ بعد أشهرٍ معدودات.

ارتدى يحيى عاشور حذاء (السكيت)، وحاول جاهدًا التزلج كما رأى من أبناء حيّه -الرمال-وسط مدينة غزة، إلّا أنه سرعان ما هوى أرضًا، فضحك منه ثلاثة شبانٍ كانوا بالقرب منه يمارسون هذه اللعبة.

" نفضت الغبار عني، ومنذ ذلك اليوم قطعت عهدًا على نفسي أن أصبح ملك (السكيت) في غزة"، يقول عاشور (23 عامًا)، مشيرًا إلى أنّه طلب منهم بادئ الأمر تعليمه، إلّا أنّهم رفضوا ذلك ساخرين من عمره.

عاد أدراجه للبيت، والحزن يخيّم عليه، ثم طلب من شقيقه الأكبر مساعدته في تعليم الرياضة، فأحضر له فيديوهات عن مهارات السكيت، وكيفية الوصول إلى الاحتراف.

يشاهد مقاطع الفيديو تارة، وينزل إلى شارع حيّه تارة أخرى ليمارس رياضته المفضلة. يقول عاشور " أصيب مرة، وأخطئ أخرى، حتى أضحيت أتقن السكيت جيدًا".

ومع مرور الأيام يزداد شغف الفتى في اتقانه للعبة، ويسعى للوصول إلى حلمه الذي وعد به أن يصبح -الأوّل على غزة- في ممارسة الرياضة.

ويستحضر اتصالًا وصله من أحد محترفي غزة وهو بعمر الـ(12عامًا)، فأثبت مهارة في النزول على درج أحد الأبنية، وهو يرتدي حذاء (السكيت)، "حتى انبهروا من قدراتي"، فنظموا سباقًا بينهم سعى عاشور خلاله الفوز بالمرتبة الأولى، إلّا أنّ أحدهم همس في أذنه "أنت مبتدئ ويجب أن تبقى بالخلف".

لم تتعدَّ ساعة على الهمسة التي اخترقت آذان وجسد عاشور، حتى قرر أن يزيد من جرعات تدريباته برياضة (السكيت)، حتى نُظم عرض في أحد النوادي، وبعدما أثبت مهارته طلبوا منه أن يقود الفريق.

"واجهت من نعتني بالمبتدئ، وأخبرته أنني سأكون ملك هذه الرياضة"، يقول عاشور، فجرت بعدها بأشهر تصنيفات وحصل على المركز الأوّل بهذه الرياضة في غزة".

ورُغم المركز الذي حصل عليه عاشور، إلّا أنه وبقرارة نفسه لم يكن كامل الرضى عن أدائه، ويعقب "كنّا نمارسها بدون قواعد، لكنني تواصلت مع مدرب روسي، وأنهيت معه جميع مراحلها بالدراسة والممارسة".

لم ينقطع تواصله مع مدربه الروسي، فكان يزوده بالحركات من خلال رفعها على الشبكة العنكبوتية، ويتلقى تعديلات، وتحفيزات، ثم أوصاه المُدرب بأن يحافظ على هذه اللعبة لما لها من فوائد، تتمثل بحرق 360 سعرة حرارية خلال نصف ساعة تدريبية، وتساعد على تنشيط الذاكرة، وتقوية العضلات، وتُعطي قوة في التركيز.

وعن سؤاله مدى مخافته من الكسور التي قد يتعرض لها أثناء تدريباته، أجاب أنّ الآلام التي كان يشعر بها نتيجة الإصابة، لا تقارن بحجم المتعة التي تمنحهم إياها هذه الرياضة في ظل أجواء الكآبة التي يعيشوها بفعل الأزمات التي خلفها الحصار المفروض على غزة.

واصل عاشور تدريباته في حيّه نتيجة عدم وجود نادي مخصص لهذه الرياضة، حتى دعته مجموعة مؤسساتٌ لأداء عروضٍ بالـ"سكيت" في حفلاتها، حتى حصل على عددٍ من الشهادات الفخرية والتحفيزية، التي يصفها بالقول " هذه أعظم شيء في حياتي، وهي تعطيني حافزًا لأن أكمّل مسيرتي".

مع مرور الأيام، وضع عاشور حجر الأساس لحلمه، المتمثل بنادي يختص به، فبدأ بتدريب أبناء حيّه على هذه الرياضة في الشارع، وزرع الرغبة لديهم، حتى وصل عددهم نحو (68 لاعب)، تختلف أعمارهم من الـ(5 أعوام)، حتى الـ(18 عامًا).

"أواصل ثماني ساعاتٍ يوميًا في تدريبهم، وهدفي الأساسي أن أرغّب أكبر قدر ممكن منهم في هذه الرياضة"، وأعلن عاشور عن عقد أوّل بطولة "سكيت" في غزة، تقام في الحادي عشر من رمضان برعاية شركة بيبسي.

ويضيف عاشور أن افتقادهم لأندية وأمكنة خاصة بممارسة لعبة "السكيت" يضطرهم للنزول إلى الأحياء والشوارع رُغم ما يشكله ذلك من خطورة عليهم، مطالبًا بتوفير أندية تحميهم من الخطر.

البث المباشر