غموض متعمد وصمت يزيد علامات الاستفهام.. سياسة يبدو انها أولى مراحل التفاوض بين حركة حماس والاحتلال حول ملف الاسرى الاسرائيليين في قطاع غزة.
لم تكن مصادفة تلك الرسائل المتبادلة التي جرت بالتزامن مع الذكرى الاولى للحرب على غزة، ففي الوقت الذي تحدثت فيه حماس عن طلب (إسرائيل) منها التفاوض عبر وسطاء حول مصير جنديين وجثتين أجبرت (إسرائيل) على الحديث عن اثنين من الاسرى لدى المقاومة بعدما اخفت ذلك طوال عام مضى على العدوان الاخير على غزة صيف العام الماضي.
في المقابل لم ترد حماس باي تعليق او تلميح وانما اكتفت بتعيين أحد أبرز قادتها في قطاع غزة يحيى السنوار على رأس وفد الحركة المسؤول عن إجراء مفاوضات إتمام صفقة جديدة لتبادل الأسرى مع (إسرائيل)، في اشارة إلى أن الحراك بدأ في الملف.
ولم يكن مستغرباً اختيار السنوار لرئاسة هذا الملف إلى جانب رفيق السجن روحي مشتهي والقيادي في الحركة صالح العاروري وجميعهم اعضاء مكتب سياسي في الحركة، خاصة ان السنوار شارك في مفاوضات صفقة وفاء الاحرار من داخل السجن عام 2008.
كما ان اختيار السنوار صاحب الشخصية المعروفة بالقوة والصلابة والحذر إلى جانب علامات الاستفهام التي وضعتها على نصب تذكاري في ساحة ميدان فلسطين مؤخراً، قرأها البعض على أنها رسائل من حماس بان هناك حراك جدي يجري في ملف الاسرى.
وتحدث أكثر من قيادي في حركة حماس على ان سياسة الصمت التي التزمت بها الحركة، دفعت الاحتلال للإقرار بالخسائر البشرية.
ومن الواضح ان حماس استفادت من الصفقة السابقة وما جرى في كواليسها وبدأت تدير معركة المعلومات مع الاحتلال بحكمة.
وفي وقت بقيت الاشارات غامضة خلال العام الماضي جاءت الرسائل بالتزامن مع الذكرى الاولى للحرب اكثر وضوحاً ويبدو انها محاولة لنقل الملف من حال الجمود إلى الحراك الإيجابي بشكل تدريجي يُفضي إلى إنجاز الصفقة خلال مدة زمنية غير طويلة.
ملف الأسرى يهم بالدرجة الأولى الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لكنه يحظى باهتمام كبير من عدة اطراف حاولت بدورها الدخول على خط الوساطة لتسريع اتمام الصفقة، خاصة ان المتغيرات على الساحة الاقليمية لها علاقة قوية بتحريك المياه الراكدة في الملف خاصة مع التوتر القائم في العلاقة بين حركة حماس والجانب المصري والتي شهدت تحسنا طفيفا مؤخراً.
ويبدو ان هذا التحسن سينعكس ايجاباً على ملفات التفاوض بين المقاومة والاحتلال، خاصة وأن أي اتفاق يلعب فيه الجانب المصري دورا بارزا.
وبخلاف صفقة وفاء الاحرار التي عقدت عام 2011 بعد خمس سنوات من أسر الجندي جلعاد شاليط، تزداد التوقعات بان الصفقة قد تكون أسرع من سابقتها لكن هذا لا ينفي صعوبة المباحثات والمفاوضات حول هذا الملف لاعتبارات عديدة أبرزها ان (إسرائيل) لا ترغب في منح حماس أي إنجاز أو مكسب يُحسب لها، لكنها في المقابل مجبرة على التعاطي معها.