سلط تقرير للجهاز المركزي الأوروبي للإحصاء (يوروستات) الأضواء مجددا على مشكلة تفاقم الديون السيادية للدول الـ19 الأعضاء في منطقة اليورو، وكشف عن ارتفاع قياسي في الربع الأول من العام الحالي لمستوى هذه المديونية التي غطت عليها تفاعلات أزمة ديون اليونان في الشهور الأخيرة.
وأظهر تقرير يوروستات أن ديون منطقة اليورو زادت في الشهور الأربعة الأولى من العام 2015 بنحو 134.6 مليار يورو (147.4 مليار دولار) لتناهز في المجموع 9.43 تريليونات يورو (10.3 تريليونات دولار)، وهو ما يمثل 92.9% من إجمالي الناتج الاقتصادي السنوي لدول المنطقة، ووفقا للتقرير نفسه فإن ارتفاع ديون منطقة اليورو مقارنة بناتجها السنوي بلغ مستوى قياسيا في الربع الأول من العام الجاري مقابل 92% حققتها في الربع الأخير من 2014.
وذكر تقرير المؤسسة نفسها أن حجم ديون خمس دول في منطقة اليورو فاق 100% من حجم اقتصادها، وأشار إلى أن ديون إيطاليا ما زالت تمثل قنبلة موقوتة تبعث على القلق الشديد في أوروبا بسبب استمرار الارتفاع الكبير في دينها العام، إذ زاد بواقع 49.6 مليار يورو (54.3 مليار دولار) في الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري ليبلغ بذلك 2.18 تريليون يورو (2.38 تريليون دولار).
الدول الأسوأ
ويمثل حجم ديون إيطاليا 135.1% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وهو ما يجعلها تحتل المرتبة الثانية في قائمة أسوأ الدول بمنطقة اليورو بعد اليونان من حيث ارتفاع حجم الديون مقارنة بناتجها المحلي.
ويعد حجم الديون مقارنة بالناتج المحلي مقياسا يعتمد عليه الكثير من المستثمرين والمؤسسات الاقتصادية في التعرف على قدرة دولة ما على تحمل أعباء ديونها، ومن المعروف أن أثينا تحتل منذ سنوات صدارة قائمة دول المنطقة في هذا المجال، بديون تعادل 168.8% من ناتجها المحلي الإجمالي.
وذكرت تقارير صحفية ألمانية أن إيطاليا أصبحت مؤخرا إحدى دول منطقة اليورو التي تعاني من تفاقم في دينها العام، وقد لجأت روما لإدراج عوائد الدعارة وتجارة المخدرات والتهريب ضمن مصادر دخلها الرئيسة بهدف تقليل حجم ديونها الضخمة، وإظهار نفسها بمظهر القادرة على سداد أقساط الديون غير أن هذا لم يخفف من حدة مشكلة المديونية.
وذكر تقرير يوروستات أن البرتغال احتلت المرتبة الثالثة في حجم المديونية بعد إيطاليا بنسبة 129.6% تليها بلجيكا (111%) ثم قبرص (106.8%)، وجاءت إسبانيا في المرتبة الخامسة بدين عام يعادل 100% من حجم اقتصادها.
الحالة الإسبانية
وتثير إسبانيا مخاوف أوروبية من احتمال أن تسفر انتخاباتها العامة المقرر إجراؤها نهاية العام الحالي عن فوز حزب بوديميوس (ويعني بالإسبانية "نحن نستطيع") اليساري، والذي تتركز مطالبه بإعفاء منطقة اليورو لبلاده من جزء كبير من ديونها أو خروج مدريد من المنطقة وعملتها الموحدة اليورو.
وتزامن إصدار التقرير الدوري ليوروستات مع نشر وسائل إعلامية ألمانية تحذيرات لعلماء وخبراء اقتصاد أميركيين بارزين من احتمال انهيار اليورو في المدى القصير.
ونقلت أسبوعية فوكوس الألمانية عن العالم الأميركي الحاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد بول كروغمان تشبيهه العملة الأوروبية الموحدة بالقميص الذي يرغَم المرضى النفسيين على ارتدائه عند جلبهم للمصحات العقلية.
وأضاف كروغمان أن اليورو "أشبه بذلك الرداء الذي لا يمكن الخروج منه، ودون إطار اقتصادي هادف لن يتمكن هذا المشروع من الاستمرار".
وأشارت المجلة الألمانية إلى أن تحذيرات كروغمان اتسقت مع تصريحات متتالية صدرت مؤخرا عن المحافظ السابق للبنك المركزي الأميركي ألان غرينسبان من عدم إمكانية حل أزمة الديون السيادية لمنطقة اليورو إلا بخروج اليونان من هذه المنطقة.
ولفتت فوكوس إلى تخوف المراكز الاقتصادية الأميركية على نطاق واسع من تسبب بقاء أثينا في منطقة اليورو في سحبها دول ضعيفة بالمنطقة للانهيار معها، وتدمير منظومة اليورو في نهاية المطاف.
الجزيرة نت